تصاعدت حدة الانقسامات في طبقات السلطة العليا بطهران، على خلفية التعجيل بإبرام صفقة الاستثمارات الصينية الضخمة المرتقبة وتخطط طهران لتنفيذ اتفاقية تاريخية مع الصين ستجلب بموجبها 400 مليار دولار من الاستثمارات الصينية إلى إيران على مدار السنوات الـ25 المقبلة، بينما يعتقد المسؤولون بدولة الملالي أن العقد الضخم سيمنحهم فرصة ذهبية للإفلات من أي آثار سلبية للعقوبات الأمريكية، وسيزيد من نفوذهم في الشرق الأوسط.
في المقابل، ستقوم إيران بتزويد بكين، وهي أكبر مستورد للطاقة في العالم، بالنفط الخام بأسعار معقولة بشكل خاص؛ ما سيشكل انتكاسة كبيرة لجهود الولايات المتحدة في دفع إيران إلى الركوع اقتصاديًّا ومع ذلك، فإن العقد في رأي العديد من المعارض الإيرانيين للحكومة الإيرانية ناهيك بمسؤولين حاليين وسابقين فيها يظل مثيرًا للجدل، بل ربما ينطوي على نوع من التخلي أو البيع غير المبرر للمصالح الوطنية.
ووصف الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، الطامح في الترشح مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية العام المقبل، العقد بأنه صفقة سرية لبيع أدوات الدولة المؤثرة خلف ظهور الشعب وتنقل صحيفة تاجس شبيجل تسايتونج الألمانية عن مصادر إيرانية أن الجناح المتشدد حول المرشد الأعلى على خامنئي يشعر بالريبة من الصفقة، وهو بالأساس يعتقد أن الصين غير فاعلة، وأنها ستحقق استفادة قصوى من العقد، بينما ستترك المشاكل لطهران وحدها.
وقال فتح الله نجاد، وهو خبير سياسي إيراني وأكاديمي في جامعة توبنجن الألمانية، للصحيفة الألمانية إن العديد من الإيرانيين يخشون أن يستقر النظام بمساعدة الصين ومن ثم يقبل ببيع المصالح الإيرانية، والمتمثلة في مجابهة الغرب والسعي لتوسيع النفوذ الإقليمي والدولي وتعتقد الصحيفة الألمانية، أن الصين هي الرابح الأكبر من الصفقة، حتى أكثر من طهران؛ حيث ظلت بكين توسع دورها في الشرق الأوسط منذ فترة كبيرة، الأمر الذي بدا أنه يجني ثماره الآن.
وتشعر بكين بالقلق من ناحية تأمين إمدادات النفط الخاصة بها، ومن ناحية أخرى فهي تسعى للاستحواذ على التأثير السياسي والاقتصادي في جزء من العالم تنسحب منه الولايات المتحدة بشكل متزايد لكن مسودة الاتفاق الإيراني- الصيني تطغى على جميع خطوات بكين السابقة في الشرق الأوسط. وبحسب وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، فإن فكرة العقد جاءت قبل أربع سنوات عندما زار الرئيس الصيني شي جين بينج طهران.
وفقًا لتقارير وسائل الإعلام، انتهى العقد تقريبًا. وقد تم التخطيط لقرابة 100 مشروع مشترك تشمل البنية التحتية مثل المطارات ووصلات القطارات السريعة ومترو الأنفاق بالإضافة إلى إنشاء شبكة 5G وإنشاء مناطق للتجارة الحرة ويمكن لهذه الاستثمارات أن تضمن التنمية الاقتصادية لإيران على مدى العقدين والنصف المقبلين وتحتاج الصين بشكل أساسي إلى النفط من الشرق الأوسط لتلبية احتياجاتها الضخمة. فباستيرادها حوالي عشرة ملايين برميل من النفط (159 لترًا لكل يوم) يوميًّا، تستورد بكين النفط الخام أكثر من أي دولة أخرى في العالم.
وتمتلك إيران رابع أكبر احتياطي نفطي في العالم، لكنها غير قادرة حاليًا على بيع الكثير منه؛ بسبب العقوبات الأمريكية. وقبل إعادة تطبيق الإجراءات العقابية الأمريكية قبل عامين، كانت إيران تصدر حوالي مليوني برميل من النفط يوميًّا - واليوم يبلغ الحد الأقصى 200 ألف برميل وحتى الآن، تلتزم الصين حاليًّا بالعقوبات الأمريكية ضد إيران. ومن غير الواضح ما إذا كانت الاتفاقية ستغير موقف بكين في هذا الشأن من عدمه.
كما تسعى الصين ليس فقط من أجل علاقات جيدة مع إيران، ولكن أيضا مع دول أخرى في المنطقة. البعض منها معارضون لطهران، كما هو الحال في الخليج ويمكن للصين أن تكون المنقذ لقيادة إيران المحتاجة. فقد وجهت عقوبات واشنطن ووباء كورونا ضربة أخرى للاقتصاد الإيراني المتعثر، والذي تضرر بالفعل من الفساد وسوء الإدارة. وقد تلاشت الآمال في طهران في أن تتحدى أوروبا العقوبات الأمريكية بما يكفي لتلبية احتياجاتها.
وقد هزت النظام مؤخرًا احتجاجات شعبية عارمة وسلسلة من أعمال التخريب المزعومة والغامضة ضد مؤسسات الصناعة النووية الإيرانية، وكذلك المنشآت العسكرية والمنشآت الاقتصادية، ما فاقم الوضع الداخلي لطهران إلى أقصى حد وعلى هذا النحو تروج الحكومة الإيرانية للعقد مع الصين كمنقذ لكل شيء. وقد شدد وزير الخارجية ظريف مؤخرًا في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان في طهران على أن الاتفاق يصب في مصلحة البلاد، وهو أمر محل تشكك كبير، وفق تاجس شبيجل.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
العمليات المشتركة العراقية تُعلن سقوط 3 قذائف هاون في "المنطقة الخضراء"
وزير الخارجية الإيراني يزور بغداد الأحد
أرسل تعليقك