جاكرتا - العرب اليوم
توجد عدة قبائل في جزيرة سولايسي في إندونيسيا، تتحدث بلغات مختلفة فهناك أكثر من ٣٠ لغة. وفي الجزء الجنوبي منها تقع قرية (تانه توا) وتعني الأرض القديمة أو الطيبة كما يعتقد قاطنوها وتسكنها قبيلة كاجانج المسلمة ولهم لغة خاصة ولديهم طقوس مريبة إلى حد ما. وهذه القرية تسمى أيضًا بـ(قرية السحرة) فمن السائد لديهم استخدام السحر لحل الخلافات بينهم.
وهذه القرية كما يقول مرشد محلي معروفة منذ خمسة عقود وسبق وزارتهم شخصيات لرصد أحوالهم لغرابتها. فهم يعزلون أنفسهم بشكل غريب عن العالم الخارجي ويعيشون عصورًا تاريخية ويرفضون كافة وسائل التقنية فلا كهرباء ولا هواتف ولا أي من وسائلها الأخرى. باختصار الزائر لهذه القرية سيصاب بالذهول وهو يتضاعف عندما تعرف أنهم يرفضون أي محاولة لمساعدتهم على الخروج من ذلك.
من مدينة (ماكاسار) عاصمة سولايسي انطلق فريق من صحيفة "سبق". وعندما وصل على مشارف القرية استوقفهم المرشد وطلب منهم ارتداء ملابس سوداء أحضرها خصيصًا لمجاراة ما يلبسه أهالي القرية وفق عاداتهم وتقاليدهم. كما أنهم سيقابلون زعيمهم وأبلغهم أن هناك الكثير من الطلبات قد تطلب منهم والالتزام بالهدوء وعدم استخدام الهاتف أو الكاميرا.
"طُلب منا ارتداء الملابس السوداء وحذرنا المرشد المرافق من ارتكاب أية حماقات. توغلنا داخل القرية التي تعود لما قبل التاريخ وهو وصف مبالغ فيه ولكنه قريب من الحقيقة. مشينا لمسافة كيلومترين تقريباً. قبل أن ندخل مسكن الزعيم" أماتوا" حيث طلب منا غسل أقدامنا. كانت الغرفة مظلمة ولم يقدموا لنا أية ضيافة". "ارتدينا الملابس السوداء ومشينا مسافة ألفي متر ونحن نشاهد الطبيعة الجميلة ونلتقي ما بين مسافة وأخرى ببعض أفراد القبيلة وهم ينقلون الماء بطرق بدائية".
لاحظنا وشرح لنا المرشد كيف أن جميع منازل القرية تتجه صوب القبلة فهم مسلمون ولكنهم يعتبرون أنفسهم في حالة صلاة دائمة، ودائمو التفكر وكذلك ملتزمون بالبقاء على طهور دائم. وشرح لنا المرشد كيف أنهم يحرصون على تمييز قبور علمائهم فهم يدفنون في مقابر مستقلة ويميز قبر الرجل بحجر والمرأة بحجرين. ومع دخول رمضان يقومون بتنظيفها. وعند وصولنا لمنزل زعيم القرية طلب منا غسل أقدامنا وهو من مظاهر الاحترام التي يجب أن يبديها الزوار الذين سيستقبلهم.
هالنا المنظر وبدأ كأحد المشاهد السينمائية. كان الزعيم (أمّاتوّا) جالساً على الأرض في غرفة مظلمة ولا تكييف لغرفته ولم يتم تقديم أي ضيافة. دار بيننا حوار لقرابة نصف ساعة قال لنا إنهم لا يرغبون في استخدام أي من وسائل التقنية ويعتقدون أن أرضهم المباركة وأرض رسالة وقطعة من مكة كما أن كل بيوتهم متجهة صوب مكة وهم يصلون داخلها أو خارجها سيان. كما شرح لنا أسباب عزوفهم عن الحج أو العمرة لأن الأمر سيضطرهم لاستخدام الطائرة وهي من وسائل النقل الحديثة. يقول:" لا يصل لزعامة القرية إلا من هو من الأصول العريقة للقبيلة ويتبعني ٢٦ عائلة وتتكون القرية من تسعة أحياء".
وعن عاداتهم للزواج يقول: " الموافقة ثم القبول بالمهر وهو إما بستان أو مزرعة أو عملات قديمة من الذهب والفضة. ويجب أن يكون الرجل قادراً على كسب عيشه وزوجته لديها إلمام بالطبخ والخياطة والتعدد مسموح ولكن شريطة إعطاء كل زوجة عشرين ألف متر مربع من حقل ومزرعة". أما عن مواصفات من يريد تولي زعامة القرية فلابد أن يكون من السلالة الملكية لديهم وألا يقل عدد ناخبيه عن 4000.
وفي رمضان، يؤكد الزعيم الغامض: " نقضي أوقاتنا بالصلاة والصيام والعبادة. والصيام لدينا هو صيام الجوارح وليس صيام الأكل والشرب فحسب. ونشعر عند الوضوء أننا نغسل أيدينا وأعضاءنا من الذنوب ونتطهر".
وتقطن قبيلة (كاجنج) محافظة بولوكمبا Bulukumba وهي من أشهر المحافظات الموجودة في سلاويسي الجنوبية وفي بولوكمبا توجد فنون كثيرة ومتنوعة تختلف عن الفنون الموجودة في المناطق الأخرى من أشهرها فن الرقصات التقليدية وتعتبر رقص بابتي باسابو Tari Pabbite Passapu من أشهر الرقصات التقليدية الموجودة في محافظة بولوكمبا.
ورقص (بابتي باسابو) عبارة عن المصارعة بين الرجال الشجعان باستخدام السكين الحاد الصغير لقتل الآخر. وهذا الرقص التقليدي من الفنون الموروثة عن أجدادهم ولا يعرفون متى ظهر هذا الرقص. وحظيت "سبق" بحضور رقصة قديمة وهي رقصة (أنغارو Angngaru ) وقالوا إنها تقام فقط ترحيباً بكبار الضيوف.
أرسل تعليقك