لندن ـ العرب اليوم
دعا اللورد جون بريسكوت، القيادي بحزب العمال ونائب رئيس الوزراء الأسبق توني بلير، البريطانيين إلى مجابهة رئيسة الوزراء تيريزا ماي وحزب المحافظين، مثلما تصدوا لحزب اتحاد الفاشيين البريطانيين قبل ثمانين عاما في ثلاثينيات القرن الماضي.
واستهل بريسكوت مقالا بصحيفة "ذا ميرور" عائدا بالأذهان إلى شهر أكتوبر عام 1936، عندما نزل المئات من البريطانيين رجالا ونساءً إلى منطقة الطرف الشرقي من لندن لاتخاذ موقف؛ حيث تجمعوا للتصدي لمسيرة نظمها حزب اتحاد الفاشيين البريطانيين في شارع "كيبل ستريت" بقيادة أوزوالد موزلي.
وأكد بريسكوت "هؤلاء الشجعان الذين كان بينهم أناسٌ من ذوي البشرة البيضاء والسوداء ومن البريطانيين والأوروبيين والأفارقة والكاريبيين – جميعا اتخذوا موقفا في مواجهة التعصب الأعمى الذي مثله أولئك الفاشيون آنذاك".
وعاد بريسكوت أدراجه إلى الزمن الحاضر، راصدًا إعلان وزيرة الداخلية "أمبر رود" في مؤتمر حزب المحافظين مؤخرا في برمنجهام -بعد ثمانين عاما من أحداث "كيبل ستريت"- إعلانها عن سياسة جديرة بأن تنال إعجاب الفاشيين: وهي أن الشركات البريطانية ينبغي أن يتم تصنيفها بالسلب تبعا لمدى توظيفها لعمال أجانب.
ورصد القيادي العمالي كذلك، تصريحا أدلى به الوزير السابق ليام فوكس الذي أعادته تريزا ماي لتفنيط اتفاقيات التجارة الدولية – قال (فوكس) فيه إن الأوروبيين الذين يعيشون ويعملون في بريطانيا هم بمثابة "ورقة مساومة" للاستخدام في المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي حول بريكسيت.
كما صرحت تريزا ماي نفسها بأن بريطانيا قد تنسحب من جزء من الاتفاقية الأوروبية الخاصة بحقوق الإنسان، لتنضم المملكة المتحدة بذلك إلى منارات للديمقراطية.
ونوه اللورد بريكسوت عن أن هذه الاتفاقية (التي تنسحب منها رئيسة الوزراء) هي ذاتها الاتفاقية التي صاغها المحافظون في أعقاب الحرب العالمية الثانية للحيلولة دون نشوب صراع عالمي ثالث، للاحتفاظ بحق الإنسان في أن يعيش وتحريم التعذيب.
وفوق ذلك كله، أكدت تريزا ماي على أن الأطباء والممرضين الأجانب قد يبقوا في بريطانيا فقط ريثما يتسنى لنظرائهم من البريطانيين أن يحلوا محلهم في وظائفهم بعد أن يحصل هؤلاء على كفايتهم من التدريب.
وقال اللورد بريسكوت إن "تريزا ماي جعلت اسمها رمزًا دالاً على أن المحافظين قد بات "حزبا قذرا" ولقد حاولت (ماي) عبثا أن تقول إن حزب العمال قد بات كذلك.
وأضاف بريسكوت أن تريزا ماي منذ أن جاءت إلى السلطة مع ديفيد كاميرون عام 2010، وحكومتها تحاول أن تبذر بذور الانقسام والكراهية، بدءا من ضريبة غرف النوم وانتهاء بالإعادة الجماعية لتقييم ذوي الاحتياجات الخاصة والمصابين بأمراض مزمنة للخصم من مستحقاتهم – جاعلين بذلك أضعف فئات المجتمع غرضا لسهامهم، على أن يستفيد أصحاب المليارات من تلك الاستقطاعات من حقوق المقعدين والمرضى.
ولفت اللورد بريسكوت إلى أن تريزا ماي قد شجعت اللافتات التي تقول "اذهبوا إلى أوطانكم" الملصقة على الشاحنات السائرة في شوارع بريطانيا، تحريضا على مغادرة المهاجرين غير الشرعيين للأراضي البريطانية.
ونبه بريسكوت إلى أن تلك الحكومة منذ 2010 هي التي قادت إلى استفتاء مرير ومقسّم للأوروبيين، والذي جاءت نتيجته بمثابة الضوء الأخضر للعنصريين والمصابين برهاب الأجانب لكي يستهدفوا المهاجرين سواء الوافدين من دول الاتحاد الأوروبي أو من غيرها.
ورصد صاحب المقال إصدار مجلس أوروبا مؤخرا تقريرا حول العنصرية في المملكة المتحدة جاء في بيانه أنه "ليس من قبيل المصادفة أن العنف العنصري يشهد ازدهارا في المملكة المتحدة في الوقت نفسه الذي تظهر فيه دلائل مقلقة على العنف والكراهية على صفحات الجرائد، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وحتى بين السياسيين البريطانيين".
ورأى ريسكوت أنه لا سبيل للعجب من استقالة دايان جيمس من قيادة حزب استقلال المملكة المتحدة بعد 18 يوما فقط من توليها المنصب؛ بعد أن همشت تريزا ماي أهميتها.
كما رأى الكاتب أن شعار المرحلة بقيادة تريزا ماي هو "نحو غد أكثر مرارة"، وأن هذا هو التغيير المرتقب في ظلها، مرارة إخبار أطفال في عامهم الحادي عشر بأنهم فشَلة؛ مرارة استخدام أناس لم يولدوا في بريطانيا كـأوراق للمساومة في مفاوضات تجارية؛ مرارة إخبار أطباء وممرضين ينقذون الأرواح كل يوم بأنهم هنا فقط لملء فراغ ريثما يتأهل أطباؤنا وممرضونا ليأخذوا وظائفهم، مؤكدا أن بريطانيا في ظل تريزا ماي لن تكون "بلدا صالحا للجميع".
واختتم اللورد قائلا "بعد ثمانين عاما من أحداث شارع "كيبل ستريت"، يجب على أخيار بريطانيا من الرجال والنساء مرة أخرى أن يتخذوا موقفا ضد التعصب الأعمى وعدم التسامح، وعلى غرار "أوزوالد موزلي" زعيم الفاشيين البريطانيين، تفتقر تريزا ماي إلى تفويض انتخابي.. الفارق هو أن المحافظين لا يرتدون "قمصانا سوداء" كما كان الفاشيون يرتدون، لقد حان الوقت لكي نتوحد ونتصدى لهم".
أرسل تعليقك