أجل، لا يزال برج بيزا المائل صامدا. وفيما يلي السبب في تحمله كل هذه الزلازل.
يبلغ ميل برج بيزا المائل 5.5 درجة وأثار حيرة المهندسين منذ قرون حيث شيد بشكل جزئي على تربة ناعمة بصورة غير متوقعة، وبدأ برج الجرس العتيق في الميل قبل الانتهاء تماما من بنائه، وتحول البناء التاريخي لأن يصبح أحد الأعاجيب الهندسية تاريخيا على مستوى العالم – ودخل البرج الغريب ضمن موسوعة مواقع التراث العالمية لمنظمة اليونيسكو.
كيف يمكن لمبنى مشيد بصورة غير سليمة من الناحية الإنشائية والهيكلية وفي منطقة معرضة للزلازل المستمرة أن يصمد كل هذه السنين؟
البروفسور جورج ميلوناكيس أراد أن يعرف السبب.
لقد صمد البرج الواقع في شمال غربي إيطاليا في النجاة من حربين عالميتين، والملايين من زيارات السائحين، وما لا يقل عن 4 زلازل قوية ضربت المنطقة منذ عام 1280. وذلك وفقا لموقع (Phys.org). وبلغت قوة أحد هذه الزلازل 6 درجات على مقياس ريختر.
توصل البروفسور ميلوناكيس، أستاذ الهندسة والتكنولوجيا الجيولوجية وبنية التربة، مع أكثر من 12 باحثا إلى إجابة تتضمن التربة الناعمة الشهيرة والاصطلاح العلمي المسمى «التفاعل الديناميكي لبنية التربة».
ووفقا إلى موقع (Phys.org)، تمكن المهندسون من تحديد ارتفاع وصلابة البرج: «الامتزاج بنعومة التربة الأساسية، يؤدي إلى تعديل في الخصائص الاهتزازية لهيكل المبنى بشكل كبير، وبطريقة تجعل البرج لا يتجاوب مع الحركة الزلزالية الأرضية».
ولذلك، وأثناء الزلزال، لا يهتز البرج كما تهتز الأرض أسفل منه، في تحد آخر للجاذبية.
وصرح البروفسور ميلوناكيس إلى الموقع المذكور قائلا: «ومن المفارقات المثيرة، أن نفس نوع التربة التي أدت إلى عدم الاستقرار للبرج المائل وسببت ميله إلى حد الانهيار تقريبا، يُنسب إليها الفضل في مساعدته على النجاة والصمود في مواجهة تلك الهزات الزلزالية الشديدة».
ولقد نشر الباحثون جزءا يسيرا فقط من نتائج أبحاثهم حول البرج. ومن المنتظر نشر بقية النتائج في وقت لاحق من الشهر الجاري خلال المؤتمر الأوروبي حول هندسة الزلازل في اليونان.
وصمود البرج في مواجهة الزلازل لا يعني تميزه الباهر، المجازي، عن المباني المجاورة التي عصفت بها الزلازل.
فلقد واصل الاستقرار والصمود عبر تاريخه الطويل وخلال أوائل القرن العشرين وهو مهدد بخطر الانهيار الحقيقي.
ففي عام 1990، قررت الحكومة الإيطالية إغلاق مبنى البرج في وجه الزوار والسائحين وشرعت في مشروع طويل للصيانة والترميم، وفقا إلى مجلة سميثسونيان. ووضع خبراء الترميم 900 طن من أثقال الرصاص على الجهة الشمالية من البرج في حين أنهم توصلوا إلى خطة أفضل لإبطاء هبوطه.
وكتبت جين مورلي تقول في صحيفة واشنطن بوست عام 1998: تتضمن الخطة الإيطالية إقامة هيكل ثابت على شكل حرف (A) اللاتيني على الجانب الشمالي من البرج وتمديد أكبال من البرج إلى ما يشبه الرافعة حول المقطع النصفي من البرج.
ومن شأن ذلك أن يحافظ على هيكل البرج في مكانه مع بدء أطقم الترميم، تدريجيا، في إزالة كميات صغيرة من التربة من الجانب الشمالي المرتفع في البرج. ومن المفترض وفقا للخطة، أن يسبب ذلك تخفيف الحمل على الجانب أو هبوطه الشيء القليل، بحيث يسهل تدوير البرج في اتجاه الشمال بمقدار نصف درجة واحدة تقريبا.
كما قام المهندسون بتركيب المعدات التي تسمح لهم بإجراء التعديلات المطلوبة على ضغط المياه أسفل مبنى البرج، مما يسفر عن مزيد من التحكم في درجة الميل.
وأدت كل هذه الجهود إلى تثبيت إمالة البرج قليلا – إلى 3.9 درجة من أصل 5.5 درجة – مع استمرار مساعدة المبنى على الحفاظ على ميله «اسميا».
ولكن الأهم من ذلك، فإن الأمر يعني أن البرج خرج من دائرة خطر الانهيار الناجمة عن آثار الجاذبية وحدها.
وقال جون بورلاند لمجلة سميثسونيان، أحد مشرفي مشروع ترميم البرج: «من المستبعد تماما أن تفشل أساسات البرج تماما. وإن تسبب أي شيء في انهيار البرج، فمن الأرجح أن يكون ذلك بسبب زلزال كبير للغاية».
وقد لا يحدث ذلك إطلاقا.
أرسل تعليقك