كشف الكاتب الصحافي الأميركي الشهير ديفيد إغناتيوس، إن رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري "قيد الإقامة الجبرية" في منزله في العاصمة السعودية الرياض، فيما يبدو أنه جزء من حملة "اعتقالات" في السعودية، ضغط سعودية على إيران وحليفها اللبناني حزب الله.
واستقال الحريري السبت الماضي من السعودية في خطاب متلفز، وجه فيه انتقادات حادة واتهامات لإيران وحزب الله، وأثارت الاستقالة الكثير من الجدل وسط اتهامات للسعودية بإخضاع رئيس وزراء لبنان، للإقامة الجبرية ضمن حملة احتجزت فيها الرياض عشرات الأمراء والوزراء السابقين والحاليين، في إطار ما وصفته بالحرب ضد الفساد.
وأضاف إغناتيوس في مقال نشره في صحيفة واشنطن بوست، الجمعة إن "هناك تفاصيل مذهلة حول الاحتجاز القسري، للحريري توفرت من قبل مصدر مطلع في بيروت"، وأشار إلى أن التفاصيل تعطي أدلة جديدة ومهمة للأسلوب الذي يتبعه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتعزيز سلطته بتحريك مشاعر معادية لإيران في الداخل والخارج، شائعات ما يمكن وصفه "خطف" الحريري والذي استقال كرئيس للوزراء مساء السبت الماضي أثناء وجوده بالسعودية في خطوة صدمت العالم العربي.
وقال الكاتب إن مسؤولين لبنانيين قلقون من أن ابن سلمان، ولي العهد (32 سنة)، يريد دفع لبنان نحو مواجهة مع إيران، وينقل عن محللين شكواهم من أن السعوديين يعاملون أسرة الحريري، الممولين من الرياض منذ عقود، كما لو كانوا "ممتلكات هامشية".
وينقل أيضًا عن مصدر لبناني وصفه بجيد الاطلاع قوله إن القصة بدأت يوم الاثنين 30 أكتوبر، عندما سافر الحريري للسعودية للقاء شخصي مع ابن سلمان، وكان مع ولي العهد مستشاره المهم للعلاقات مع الدول العربية ثامر السبهان.
يقول مصدر إغناتيوس إن "اللقاء مضى بشكل طيب. كان الحديث مؤكدا لاستمرار الدعم السعودي للبنان، بالرغم من هيمنة حزب الله على الحكومة التي يرأسها الحريري"، وعاد الحريري لبيروت في الأول من نوفمبر/تشرين ثان، واجتمع مع مجلس وزرائه ليطلعهم على مجريات الزيارة.
وينقل الكاتب عن المصادر أنه أبلغهم بأن السعودية ستدعم خططا لمؤتمر دولي في باريس لدعم اقتصاد لبنان، واجتماع اخر في روما لدعم جيشها، بالإضافة إلى مجلس سعودي لبناني مشترك لتشجيع الاستثمارات.
أبلغ الحريري وزرائه بهذه الأخبار بما في ذلك ممثلي حزب الله في الحكومة، وأنه رغم كون ابن سلمان سيتخذ موقفا متشددا حيال إيران، إلا أنه طمئنهم بأن لبنان لن يكون هدفا لذلك، ويقول الكاتب الأمريكي "هذه التطمينات تأكد خطئها الآن."
ووفقا لديفيد إغناتيوس، خطط الحريري للعودة للرياض للاجتماع مع الملك سلمان يوم الاثنين، 6 نوفمبر/تشرين ثان، ولكن الجدول تغير عندما تلقى اتصالا عاجلا من برتوكول ولي العهد يبلغه بأن الأمير يريد الاجتماع به يوم الجمعة الثالث من نوفمبر وأن يقضي نهاية الأسبوع معه.
"لم يتم لقاء الجمعة وظل الحريري منتظرا ببيته الفاخر بطريق التخصصي بالرياض،" حسبما ورد في المقال، وقال إغناتيوس إن "ما حصل بعد ذلك هو الجزء المرعب من القصة، ففي حوالي الثامنة صباح السبت، وهو موعد مبكر للاجتماعات في السعودية، استدعي الحريري على عجل للاجتماع مع ولي العهد.
"مضى الحريري لاجتماعه في سيارتين لا يرافقه غير حراسته الخاصة، اختفى تماما لعدة ساعات، ولم يظهر إلا على شاشة التلفزيون حوالي الساعة 2 بعد الظهر يقرأ بيانا يعلن فيه استقالته من منصب رئيس الوزراء مبررا ذلك بتهديدات إيرانية على حياته، وأن طهران تصدر "الفوضى والدمار"، كما قال في خطابه.
قال الكاتب إن "هذه اللهجة العدائية (التي تحدث بها الحريري) تجاه إيران غير معتادة منه، ولم يشاور فيها أيا من كتاب خطاباته المعتادين"، ولفت إغناتيوس إلى أنه قبل بث الخطاب بقليل، ذكرت قناة العربية التي تملكها السعودية ان الحريري سوف يعلن استقالته، ما يعني - بحسب الكاتب - أن خطابه كان مسجلا.
وأضاف أن الحريري اتصل في وقت لاحق بالرئيس اللبناني ميشيل عون يبلغه أنه لا يستطيع الاستمرار في وظيفته وأنه سيعود لبيروت في غضون أيام، ووفقا للكاتب "لم يعد الحريري لمنزله بالرياض إلا يوم الاثنين، ويقال إنه أقام يومي السبت والأحد في فيلا بفندق ريتز كارلتون حيث تعتقل تلك الشخصيات السعودية الهامة التي أوقفت في ليلة السبت "ليلة محاربة الفساد".
في الاثنين اجتمع الحريري مع الملك سلمان، ثم سافر إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي؛ حيث اجتمع مع ولي العهد هناك الشيخ محمد بن زايد والذي يعتبر "معلم" ابن سلمان، حسبما ورد في المقال.
أرسل تعليقك