أصدرت محكمة تركية، أمس الجمعة، أحكامًا بالسجن لمدد تتراوح بين 8 أعوام وأكثر من 17 عامًا بحق أكراد بينهم رؤساء بلديات سابقين.جاء ذلك بحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "أفرنسال" التركية المعارضة، وتابعته "العين الإخبارية"،
ومن بين من صدرت بينهم تلك الأحكام رمزية ياشار الرئيسة السابقة لبلدية "يوكسك أوفا"، بولاية هكاري، جنوب شرقي البلاد.ويوم 18 أكتوبر/تشرين الأول 2019 أعلنت وزارة الداخلية التركية عزل ياشار، و3 رؤساء بلديات كلهم منتمون لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي؛ بدعوى "انتمائهم لتنظيم إرهابي"، وتعيين أوصياء بدلًا منهم.
وجاءت عملية العزل ومن ثم الاعتقال على خلفية اتهام السلطات التركية للقيادين الأكراد بالانتماء لاتحاد مجتمعات كردستان (KCK)، وهو تجمع يعمل كمظلة تضم مجموعات سياسية ومسلحة ضمن الحركة الكردية، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني المصنف من قبل أنقرة كتنظيم إرهابي
وتعرضت تلك المحاكمات للانتقادات من قبل مجلس أوربا ومنظمات حقوق الإنسان، بما فيها منظمة العفو الدولية.والجمعة أصدرت الدائرة الأولى من محاكمة الجنايات بهكاري، حكمها في قضية عرفت باسم قضية "اتحاد مجتمعات كردستان"، والتي كان يحاكم فيها 30 شخصًا بينهم رمزية ياشار، وقضت بحبس الأخيرة، ووحيد شاهين أوغلو، ومحمد تشابرز، 17 عامًا و6 أشهر، فيما تراوحت مدد حبس الآخرين بين 8 و9 أعوام.
والتهمة التي وجهتها المحكمة لجميع المتهمين هي "الانتماء لتنظيم إرهابي".جدير بالذكر أنه بعد الضربة الكبيرة التي تعرض لها حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد، بزعامة الرئيس، رجب طيب أردوغان، خلال الانتخابات المحلية عام 2019، بدأ النظام شن حملة ضد حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، تضمنت إقالة رؤساء بلديات منتخبين واعتقالهم بزعم أنه "ملاحقون قضائيًا".
وتشهد محافظات شرق وجنوب شرق تركيا، انتهاكات أمنية كبيرة بذريعة مطاردة حزب العمال الكردستاني؛ حيث تشن السلطات من حين لآخر حملات اعتقال واسعة بها تستهدف الأكراد؛ بزعم دعمهم للحزب المذكور؛ ما يدفعهم للتظاهر بين الحين والآخر رفضا للقمع.
ضغوط مستمرة
وتعتبر السلطات التركية حزب الشعوب الديمقراطي "واجهة سياسية" لحزب العمال الكردستاني. وينفي الحزب هذا الاتهام ويقول إنه ضحية قمع بسبب معارضته الشديدة للرئيس التركي.
ويتعرض حزب الشعوب الديمقراطي للقمع منذ عدة سنوات. ويقبع رئيسه المشارك الأسبق، صلاح الدين دميرتاش، المنافس السابق لأردوغان في الانتخابات الرئاسية، في السجن منذ عام 2016.
وفي يونيو/حزيران الماضي، بدأت المحكمة التركية العليا النظر في طلب حظر حزب الشعوب الديمقراطي على خلفية اتّهامات بارتباطه بحزب العمال الكردستاني،
وفي أوائل الشهر نفسه، رفع المدعي العام في أعلى محكمة تركية دعوى قضائية منقحة أمام المحكمة الدستورية يطالب فيه بحظر الحزب، بعد أن تم رفض الدعوى الأولى في مارس/آذار بسبب أخطاء إجرائية.،
وذكرت تقارير إعلامية محلية آنذاك أن لائحة الاتهام المكونة من 850 صفحة تتهم الحزب بـ"الانفصالية" علاوة على تهم أخرى.
وطالب المدعي العام بفرض حظر دائم على الحزب ومنع 500 شخص من النشاط السياسي.، وقالت هيئة الدفاع عنه حينها إن المتضررين لا يدركون أنهم استهدفوا وأن الحزب لا يعرف من هم أيضا لأنه لم يطلع على لائحة الاتهام.
ووصف مدحت سنجار، الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي، آنذاك قرار المحكمة بقبول القضية بأن له "دوافع سياسية"، واتهم الحكومة التركية بالتحريض على حزبه.
الأزمة الكردية
رسخت تركيا على مدار عقود طويلة العداء للأكراد عبر سلسلة طويلة من الاتهامات، التي اعتمدت على صنع فجوة بين الأكراد ومحيطهم العربي للحيلولة بينهم وبين طموحهم بإقامة دولتهم القومية.
ورغم التداخل الكردي على جغرافية إيران وسوريا والعراق وتركيا، فإنهم يواجهون تعاملا حادا وقاسيا من قبل الأتراك أكثر من غيرهم من الدول، التي منحتهم بعضا من حقوقهم السياسية كالحكم الذاتي على أجزاء من العراق.
ويتجلى التشدد التركي تجاه القضية الكردية في تصنيف حزب العمال الكردستاني جماعة إرهابية بعد أن تزايدت المطالبات الكردية بمنحهم حقوقهم السياسية ومطالباتهم بإقامة دولة كردية مستقلة أو حكم ذاتي مع الاحتفاظ بكامل هويتهم السياسية.
ومن عام 1974 شكلت الأزمة الكردية واحدة من أكثر أزمات تركيا بعد أن رفض الأتراك منح الأكراد شيء من حقوقهم مما دفع مجموعات كردية للمقاومة المسلحة تحت قيادة عبدالله أوجلان واستمرت الأوضاع المأزومة حتى أعلنت أنقرة عام 1984 حزب العمال الكردستاني كيانا إرهابيا.
وفيما بعد بدأت تركيا إطلاق عدة عمليات عسكرية شهدت فيها انتهاكات لسيادة العراق خلال فترة الحصار، التي فرضتها الولايات المتحدة على الجمهورية العراقية بعد عام 1991.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك