منذ مطلع السنة الراهنة تتحرك إيران بنشاط كبير على الساحة الدبلوماسية سعيا إلى تخفيف عزلتها خصوصا في منطقة الشرق الأوسط مع توثيق روابطها بالصين وروسيا وعبر المصالحة مع عدد من دول الجوار وخفض التوتر مع الدول الغربية.
وفيما بدأ المساران الأولان بالفعل، ثمة شكوك حول إمكان التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة التي تبقى العدو الأساسي لإيران حسب تحليل نشرته وكالة الصحافة الفرنسية الأربعاء.
تقول صنم وكيل، الباحثة بالشؤون الإيرانية في «تشاتام هاوس» إن إيران من خلال نشاطها الدبلوماسي «تريد أن تثبت أنها رغم العقوبات والاحتجاجات الداخلية ما زالت صامدة في وجه العاصفة من خلال تعزيز روابطها على المستوى العالمي».
في الفترة الأخيرة، اعتمدت طهران وواشنطن التكتم الشديد حول تقدم المحادثات غير المباشرة بينهما برعاية سلطنة عمان الوسيط التقليدي بين البلدين اللذين لا يقيمان علاقات دبلوماسية.
ويقول الخبير الإيراني دياكو حسيني المقرب من فريق الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني إن الإيرانيين والأميركيين يسعون إلى إبرام «اتفاقات محدودة تهدف إلى خفض التوتر» مثل تسجيل «تقدم على صعيد البرنامج النووي الإيراني والإفراج عن سجناء».
على المدى الطويل، تأمل طهران أن تسمح هذه الخطوات الدبلوماسية الصغيرة بإنعاش الاقتصاد المنهك جراء العقوبات الغربية وتضخم قياسي يلقي بثقله على القدرة الشرائية للإيرانيين البالغ عددهم 85 مليونا.
فالعقوبات المتتالية التي فرضتها الولايات المتحدة اعتبارا من 2018، تثني إلى حد كبير كل الشركات الأجنبية التي تفكر بالاستثمار في إيران مهما كانت جنسيتها.
وبحسب تحليل وكالة الصحافة الفرنسية فإن دول المنطقة ستنظر بعين الرضا إلى بوادر انفراج بين الإيرانيين والأميركيين نظراً لحرصها على تهدئة التوترات الناجمة عن نزاعي اليمن وسوريا.
وتشكل هذه الرغبة أحد الدوافع الرئيسية لتطبيع العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية الذي تبلور بعد قطيعة استمرت سبع سنوات.
بوشر هذا التقارب في مارس (آذار) برعاية الصين وقد كان له أثر على دول أخرى قطعت الجسور مع إيران، مثل مصر والبحرين، وهي قد تستأنف قريباً علاقاتها مع طهران. لكن نقطة الغموض الرئيسية تبقى موقف إسرائيل العازمة على منع إيران من حيازة السلاح النووي.
«نظام عالمي جديد»
بموازاة ذلك، ترتسم تهدئة نسبية بين إيران والدول الأوروبية بعد توترات شديدة على مدى أشهر مرتبطة خصوصا بحركة الاحتجاج التي انتقدت أوروبا قمعها بشكل واسع. وقد انطلقت الاحتجاجات بعد وفاة الشابة مهسا أميني البالغة 22 عاما في سبتمبر (أيلول) الماضي إثر توقيفها بدعوى «سوء الحجاب».
في الأسابيع الأخيرة، أفرجت إيران عن ستة أوروبيين كانت تعتقلهم وأجرت محادثات حول الملف النووي مع ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة. إلا أن الدول الغربية لديها مأخذ جديد على إيران يتمثل بدعمها موسكو في الحرب على أوكرانيا. وتتهم هذه الدول طهران بتزويد موسكو بمسيّرات ومساعدتها في بناء مصنع لإنتاجها لكن إيران تنفي ذلك.
وتتجه أنظار إيران إلى الصين أيضا أملا بجذب استثمارات صينية كبيرة يبقى مستواها متدنيا رغم الوعود الكثيرة. فللمرة أولى في غضون عشرين عاما، أجرى الرئيس الإيراني في فبراير (شباط) زيارة للصين حيث أشاد نظيره الصيني شي جينبينغ بـ«التضامن» بين البلدين.
وتحاول إيران التي تطمح إلى أن تشكل إحدى ركائز «نظام عالمي جديد»، توسيع نطاق نفوذها في جنوب شرقي آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.
زار رئيسي إندونيسيا ومن ثم توجه الأسبوع الماضي إلى ثلاث «دول صديقة» في أميركا اللاتينية هي فنزويلا ونيكارغوا وكوبا حيث ندد بـ«القوى الإمبريالية» ولا سيما واشنطن.
ويقول دياكو حسيني إن طهران «تتجه إلى دول لا تنظر إلى الكتلة الغربية، لتظهر أن النفوذ الغربي ليس أساسيا لإيران واقتصادها».
وتؤكد إيران أنها تريد الانضمام سريعا إلى منظمتين لا تضمان دولاً غربية هما بريكس التي تضم جنوب أفريقيا والبرازيل والصين والهند وروسيا، ومنظمة شنغهاي للتعاون التي تضم في صفوفها خصوصا الصين وروسيا وأربع دول من آسيا الوسطى.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك