طهران - العرب اليوم
كشفت صحيفة إيرانية، أمس، أن عدة أجهزة أمنية في إيران تحرك دعوى قضائية بشأن الشهادة الصوتية لوزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف، المسربة في أبريل (نيسان) الماضي، ما أثار سجالاً واسعاً في إيران بشأن تضارب الدبلوماسية وأنشطة «الحرس الثوري» في المنطقة.
وأدت الانتقادات الداخلية الواسعة بعد تسريب التسجيل الصوتي المسرب من مركز الأبحاث الاستراتيجية للرئاسة الإيرانية إلى ابتعاد ظريف من الترشح للانتخابات الرئاسية في وقت مبكر قبل أن تفتح أبواب تسجيل المرشحين، ما شكل ضربة كبيرة لتطلعات الأوساط المؤيدة للحكومة السابقة على الزج به في السباق الرئاسي ضد مرشحي المعسكر المحافظ.
وكانت الشهادة الصوتية جزءاً من برنامج، مصنف بدرجة «السرية» في مركز أبحاث الرئاسة تحت عنوان «التاريخ الشفهي» الإيراني يوثق شهادات وزراء وكبار مسؤولي حكومة حسن روحاني بعد انتهاء ولايته الثانية. وكان ظريف يرد على أسئلة سعيد ليلاز الصحافي والخبير الاقتصادي المقرب من فريق روحاني.
ومارس نواب البرلمان حينذاك ضغوطاً على الجهاز القضائي لتحريك دعوات لمحاكمة روحاني وظريف، وفتح تحقيق في مركز أبحاث الرئاسة. وأصدر روحاني قراراً بإقالة مساعده الخاص ورئيس مركز الأبحاث الاستراتيجية حسين آشنا.
وأفادت جريدة «آرمان ملي» الإصلاحية في عددها الصادر أمس بأن عدة أجهزة أمنية تقف وراء تحريك دعوى قضائية، من بينها جهاز استخبارات «الحرس الثوري» ووزارة الاستخبارات، وجهاز الاستخبارات التابع للقضاء الإيراني. وفي الأسابيع الأولى من تسريب التسجيل، كان القضاء الإيراني قد أعلن عن حظر السفر على عدد من الأشخاص وتوجيه الاتهام إلى آخرين. وبحسب صحيفة «آرمان» إن قائمة الاتهامات تضم 190 مشتبهاً به، مشيرة إلى اسم ظريف، إضافة إلى حسين آشنا وليلاز والصحافي محمد قوتشاني، رئيس تحرير صحيفة «سازندكي» التابعة لفصيل الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني.
وبدوره، أفاد موقع «رويداد 24» نقلاً عن محامٍ بأن السلطات استدعت عدداً من المتهمين في القضية خلال الأيام الماضية، دون أن توجه إليهم اتهامات. وأشار المحامي إلى حجز أجهزة الهاتف الجوال والكمبيوتر المحمول وأجهزة أخرى من المتهمين.
وفي الشهادة الصوتية التي تسرب منها ثلاث ساعات من أصل سبع ساعات، يتحدث ظريف عن صعوبات واجهها خلال توليه مهامه، وينتقد بشكل خاص غياب دور موازٍ بين الجهاز الدبلوماسي، وأنشطة «الميدان» فيما يخص السياسة الإقليمية، وذلك في إشارة ضمنية إلى «فيلق القدس» الذراع الخارجية في «الحرس الثوري». كما يتهم روسيا بالسعي لنسف الاتفاق النووي بعد إعلانه في يوليو (تموز) 2015 وحتى تنفيذ الاتفاق في منتصف يناير (كانون الثاني) 2015، وهي الفترة التي زار فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، طهران، وقبل ذلك زار سليماني موسكو.
وكان يصر ظريف على اتهام روسيا بالتآمر على الاتفاق النووي، سواء عبر وزير الخارجية، سيرغي لافروف، في الدقائق الأخيرة، من إعلان الاتفاق في فيينا، أو استقبال سليماني في موسكو، وهو ما فتح الباب أمام تدخل جوي روسي في الحرب السورية، وقابله توسع ميداني لـ«الحرس الثوري».
وبذلك، نسف ظريف الرواية «الملحمية» التي يقدمها «الحرس الثوري» وحلفاؤه الإقليميون، عن دور زيارة سليماني في إقناع الرئيس بوتين بالتدخل العسكري في سوريا.
والتسجيل الصوتي ثاني قضية خلال فترة ظريف، ترتبط بخلافات الوزارة الخارجية و«الحرس الثوري» في السياسة الإقليمية، خصوصاً ما يعود إلى أنشطة سليماني وسوريا. وفي 25 فبراير (شباط) 2019، أعلن ظريف عن استقالته عبر حسابه في شبكة إنستغرام، بعد ساعات من زيارة خاطفة للرئيس السوري بشار الأسد، برفقة الجنرال سليماني، إلى طهران، ولقائه الرئيس حسن روحاني، ولم يعلم إلا بعد عودة الأسد إلى دمشق والإعلان عن الزيارة.
والشهر الماضي، استخدمت وسائل الإعلام التابعة لـ«الحرس الثوري» ثنائية «الميدان والدبلوماسية» عدة مرات في تعليقاته على مناورات الصواريخ الباليستية. وكتبت وكالة «نور نيوز» التابعة للمجلس الأعلى للأمن القومي، الأسبوع الماضي تناقلته الوكالات الرسمية: «في خضم مفاوضات فيينا، حملت المناورات رسالة استراتيجية مفادها أن إيران تستخدم طاقاتها الإنتاجية في الميدان والدبلوماسية في آن واحد للتقدم بأهدافها».
قد يهمك ايضاً
وزارة الخارجية الإيرانية ترفض مقترحا أمريكيا برفع العقوبات "خطوة بخطوة"
الخارجية الإيرانية تعلن العالم يدرك أن أمريكا قادرة على إصلاح ذاتها لكن يجب أن يكون ذلك عمليا وليس عبر الكلمات
أرسل تعليقك