يتعرض الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هيرتسوغ، لضغوط من قادة سياسيين في اليمين الحاكم، كي يرفض دعوة الرئيس الأميركيّ، جو بايدن، لزيارة البيت الأبيض، وذلك احتجاجا على امتناع الإدارة الأميركية، عن توجيه دعوة مشابهة إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.
وقال مصدر سياسي في تل أبيب، إن الإدارة في واشنطن كسرت كل القواعد التقليدية في العلاقات بين البلدين، حيث تمت دعوة كل رئيس وزراء إسرائيلي لزيارة واشنطن حال انتخابه، وعلى أكثر حد في غضون ثلاثة أشهر. بينما نتنياهو يقود الحكومة الجديدة منذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وقال إن هذه الدعوة لم تكن مجرد مجاملة، إذ إن مثل هذا اللقاء يكون عادة ذا طابع تأسيسي يتفق فيه قائدا البلدين على الخطوط العريضة للعمل المشترك ورسم السياسات، ويعد أعلى درجة تنسيق بين القيادتين في الشؤون الاستراتيجية. لذا، فإن الامتناع عن إجرائه، ينطوي على خطوة عقاب شديد قد يضرب المصالح المشتركة.
غير أنه في إسرائيل من ينظر إلى الموضوع من باب آخر، وهو أن واشنطن توجه رسالة واضحة للرأي العام الإسرائيلي، بأن الحكومة التي اختارها هي التي تخرق قواعد العمل المشترك، وأن الإدارة الأمريكية تقف إلى جانب غالبية الشعب في إسرائيل وغالبية المواطنين اليهود الأمريكيين، القلقين جدا من خطة الحكومة للانقلاب على منظومة الحكم وإضعاف الجهاز القضائي، والتراجع عن الأركان الأساسية للديمقراطية.
ويرى هذا التيار، أن الإدارة الأميركية قلقة من مشاريع الحكومة الاستيطانية وتدهور الأوضاع الأمنية في المناطق الفلسطينية، وتقول إن هذه السياسة تغلق الباب أمام حل الدولتين وتجعل إسرائيل دولة ثنائية القومية وربما ذات أكثرية عربية.
وعليه فإن عدم دعوة نتنياهو شخصيا لزيارة الولايات، لا يعني تغيير الموقف الاستراتيجي من إسرائيل. والدليل هو أن واشنطن تواصل دعم إسرائيل سياسيا وعسكريا واقتصاديا. وتقيم اتصالات عميقة مع مؤسسات الحكم ونشاطات مشتركة بين المؤسستين العسكرية والأمنية بين البلدين، بما في ذلك إجراء مناورات عسكرية مشتركة.
وكانت «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، قد نقلت عن مسؤولين أميركيين لم تسمّهم، قولهم إن الدعوة الرسمية للاجتماع بين بايدن وهيرتسوغ، ستصدر في الأيام القريبة القادمة. والمتوقع أن يصل هيرتسوغ إلى البيت الأبيض في الأسبوع الثالث من شهر يوليو (تموز) المقبل، حيث يلقي كلمة في اجتماع مشترك لمجلسَي الكونغرس، الشيوخ والنواب، احتفالا بالذكرى الخامسة والسبعين لقيام إسرائيل، والتوجه بعدها إلى البيت الأبيض للقاء بايدن.
وأكدت المصادر أن اللقاء المرتقب سيكون الثاني الذي يجمع بايدن وهيرتسوغ.وأوضحت القناة أن الإدارة الأميركية، لم تخف موقفها هذا عن الحكومة بل أبلغت نتنياهو عن طريق أحد أقرب المقربين منه، وهو وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، الذي استقبل في واشنطن قبل أسبوعين.
من جهة ثانية، قال ديوان الرئيس الإسرائيليّ، هيرتسوغ، في ردّ على القناة، إنه، «وخلال زيارته إلى الولايات المتحدة في العام الماضي، تلقى هيرتسوغ دعوة من مجلس النواب الأميركي، للتحدث أمام مجلسي النواب والشيوخ، احتفاءً بالذكرى الخامسة والسبعين لقيام دولة إسرائيل، ونحن نعمل على تنسيق الزيارة».
المعروف أن نتنياهو غاضب بشدة من الموقف الأمريكي، ومع أنه لا يدلي بتصريحات علنية إزاءه، فإنه يتخذ إجراءات احتجاجية واضحة ضده.
فهو يمنع وزراءه من الاستجابة لأي دعوات لزيارة الولايات المتحدة، إلا في حالات نادرة. ويستقبل في إسرائيل وفودا من الحزب الجمهوري، خصوم الرئيس بايدن وحزبه الديمقراطي. ويطلق العنان، في بعض الأحيان، لوزراء في حكومته ليدلوا بتصريحات ناقدة للإدارة.ويتبنى نتنياهو مواقف متضاربة مع المواقف الأمريكية في عدة قضايا، في مقدمتها تسريب معلومات عن المفاوضات الأمريكية الإيرانية، حول التوصل إلى تفاهمات جديدة تكون بمثابة اتفاق نووي مرحلي. وهو يعلن أن إسرائيل لا تعد نفسها ملتزمة بأي اتفاق كهذا، وتحتفظ بحقها بمواصلة العمل ضد المشروع النووي الإيراني بقواها الذاتية.
وحسب المصادر السياسية المذكورة أعلاه، فإن القوى السياسية التي تمارس الضغوط على هيرتسوغ كي لا يسافر إلى واشنطن، تأتي من محيط نتنياهو نفسه. وهو يحاول، على الأقل، تجنيد هيرتسوغ، للضغط على بايدن حتى يخفف من حدة موقفه ويوجه دعوة إلى نتنياهو، قبل أن يصل هيرتسوغ إلى واشنطن.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك