بشيمشل الأوكرانية تتلقى الفارين بخيام ومدافئ مُرتجلة وجداريات ذهبية
آخر تحديث GMT11:24:29
 العرب اليوم -

بشيمشل الأوكرانية تتلقى الفارين بخيام ومدافئ مُرتجلة وجداريات ذهبية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - بشيمشل الأوكرانية تتلقى الفارين بخيام ومدافئ مُرتجلة وجداريات ذهبية

الغزو الروسي لأوكرانيا
بشيمشل - العرب اليوم

إنها الساعة التاسعة والنصف مساءً. وصل قطار يُقلّ مئات اللاجئين من معبر ميديكا الحدودي إلى محطة بشيمشل، بعد رحلة محفوفة بالصعوبات من لفيف الأوكرانية. اصطفّ رجال أمن ومتطوّعون ومسعفون لاستقبالهم، تحت تهاطل ثلوج خفيفة. «لم يكن الأطفال يقوون على المشي، ولم تنجح ألعابنا في إيقاف دموعهم».يقول القسّ باتريك كانا، إن بعضهم «اضطر إلى قطع مسافات طويلة مشياً، قبل الوصول إلى لفيف. إنه أمر مفجع. فقد استهدفت هذه الحرب الأهالي، والأطفال يدفعون ثمنها». كان القس البولندي من أصول كاميرونية، أو «باتريك» كما يفضّل أن يُعرف، يتحدث لـ«الشرق الأوسط» وسط صالة الانتظار الرئيسية في محطة بشيمشل، التي تبعد أقل من 14 كيلومتراً عن الحدود. اشتهرت هذه المحطة، التي تربط لفيف الأوكرانية بكراكوف البولندية منذ عقود، بطرازها المعماري الفريد وجدارياتها الذهبية الصامدة منذ القرن التاسع عشر. أما اليوم، ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، فقد تحولت إلى محطة الاستقبال الرئيسية للفارين من الحرب نحو ملاذات آمنة في بولندا وخارجها.

«يتلقى اللاجئون هنا الرعاية الأولية. يصلون مرهقين بعد رحلات صعبة، وفي حاجة إلى وجبات ساخنة، ومكان آمن للراحة والاغتسال، والعناية الطبية أحياناً». يتابع باتريك «غالبية اللاجئين هنا قرروا وجهاتهم المقبلة»، مشيراً إلى أن كثيرين اختاروا الالتحاق بأهاليهم أو معارفهم في ألمانيا وتشيكيا وإيطاليا. «أما الآخرون، فيتم توجيههم إلى مراكز استقبال مؤقتة في بشيمشل ومدن بولندية أخرى، في انتظار إيوائهم لدى أهالي متطوعين أو نقلهم إلى مراكز لجوء طويلة المدى».كانت سفيتلانا من هؤلاء اللاجئين. تقول هذه الجدة، وهي تقاوم الدموع «لا أعرف أين سأذهب من هنا. لكنني أود البقاء في بشيمشل لمقابلة ابنتي وحفيدَيّ. فقد وصلوا إلى لفيف بالأمس، ويتجهون حالياً صوب الحدود البولندية». وتضيف «كل شيء سيتحسن بعد وصولهم».

ستُنقل سفيتلانا، إلى جانب أفواج من اللاجئين، إلى مركز استقبال مؤقت في مدخل البلدة التي لا يتجاوز عدد سكانها 62 ألفاً. حوّلت السلطات المحلية سوق «تيسكو» التجارية الضخمة، التي أغلقت أبوابها قبل أشهر، إلى مبنى لإيواء اللاجئين. فحلّت سيارات الإسعاف والشرطة والحافلات محلّ مركبات المتسوّقين، في حين أزيحت الرفوف ومخازن السلع ليتم إنشاء صالات نوم مؤقتة.

بشيميك يضيف حطباً لإيقاد النار في مدفأة خارج مركز اللجوء

رافقت «الشرق الأوسط» أحد المتطوعين البولنديين إلى داخل المركز. وباللغتين البولندية والأوكرانية، يصيح توماس في أروقة «تيسكو» المكتظة «4 مقاعد إلى وارسو... رحلة مجانية إلى العاصمة». ويقول هذا الطالب الجامعي «أعرض خدمات نقل مجانية إلى وارسو مرتين في الأسبوع. هذا أقل ما أستطيع تقديمه. أعود إلى بشيمشل مُحمّلاً بتبرعات مختلفة، خاصة أغراض الأطفال والرضع». واصل توماس بحثه عن الراغبين في السفر إلى العاصمة، متّجهاً نحو رواق واسع محظور على الصحافيين. يقف جنديان وأربعة متطوعين في مدخل الرواق، ويطالبون بتفقّد معاصم الوافدين بحثاً عن أساور ورقية. يقول أحد الجنود «تدلّ الأساور الزرقاء على أن حاملها لاجئ، في حين تُشير الصفراء إلى المتطوّعين بمختلف أدوارهم». وانضمّ أحد المتطوعين القائمين على تنظيم الدخول إلى الحديث، فقال «علينا حماية خصوصية هذه العائلات. فقد اقتُلعوا من منازلهم، وفقدوا أحباءهم، ويواجهون مستقبلاً غامضاً».

في كل ركن من أركان المركز، نصب المتطوعون والموظفون المحليون أكشاكاً لمساعدة اللاجئين وتخفيف معاناتهم. تشكّل صفّ خارج صيدلية عادت إلى الخدمة تلبية لاحتياجات الوافدين إلى المركز، في حين حظي «ركن الألعاب» بشعبية واسعة لدى الأمهات وأطفالهنّ. تقول أوليفيا، وهي متطوعة شابة من وودش ثالث أكبر مدن بولندا «يتضاعف عدد اللاجئين داخل المركز ليلاً، مع انخفاض درجات الحرارة»، مشيرة إلى أن «الوافدين إلى المركز يستفيدون كذلك من خدمة (الواي فاي) للتواصل مع أهاليهم العالقين في أوكرانيا، وترتيب خطواتهم المقبلة».

لا تقتصر الخدمات المقدّمة للاجئين على مركز الإيواء؛ إذ نُصبت عشرات الخيام في محيط السوق التجاري، خُصّص غالبيتها لتجهيز وتوزيع وجبات ساخنة، وشرائح هاتف مجانية، وعرض خدمات الترجمة من اللغة الأوكرانية إلى لغات مختلفة.

وبابتسامة عريضة، رحّبت مايلين، الأرجنتينية المقيمة في فرنسا، بزائري كُشكها. «نوزّع مشروب الشوكولاتة الساخن، وبعض المخبوزات». وتقول، في حين كان زميلها منهمكاً في تحضير شطائر لحم ساخنة «وصلنا إلى بشيمشل الاثنين، على متن حافلة صغيرة محمّلة بالتبرعات. كنا نخطط للبقاء أسبوعاً واحداً، لكننا قررنا تمديد زيارتنا للمساعدة في دعم الأوكرانيين الفارين من الحرب». بدوره، كان إيفان، القادم من برشلونة، يجهّز طبقاً تقليدياً مكوّناً من العدس، ويوزّعه في أطباق ورقية على المارّة. أما بشيميك، القادم من كراكوف، فعلّق مؤقتاً تنظيم صناديق التبرعات الغذائية ليضيف حطباً على نار أشعلها في مدفأة مُرتجلة خارج خيمته. قال مبتسماً «الطقس لم يقف في صفّنا اليوم. لكن لكل مشكلة حلّها».

لاجئون ينتظرون نقلهم من محطة قطارات بشيمشل إلى مركز اللجوء

على الرغم من تضافر جهود البولنديين والمتطوعين من مختلف أنحاء أوروبا، تقترب مراكز الاستقبال والإيواء في المناطق الحدودية من تجاوز طاقتها الاستيعابية. عبّر كريس ميلزر، المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عن قلقه من تفاقم الأوضاع. قال متحدّثاً لـ«الشرق الأوسط» من الحدود البولندية - الأوكرانية «أعداد اللاجئين الأوكرانيين لا تنفك ترتفع. فقد بلغ العدد الإجمالي مليونين ومائتي ألف، بينهم مليون و300 ألف عبروا الحدود نحو بولندا». رجّح ميلزر ارتفاع هذه الحصيلة في الأيام المقبلة؛ «ما سيشكل تحدياً».

ولحظ ميلزر، الذي يراقب توافد اللاجئين عبر الحدود الأوكرانية - البولندية منذ بداية الحرب، تحسناً كبيراً في فترة الانتظار خارج المعابر الحدودية. «تراجعت فترة الانتظار في الطوابير خارج المعابر، من 60 ساعة قبل أسبوعين، إلى 8 ساعات اليوم، في حين لا يستغرق عبور بعض النقاط أي وقت تقريباً». في المقابل، يشير ميلزر إلى أن تدهور الأوضاع الجوية، مع الانخفاض الكبير في درجات الحرارة، يثير قلق المنظمة، «خاصة أن غالبية اللاجئين هنا هم نساء وأطفال».

قد يهمك ايضاً

مكافحة «كورونا» في أفريقيا تخشى حرب أوكرانيا

مصر تحدد شروط تحويل طلابها في أوكرانيا إلى جامعاتها

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بشيمشل الأوكرانية تتلقى الفارين بخيام ومدافئ مُرتجلة وجداريات ذهبية بشيمشل الأوكرانية تتلقى الفارين بخيام ومدافئ مُرتجلة وجداريات ذهبية



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - الأسد يؤكد قدرة سوريا على دحر الإرهابيين رغم شدة الهجمات

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
 العرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 06:22 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الخروج إلى البراح!

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 16:01 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان

GMT 06:56 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حلب... ليالي الشتاء الحزينة

GMT 00:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 06:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

القمة الخليجية في الكويت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab