تل ابيب -العرب اليوم
في تصعيد للصدام المباشر بين رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وعائلته والمتطرفين في اليمين، وبين قيادات الأجهزة الأمنية، وُضعت علامة على رئيس أركان الجيش، الجنرال هيرتسي هليفي، باتهامه أنه «جزء من مؤامرة لإسقاط نتنياهو وحكومته»، بينما رد الأمنيون ومعهم قادة المعارضة، بأن «الرجل فقد البوصلة، ويسعى للإطاحة برئيس أركان الجيش حتى يكون عبرة لبقية الجنرالات».
ورأى أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع الأسبق، أن «ما يفعله نتنياهو هو التضحية بأمن إسرائيل في سبيل خدمة مصلحته الشخصية». وقال ليبرمان، وهو رئيس حزب «يسرائيل بيتينو» المعارض، إن «رئيس الحكومة يمنع حالياً مداولات في الكابنيت (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية)، وكذلك في لجنة الخارجية والأمن، حول كفاءات الجيش الإسرائيلي، وهذا بكل بساطة أمر لا يقبله العقل».وفي رد على سؤال مذيع في محطة «إف إم 103» قال: «أجل عندي تفسير. فأنا أعرف الرجل منذ نحو 40 عاماً. مصلحته الشخصية فوق كل شيء، حتى فوق أمن الدولة». وأضاف ليبرمان: «على الرغم مما يقال بأن نتنياهو كان معنياً بحرب على (حزب الله) حتى يشغل الجمهور عن معارضة خطته الانقلابية، ويوقف حملة الاحتجاج، فإن نتنياهو هو الذي يمنع الحرب لأنه لا يريد أن يتحمل مسؤولية عن الإخفاقات المتوقعة فيها بسبب خطته الانقلابية».
وقال ليبرمان، إن «نتنياهو منع شخصياً عملية عسكرية فورية ضد استفزازات (حزب الله) عند الحدود اللبنانية». وأضاف: «المستوى المهني في جهاز الأمن، أوصى بالعمل فوراً، وبشكل حازم جداً، ضد (حزب الله)، لكن رئيس الحكومة تأتأ وأوقفهم ومنعهم من الرد الذي أرادوا تنفيذه».
وأضاف ليبرمان، الذي كان أحد أبرز الحلفاء السياسيين والمقربين من نتنياهو في الماضي، أن «نتنياهو غضب على الجنرالات لأنهم أطلعوا الجمهور على حقيقة الوضع في الجيش من جراء رفض الخدمة التطوعية. وهو يعرف أن سياسته الانقلابية تقوض الأوضاع في الجيش وفي الدولة برمتها. وهو بدلاً من القيام بواجبه بوصفه رئيس حكومة، ويحاول الدفاع عن كفاءات الجيش، تجده يعمل ليل نهار من أجل تفكيك الجيش، ويطلق مساعديه وحتى ابنه يائير ليطلقوا التهجمات على ضباط الجيش. وكل هذا لأنه يحاول الدفاع عن نفسه من المحاكمة. ويفعل ذلك جهاراً، ولا يخفيه حتى عن الأعداء. باختصار، يحاول أن يتهرب من المسؤولية وتحميلها على المستوى العسكري».يذكر أن قادة الجيش الإسرائيليّ فوجئوا بالانتقادات الأخيرة والهجمات التي تستهدف النخبة الأمنية، وعدُّوها هم أيضاً «محاولة لإلقاء مسؤولية ما يجري على أكتاف الجيش، لا على الحكومة».
ووفق أوساط أمنية رفيعة، تحدثت إلى «القناة 12» بالتلفزيون الإسرائيلي فإن «نتنياهو يبدو قلقاً بشأن تآكل كفاءة الجيش، منذ أن بدأ الضباط المقاتلون يعلنون رفضهم التطوع في الخدمة الاحتياطية». ووفق خبراء يعرفون نتنياهو جيداً، فقد أزعجه أن الجيش رفض تنفيذ عملية ضد (حزب الله) بسبب ما عرضوه خلال اجتماعهم بنتنياهو، عن تراجع الكفاءة في الجيش، وفهم أن هذه اللهجة معدة لتوريطه أمام لجنة تحقيق في المستقبل، لذلك راح يصرخ في اجتماعه معهم، ففهموا أنه بذلك يسعى لمهاجمة قادة الجيش في محاولة لإسقاط المسؤولية عن نفسه وإلقائها عليهم.
وجاء في تقرير للقناة الرسمية «كان 11»، أنه «في حين يصرّ كبار المسؤولين (الأمنيين) على القيام بدورهم في ظلّ التحديات الأمنية العديدة، في الضفة، أو على الحدود مع لبنان، يحاول الموالون لنتنياهو إسكاتهم وتثبيط عزيمتهم، حتى لا تنكشف الصورة الحقيقية والجدية للمستوى السياسي، وخصوصاً للجمهور».
وقال التقرير، إن «هناك سبباً آخر لسلسلة الهجمات الأخيرة على قيادة الأمن، فقد أدرك نتنياهو أن أزمة أمنيّة قد تحدث قريبًا... وقبل أن يحدث هذا، من المهمّ بالطبع تحديد المذنبين مسبقاً، حتى لا نشوّش خطأً، ونعتقد أن رئيس الحكومة هو المسؤول».
تخفيف الانتقادات
وإزاء هذا النشر، حاول نتنياهو تخفيف الانتقادات عليه فنشر تغريدة عبر «تويتر»، قال فيها إن «دولة إسرائيل تواجه تحديات كبيرة، وبصفتي رئيس حكومة إسرائيل، أعمل ليل نهار مع وزير الأمن، ورئيس الأركان، وكبار مسؤولي الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن، لضمان أمن إسرائيل في كلّ وضع».
ولكن قادة الأجهزة الأمنية غضبوا أكثر من هذه التغريدة، إذ لاحظوا أنه تجاهل فيها هجوم نجله يائير ورفاقه في قيادة معسكر اليمين، على قادة الجيش، ووصفهم رئيس الأركان بأنه «سيُذكَر بوصفه رئيس الأركان الأكثر فشلاً وتدميراً في تاريخ إسرائيل». ولم يقل نتنياهو كلمة واحدة عن هذا كله. والوحيد في «الليكود» والحكومة الذي هبّ للدفاع عن الجيش ورئيس أركانه، كان وزير الدفاع، يوآف غالانت. وقد اهتمت مصادر في اليمين في تسريب نبأ يقول، إن الصدام بين غالانت وبين نتنياهو أيضاً سيكون قريباً.منظمو مظاهرات الاحتجاج اتخذوا موقفاً من هذا الصراع، فقالوا في بيان رسمي، إن اختيار نتنياهو عدم إدانة الهجوم على رئيس الأركان، تظهِر للجمهور أنه «غير مؤهَّل لمنصبه»، فهو يعطي الضوء الأخضر للهجوم على رئيس الأركان، وهددوا: «إذا قاد نتنياهو حملة وحاول عزل رئيس الأركان، فستشاهَد مشاهد في إسرائيل لم نشهدها من قبل. لن نسمح لنتنياهو بالقضاء على إسرائيل».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك