تعرض الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لسيل من الانتقادات من منافسيه خلال المناظرة التلفزيونية الثانية التي جمعت مساء /الخميس/ مرشحي اليمين واليمين الوسط السبعة الذين سيخوضون غمار الانتخابات التمهيدية استعدادا لرئاسيات 2017 و التي ركزت على قضايا جوهرية مثل الهجرة والأمن ومكافحة الاٍرهاب.
وجاءت الانتقادات لساركوزي على حصاد ولايته الرئاسية وسياسته حول الهجرة وإلغاؤه الألاف من الوظائف في أجهزة الأمن وذلك في معرض رد خصومه على سؤال حول الأسباب التي دفعتهم للوقوف ضده في الانتخابات التمهيدية بالرغم من عملهم بجانبه كوزراء ومسئولين خلال فترة رئاسته (2007-2012).
وندد عدد من منافسيه - خلال المناظرة - باتفاقية "توكيه لإدارة الحدود بين فرنسا والمملكة المتحدة والتي وقع عليها ساركوزي في 2003 حين كان وزيرا للداخلية. وبموجب الاتفاقية، يتحقق مسئولو الهجرة البريطانية من جوازات السفر في كاليه، ويقوم نظراؤهم الفرنسيون بنفس الشيء فى دوفر البريطانية.
وتعرض ساركوزي للنقد حول اُسلوب إدارته للبلاد وحول قراره بالمشاركة في الانتخابات مجددا بالرغم من هزيمته أمام فرانسوا أولاند في 2012 ونقضه لوعده آنذاك بعدم الترشح مجددا حال خسر الرئاسيات.
كما تضمنت الانتقادات انخفاص أعداد أفراد الشرطة والدرك في عهد ساركوزي الذي دافع عن قراره وقتئذ بأن الأزمة المالية فرضت عليه هذا الإجراء وبأن التهديدات الإرهابية لم تبلغ المستوى الذي تشهده فرنسا اليوم . وانتهز خصومه الفرصة للتأكيد أنهم حال انتخابهم لرئاسة فرنسا سيعالجون هذا الخلل حيث قال ألان جوبيه إنه سينشيء خمسة ألاف وظيفة إضافية.
فيما ذهب جون فرانسوا كوبيه - الذي كان الأكثر انتقادا لساركوزي - إلى أبعد من ذلك، واعدا باستحداث 50 ألف وظيفة في الشرطة والدرك والقضاء وحراسة السجون .. ومن جانبها عبرت ناتالي كوسيسكو موريزيه - السيدة الوحيدة المرشحة في الانتخابات التمهيدية لليمين - عن أسفها إزاء عدم مساواة الحقوق بين الشرطة والدرك.
وفي المقابل، هاجم ساركوزي خصومه حيث قال ساخرا إنه لم يلمس من جانبهم أي رغبة، حين كانوا وزراء تحت رئاسته، في ترك مناصبهم، مؤكدا أنهم معنيون ببعض القرارات التي اتخذها حين كان في سدة الحكم. كما انتقد بشدة تحالف ألان جوبيه مع فرانسوا بايرو رئيس حزب "الحركة الديمقراطية" (وسط) باعتباره أكثر انحيازا لليسار وصوت للاشتراكي فرانسوا أولاند في رئاسيات 2012.
ووجه ساركوزي انتقادا غير مباشر لرئيس الوزراء الأسبق ألان جوبيه (71 عاما) وذلك بإعلانه أنه، حال انتخابه في 2017 رئيسا لفرنسا، لن يترشح لفترة ثانية في عام 2022 لأنه سيكون قد بلغ من العمر 67 عاما.
وتحظى الانتخابات التمهيدية لليمين باهتمام واسع في الأوساط السياسية والإعلامية في فرنسا في ظل توقع كل استطلاعات الرأي أن ينال الفائز بها كل الفرص للفوز بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في مايو أمام مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن وفي ظل حالة الركود والانقسام التي يعاني منها اليسار حتى الآن.
وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد "ايلاب" للدراسات أن عمدة مدينة "بوردو" الان جوبيه كان- بعد المناظرة التلفزيونية الثانية لمرشحي اليمين - الأكثر إقناعا في نظر الفرنسيين حيث جاء في المقدمة بنسبة (34 %) أمام نيكولا ساركوزي (24 %) وفرانسوا فيون (15 %) ليبقى بذلك جوبيه المرشح الأوفر حظا لتمثيل اليمين الجمهوري في الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو 2017.
ويرى المراقبون أن حظوظ جوبيه ارتفعت بشكل واضح بعد أن أعلن رئيس حزب "الحركة الديمقراطية" (وسط) الوزير السابق فرانسوا بيرو دعمه لرئيس وزراء الرئيس الأسبق جاك شيراك، الأمر الذي جعل فارق الأصوات يزداد يوما بعد يوم لصالحه امام ساركوزي.
فجوبيه، الذي سيستفيد من أصوات أنصار الوسط وربما حتى من بعض أصوات اليسار، يطرح نفسه كمرشح توافقي وجامع بين الفرنسيين، ويسعى توسيع دائرة المساندين لبرنامجه الانتخابي.
أما نيكولا ساركوزي، فهو يخاطب أكثر مناضلي اليمين ويثير في النقاش ملفات تشغل أكثر القاعدة اليمينية، مثل الهجرة والهوية الوطنية والإسلام والأمن.
ومن المقرر أن تجرى مناظرة تلفزيونية ثالثة في 17 نوفمبر أي قبل ثلاثة ايام من الجولة الأولى من الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي حيث يسعى كل مرشح إلى إقناع الفرنسيين بأن برنامجه هو الأفضل والكفيل بإخراج البلاد من الأزمة التي تمر بها منذ عشر سنوات على الأقل . كما ستنظم مناظرة رابعة وأخيرة بين المرشحين اللذين سيتأهلان لخوض الجولة الثانية المرتقبة في 27 نوفمبر.
أرسل تعليقك