يُجري الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، زيارة رسمية إلى السعودية، الاثنين، ضمن جهود تعزيز العلاقات المشتركة والتعاون الاقتصادي والاستثماري والتجاري بين البلدين، وفقاً لحديث صحافي أدلى به الرئيس التركي نهاية الأسبوع الماضي.
ومن المنتظر خلال زيارته الأولى إلى المنطقة بعد إعادة انتخابه رئيساً لولاية ثالثة في مايو (أيار) الماضي، أن يلتقي الرئيس التركي في جدة، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ويعقد جلسة مباحثات رسمية مع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز.
9 عقود من العلاقات الدبلوماسية
ويعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى ما يربو على 9 عقود؛ وذلك إثر توقيع «اتفاقية الصداقة والتعاون» عام 1929، وتوطّدت العلاقات الثنائية عبر الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين، وكان أولها زيارة الراحل الملك فيصل إلى تركيا في عام 1932 في طريق عودته من رحلة أوروبية، وزيارته الثانية بعد أن أصبح ملكاً في عام 1966.
وخلال عامي 2015 و2016 شهدت العلاقات الثنائية حراكاً وتطوّراً ملحوظاً، حيث عُقدت 5 قمم سعودية - تركية جمعت الرئيس إردوغان مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ لينبثق عنها إنشاء «مجلس التنسيق السعودي - التركي» في أبريل (نيسان) 2016؛ بهدف تعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين في شتى المجالات السياسية، والاقتصادية، والتجارية، ومجالات الطاقة، والزراعة، والثقافة، والتعليم والتكنولوجيا، والصناعات العسكرية والأمن، وعقد المجلس اجتماعه الأول في أنقرة في فبراير (شباط) 2017.
اهتمام دولي بزيارة ولي العهد السعودي الأخيرة
كما حظيت زيارة ولي العهد السعودي، إلى تركيا بدعوة من الرئيس إردوغان في يونيو (حزيران) العام الماضي، على اهتمام واسع من المجتمع الدولي، حيث أكد خلالها قادة البلدين عزمهما مواصلة تطوير العلاقات الثنائية «على أساس الأخوة التاريخية؛ لخدمة المصالح المشتركة للبلدين والشعبين ومستقبل المنطقة».
وتصدّرت السعودية قائمة المانحين في الاستجابة لزلزال تركيا هذا العام، حيث سيّرت جسراً جوياً للمساعدات الطبية والإغاثية، ونظمت حملة تبرعات شعبية، ووقّعت عقود مشروعات لصالح متضرري الزلزال بأكثر من 48.8 مليون دولار.
ومن جانبها، دعمت تركيا ترشح الرياض لاستضافة «معرض إكسبو 2030» كما رحّبت بجهود السعودية في مجال التصدي للتغير المناخي ومبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، وتطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون، الذي أطلقته السعودية، وأقرّه قادة دول مجموعة العشرين؛ وذلك انطلاقاً من حرص الجانب التركي على توطيد العلاقات مع السعودية، بحسب تصريحات رسمية.
تصدّرت السعودية قائمة المانحين في الاستجابة لزلزال تركيا فبراير (شباط) الماضي، وفي الصورة الرئيس التركي خلال زيارة ميدانية للبعثة السعودية المشاركة معه في مساعدة ضحايا الزلزال. (واس)
جهود مشتركة ضد الإرهاب
وللبلدين جهود مشتركة في مكافحة الإرهاب، حيث حطّت مقاتلات تابعة لسلاح الجو السعودي، في قاعدة «إنجرليك» الجوية بولاية أضنة التركية، في فبراير 2016 ضمن مشاركة السعودية في «التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش»، كما أن تركيا عضو في التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب، الذي أعلنت السعودية عن تشكيله في ديسمبر (كانون الأول) 2015، ويضم 41 دولة.
تشجيع الاستثمار المباشر
وفي التفاصيل، يسعى البلدان إلى التعاون في مجال تشجيع الاستثمار المباشر، حيث وقّعا اتفاقية في هذا المجال، كما أقاما منتدى الأعمال والاستثمار التركي - السعودي في ديسمبر الماضي بهدف إبراز فرص التعاون الواعدة للشركات التركية في المشروعات الضخمة التي ستطرحها المملكة في نطاق «رؤية 2030»، كما وقّعت شركات سعودية وتركية، عدداً من الاتفاقات في مجالات عدة، منها، التنمية الحضرية والعقارات، والمدن الذكية، وذلك خلال منتدى الأعمال السعودي - التركي، الذي أقيم (الأربعاء) الماضي في إسطنبول.
دعم سعودي للتنمية في تركيا
ويستند الجانبان اللذان يتمتّعان بمقومات اقتصادية كبيرة بصفتهما عضوين في مجموعة العشرين، إلى مستوى وثيق من التعاون الاقتصادي والتنموي بينهما في مجالات عدة، تمثّل أبرزها في دعم السعودية مؤخّراً جهود الحكومة التركية في تعزيز اقتصادها ومشروعاتها في مجال التنمية المستدامة، عبر توقيع اتفاق لإيداع 5 مليارات دولار في البنك المركزي التركي عبر «الصندوق السعودي للتنمية» في مارس (آذار) الماضي، فضلاً عن تقديم الصندوق نفسه - بحسب إحصائية عام 2020 - دعمه لـ11 مشروعاً تنموياً في تركيا، بقيمة بلغت 1090.63 مليون ريال، شملت مشروعات نقل الطاقة الكهربائية، وتوفير المياه، وتجديد وكهربة الخطوط الحديدية، وإنشاء وصلات طرق وجسور، ومطار (يشيل كوي) المعروف حالياً باسم مطار أتاتورك إسطنبول الدولي، إضافةً إلى دعم مشروعات مستشفيات تعليمية وتطبيقية في جامعات تركية.
بينما وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 6.5 مليار دولار العام الماضي، ويستمر بزخم متزايد في العام الحالي، ليستهدف رفع التجارة المتبادلة إلى مستوى 10 مليارات دولار على المدى القصير، و30 مليار دولار على المدى البعيد، طبقاً لوزير التجارة التركي.
عقدين من عمر مجلس الأعمال
كما أسهم تأسيس «مجلس الأعمال السعودي - التركي» قبل نحو 20 عاماً، في الدفع بتطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث شهدت منذ ذلك الحين تطوراً سريعاً وملحوظاً، لتصبح السعودية ضمن أكبر 8 شركاء تجاريين لتركيا على مستوى العالم.
ونجحت بيئة الأعمال السعودية في استقطاب 390 شركة تركية للاستثمار في السوق السعودية برأسمال إجمالي تجاوز 985 مليون ريال، في قطاعات عدة، أهمها التشييد، والصناعة التحويلية، وتجارة الجملة والتجزئة والمطاعم، في حين بلغ عدد الشركات ذات رأس المال السعودي المستثمرة في تركيا حالياً 1140 شركة متنوّعة في قطاعات عدة، ويبلغ حجم الاستثمارات السعودية الموجودة في تركيا حالياً 18 مليار دولار، وفق أرقام رسمية.
يذكر أن الرئاسة التركية، أكّدت في بيان بأن الرئيس إردوغان سيزور السعودية وقطر والإمارات خلال أيام 17 و18 و19 من الشهر الحالي، ضمن جولة خليجية هي الأولى من نوعها بعد فوز الرئيس التركي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك