نيويورك ـ العرب ليوم
كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية أن السبب الحقيقي الذي دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتأكيد نيته على نقل سفارة بلاده إلى المدينة المحتلة، كان خوفه من خسارة أصوات الأميركيين الإنجيليين. وأوضحت الصحيفة البريطانية، في تقرير نُشر الجمعة على موقعها الإلكتروني، أن هناك حوالي 50 مليون أميركي ينتمون إلى الحركة الإنجيلية المسيحية، ووفقاً للبحث، فهم ملتزمون بالمعنى الحرفي لنصوص الكتاب المقدّس، ويعتبرونه المصدر الوحيد للإيمان المسيحي.
"نبوءة مسيحية"
ووجد مسح أُجرى مؤخراً، أن 82 % من الإنجيليين البيض، يعتقدون بأن الله أعطى إسرائيل لليهود، ومن بينهم من يؤمن بنبوءة "نهاية الأيام"، والتي تقول إن اليهود سيسيطرون على القدس بأكملها، ما يتسبب في نشوب حرب بين الحضارات، ويضطر اليهود إلى الاختيار ما بين اعتناق المسيحية، أو أن يحِل عليهم غضب الله. وأوضحت الصحيفة البريطانية أن قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس لم يحظْ بدعم كبير بين الأميركيين، ولم يستقبله المواطنون بالحفاوة التي انتظرها ترامب.
وفي المقابل، رحبت قاعدة ترامب الدينية بالقرار، وقال جوني مور، المتحدث باسم المستشارين الإنجيليين لترامب، إن الرئيس الأمريكي أظهر لمؤيديه الإنجيليين أنه رجل أفعال لا أقوال، وأنه ينفذ وعوده. وقال القس باول وايت، أحد أكبر القساوسة الإنجيليين، والمقرب من ترامب في فلوريدا عقب القرار، إن الرئيس الأميركي أظهر للعالم مرة أخرى أنه ينوي فعل الصواب، برغم الانتقادات الموجهة له، والأصوات التي تدينه. وأكد القس أن الإنجيليين منتشون من القرار، وأن إسرائيل بالنسبة لهم أرض مقدسة، وأن اليهود أصدقاؤهم الأعزاء.
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن الأمر أيضاً متعلق بالمال، موضحة أن الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي تلقت مبالغ مادية كبيرة من الجماعات المسيحية واليهودية المتشددة، الذين يدعون للاعتراف بسيادة إسرائيل على القدس، من بينهم الملياردير شيلدون أديلسون، الذي قدم مبالغ طائلة لحملة الرئيس الجمهوري.
وذكرت الإندبندنت أن ترامب لا يُعد المسؤول الكبير الوحيد في الإدارة الأميركية الذي يسعى لكسب ود القاعدة المسيحية المتشددة، إذ إن نائبه مايك بنس، والذي ظهر إلى جواره خلال إعلانه القرار في البيت الأبيض الأربعاء الماضي، وعلى وجهه ابتسامة كبيرة، ضغط من أجل نقل السفارة إلى القدس، وهناك أيضاً نيكي هالي، سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة، التي بذلت قصارى جهدها للتصدي للانتقادات التي وُجهت للرئيس الأميركي.
وعلى الجانب الآخر؛ يعارض عدد من المسؤولين في الإدارة الأميركية قرار ترامب بنقل السفارة إلى القدس، وحذروا ترامب من تبعات هذه الخطوة، وتسببها في إشعال فتيل الغضب في العالمين العربي والإسلامي، مؤكدين أنها ستعرقل مفاوضات السلام بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. ومن بين المعارضين، بحسب الصحيفة البريطانية، وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، كما حث جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وزوج ابنته الكبرى والمسؤول عن محادثات السلام بين الجانبين، على التعامل بحذر مع هذه المبادرة.
ويرى القس إنديانا بول بيجلي نقل السفارة هو البداية الحقيقية للنبوءة المسيحية، ويقول: "أنا كنت هناك.. وأقول لكم إن اليهود يعتقدون أن المسيح سيظهر عند بناء الهيكل، سينكشف يسوع لليهود وسيحتضهم".
وكتبت لوري كاردوزا مور، الناشطة الإنجيلية الأميركية، في مقال نشرته بصحيفة هاآرتس الإسرائيلية: "إن اليهود والمسيحيين يعتقدون أن المسيح سيحِل يوماً ما على عرش داوود في القدس"، مُشيرة إلى أن كل الإسرائيليين ينتظرون بناء هيكل سُليمان، وأن نقل السفارة ستكون الخطوة الأولى لتحقيق ذلك.
وأكد وزير الخارجية الأميركي، في مؤتمر صحافي جمعه بنظيره الفرنسي، الجمعة، أن نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى مدينة القدس لن يتم قبل عامين. وتقول الصحيفة البريطانية إن هناك الكثير من الأشياء التي يمكن أن تحدث في هذه الفترة، فمن الممكن أن يُلقى القبض على جاريد كوشنر، في التحقيقات الدائرة الآن في أميركا على خلفية مزاعم التدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية، ما يؤثر على إدارة ترامب .
أرسل تعليقك