تل ابيب -العرب اليوم
رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بنيت، أعلن أنه سيضع المسألة الإيرانية على رأس سلم الاهتمام خلال زيارته إلى الولايات المتحدة، التي ستبدأ مساء اليوم الثلاثاء، فقد أكدت مصادر مقربة منه، أنه سيسعى لإيجاد آلية عمل جديدة مع الإدارة الأميركية تضع حداً للمتاعب التي سببتها سياسة الحكومة السابقة، برئاسة بنيامين نتنياهو، وتحسين العلاقات المشوشة مع الرئيس جو بايدن وإدارته، وإقامة علاقة جديدة مبنية على الثقة المتبادلة، وتقويم العلاقات المنهارة مع كل من الحزب الديمقراطي الأميركي ومع يهود الولايات المتحدة.
وقالت هذه المصادر، إن بنيت يولي الموضوع الإيراني أهمية قصوى، من دون شك، ولكنه في الوقت نفسه، يريد تغيير نمط العلاقات بحيث يتاح مجال لتقبل الاختلاف بالرأي بين الحكومتين، من دون تحويل الأمر إلى أزمات. ومن طريقة الاستعدادات للزيارة، تبين أن بنيت أبلغ مساعديه أنه مستعد لبحث أي موضوع يرغب به الأميركيون، حتى لو لم يعجبه موقفهم، كما هو الحال في الموضوع الفلسطيني أو في العلاقات الإسرائيلية الصينية، لا بل إنه أعرب عن استعداده للدخول في حوار إيجابي حتى في القضايا المختلف عليها.
المعروف أن بنيت يغادر، اليوم الثلاثاء، إلى واشنطن، في زيارة قصيرة وقليلة المشاركين (بسبب كورونا)، وتستمر حتى بعد غد الخميس. وسيلتقي هناك مع وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع، لويد أوستين، ثم مع الرئيس بايدن. وبسبب عطلة الكونغرس، سوف يلتقي عدداً قليلاً من النواب، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مع التأكيد على قيادة الحزب الديمقراطي الذين دخلوا في أزمة شديدة مع نتنياهو. كما سيلتقي قادة المنظمات اليهودية، التي كانت هي أيضاً في خلافات جدية مع حكومة نتنياهو ولم تتورع عن مهاجمته. ويريد بنيت منها أن تستعيد دورها الداعم لإسرائيل والمؤثر في السياسة الأميركية لصالحها. ويتوقع الإسرائيليون أن يستقبل بنيت بترحيب شديد لإظهار مدى تحمس أميركا بايدن، بكل شرائحها، لتغيير نتنياهو ورغبتهم في نجاح حكومة التغيير. ولكنهم في الوقت نفسه سيطرحون عليه عدة مطالب، بينها ما يوجد قضايا مختلف عليها.
وكان بنيت قد صرح بأنه سيغادر إلى واشنطن للالتقاء بالرئيس الأميركي جو بايدن، «في توقيت مهم جداً»، لأننا موجودون في نقطة مصيرية بشأن إيران، التي تتقدم بسرعة في تخصيب اليورانيوم، وقد قصّرت بشكل ملموس الفترة الزمنية المطلوبة لتجميع مواد تصنيع قنبلة نووية واحدة. ولفت إلى «أننا ورثنا حالة ليست ببسيطة حيث إيران تتصرف ببلطجية وبعدوانية في كل أنحاء المنطقة. سأقول للرئيس بايدن، إن الآن هو الوقت المناسب لصد الإيرانيين ووقف هذه التصرفات، ويجب عدم إعطائهم أي فرصة لتحسين أوضاعهم من خلال إعادة الدخول في اتفاقية نووية، قد انتهت صلاحيتها. فهي لم تعد ذات صلة بالواقع أيضاً بالنسبة لمن اعتقد سابقاً بأنها كذلك». مشدداً على أنه لن يكتفي بهذا، وسيعرض خطة منهجية أعدها فريقه خلال الأشهر الأخيرة لكبح جماح الإيرانيين، «على الصعيد النووي وعلى صعيد العدوان الإقليمي أيضاً».
اللواء احتياط الإسرائيلي عاموس غلعاد، المدير السابق للدائرة السياسية الأمنية في وزارة الأمن، اعتبر هذه الزيارة «من أهم زيارات رؤساء حكومة إسرائيل للولايات المتحدة»، وذلك لأنها «تحمل مهمة كبيرة هي (بناء ثقة حقيقي بين البلدين لمواجهة التحديات المشتركة)». وقال غلعاد، أمس، في محاضرة له في معهد السياسات والاستراتيجية في مركز متعدد المجالات في هرتسيليا، الذي يرأسه شخصياً، إن قضية التهديد الإيراني ستكون على رأس الاهتمام من قبل الطرفين. إذ إن بايدن ورث وضعاً فشلت فيه الإدارة السابقة، في كبح إيران في السباق إلى حيازة خيار نووي عسكري، ويعرف أن سياسة سابقه، دونالد ترمب، بتأثير من نتنياهو، هي السبب. وهو مقتنع بأن الاتفاق، مهما كان سيئاً، أفضل من الأوهام التي تحطمّت، ومفادها أن فرض عقوبات اقتصادية وعزل إيران سيكسرانها من الداخل وسيوقفان عملية تطوير القدرة النووية العسكرية، فرغم العمليات الممجدة والعقوبات الشديدة، إيران تتقدم نحو الهدف، أي مراكمة معرفة وقدرات كأساس لحسم قرارٍ سياسي، متى وبأي وتيرة هو الاختراق نحو حيازة سلاحٍ نووي». ويضيف غلعاد أن «الولايات المتحدة بسبب حساباتها السياسية المختلفة، معنية باستئناف مفاوضات الاتفاق النووي. فإذا حصل ذلك، ستجد إسرائيل نفسها معزولة ولن تستطيع من ناحية استراتيجية أو سياسية، مهاجمة البرنامج النووي الشامل لإيران عسكرياً. وإذا لم يُوقّع اتفاق، سيكون مطلوباً من إسرائيل عملية بناء قوة غير عادية في الحجم والنجاعة، وهو سيناريو سيفرض أيضاً تنسيقاً وتعاوناً مع الولايات المتحدة. من هنا، الخيار الاستراتيجي الماثل أمام إسرائيل هو إنتاج منظومة تنسيق شاملة وواسعة ونوعية مع الولايات المتحدة، ومع شركاء إضافيين ضد إيران. والمفترض أن تحقق الزيارة ذلك، خصوصاً أن إسرائيل بحاجة لمواجهة القدرات الصاروخية والطائرات المسلّحة غير المأهولة والتموضع الإيراني في لبنان وسوريا والعراق واليمن».
ولفت غلعاد نظر بنيت، إلى أن هناك حاجة لاتخاذ خطوات ما تشجع بايدن على دعمه، مثل تحسين العلاقات الدبلوماسية - الاستراتيجية مع الأردن، والتوقف عن الوهم بأنه يمكن صنع سلام مقابل سلام من دون الفلسطينيين وضرورة عرض خطة سياسية إيجابية مع الفلسطينيين، تركّز على تحسين الوضع الاقتصادي للسلطة، إلى جانب الامتناع عن خطوات أحادية الجانب تُحبط كل حلّ سياسي متفق عليه.
كما دعاه إلى التأكيد للرئيس الأميركي، بأن إسرائيل واعية للقلق الأميركي من النشاط الصيني، وأن يقدم له ضمانات بأن إسرائيل ستكون جزءاً من منظومة القوى العالمية بقيادة الولايات المتحدة، في التعامل مع تحدّي الأمن القومي الذي تجسّده الصين.
قد يهمك ايضًا:
أرسل تعليقك