موسكو-العرب اليوم
قال المحلل الاقتصادي محمد النجار إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعطى درسا لكل الدول والقيادات في فكر التخطيط الاستراتيجي، ويقود تغييرا شاملا في النظام العالمي.
وأضاف أن الرئيس الروسي "استعد جيدا ثم نفذ ماخطط له عبر تجهيز وتأهيل الدولة والمجتمع الروسي لمواجهة ضخمة".
وقال: "على مدار عقود وبعد انهيار حلف وارسو، حاولت العديد من الدول أن تواجه التغول الأمريكي وسيطرة حلف الناتو علي مقدرات العالم وإدارة الصراعات الدولية بما يخدم مصالحه، ولكن معظم هذه المحاولات باءت بالفشل إما لعدم قدرة هذه الدول على المواجهة لتفكك المجتمع وطائفيته وعدم الاستعداد الكامل للصراع والتسرع في اتخاذ القرارات، أو لعدم قدرتها على اكتساب حلفاء في الصراع".
وأضاف: "وغير بعيد عن ذلك تجربة صدام حسين في العراق، وكذلك تجربة فنزويلا وغيرها. وعلى النقيض استطاعت إيران الوقوف في وجه أمريكا بقدرات أكبر ولكنها لم تتجاوز الملف الإيراني".
وأوضح: "دولتان فقط قد تغيران المنظومة الاقتصادية والسياسية في العالم وهما روسيا والصين.
الصين استطاعت أن تبني اقتصادا قويا علي مدار عقود من التقشف والاستعداد الجاد والتركيز على الصناعة والتجارة، ثم انطلقت لتكون من أكبر القوى في مجال التكنولوجيا وصناعتها وتطويرها، لتصبح الصين وفقا لتقرير التنمية البشرية الصادر عن البنك الدولي هي أكبر اقتصاد في العالم بتعادل القوي الشرائية، ومتجاوزا الاقتصاد الأمريكي بحوالي 5 تريليونات دولار، كما تمتلك الصين أكبر احتياطي نقدي وذهبي في العالم، وبعد أن كانت تركز علي الاقتصاد فقط دخلت بقوة في مجال التكنولوجيا العسكرية لتصنع الطائرات العسكرية والصواريخ وتكنولوجيا الفضاء الاقتصادية والعسكرية، وتصنيع حاملات طائرات بتكنولوجيا جديدة لم يشعدها العالم، بل أن الصين ستكون أول دولة في العالم تصنع طائرات ركوب خارج بوينج وايرباص ودخلت طائرتها مجال التجريب وهناك 1000 طلب مسبق علي الطائرة، وأصبحت الصين أكبر مصنع ومصدر للسيارات في العالم، لن تحدث كثيرا. فالصين قصة نجاح أصبحت هي المثال الأبرز في العالم، وغير بعيد عن الذاكرة تجربة عبد الناصر في الستينيات التي كان العالم ينظر لها بنظرة إعجاب بل أن الصين وقتها حاولت الاستفادة من التجربة المصرية، والتي شملت تصنيع ركوب بطاقة 50 ألف سيارة سنويا وكذلك تصنيع التلفزيونات وأغلب احتياجات مصر، وتصنيع طائرة وصواريخ و1200 مصنع للصناعات المدنية والعسكرية، ولو استمر التطوير بنفس المعدل لكان لمصر شأن آخر في هذا المجال، بعيدا عن تندر السفهاء عن قدرات الصواريخ المصرية والتي كانت في بدايتها شأنها شأن أي مشروع يبدأ بداية متواضعة قبل اكتساب الخبرات والتطوير، وكذلك تأخير الدخول في مواجهات قبل الاستعداد الكامل لأن هذه المواجهات استهلكت كثيرا من قدرات مصر، ولكنها تجربة جديرة بالاحترام والدراسة".
وأردف الخبير: "أما الدرس الأكبر فكان درس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي تسلم روسيا دولة منهكة تعاني بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وأصبحت الدولة العظمى شبحا لظل ماض مجيد، ورغم هذه الحالة كانت روسيا تمتلك حتي بعد التفكك قدرات عسكرية ضخمة، ولكنها غير متطورة مقارنة مع الغرب وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية".
وقال: "استطاع بوتين قيادة الأمة الروسية لاستعادة قوتها في كل المجالات، فعلى الصعيد العسكري أصبحت الترسانة العسكرية الروسية متطورة كما وكيفا، وخصوصا في مجال الطائرات والصواريخ والغواصات النووية، بل ويمكن اعتبار روسيا الدولة الأولى عالميا في مجال محطات الفضاء ومحركات دفع الصواريخ للفضاء. وعلى مستوى الصناعة والتعدين طورت روسيا العديد من الصناعات لتصبح قوة لايستهان بها في هذا المجال وأصبحت أكبر منتج للرقائق الالكترونية ومكوناتها، كما استطاعت روسيا أن تتحول لمارد عالمي في مجال الطاقة والتعدين وانتاج الحبوب، واستطاعت أن تصبح أكبر المؤثرين في سوق الطاقة العالمي في مجال النفط والغاز، وخصوصا تصدير الطاقة الرخيصة لأوروبا من غاز وبترول، وتمتلك روسيا أكبر انتاج عالمي للقمح، وعندها اكتفاء ذاتي من أغلب الحبوب والمنتجات الغذائية مع استثناءات قليلة".
وأردف: "كان اتخاذ بوتين قرار استعادة شبه جزيرة القرم وإقليم الدونبسك من أوكرانيا وهي أرض روسية بالأساس، قرارا مبنيا علي امتلاك أسس المواجهة اقتصاديا وعسكريا مع بناء شبكة من الحلفاء والاصدقاء علي أساس المصالح، ورغم تصعيد الولايات المتحدة الأمريكية للأزمة إلا أن روسيا استطاعت الصمود اقتصاديا في مواجهة العقوبات الأوروبية والأمريكية، والتي لايشاركهم فيها أغلب دول العالم".
وتابع: "تكونت ارهاصات لنظام اقتصادي جيد تقوده الصين وروسيا اعتمادا، أبرز نقاطه إقامة نظام اقتصادي عالمي عادل، التحول عن هيمنة الدولار كعملة احتياط واستخدام عملات الدول في التبادل التجاري معها، وزيادة احتياطيات الذهب، ودعم الدول التي عانت من التنمر الأمريكي الأوروبي مثل السعودية ومصر والهند وإيران وهي دول تمتلك ثقلا كبيرا في محيطها الإقليمي. وكان المنتدى الذي استضافه بوتين يحمل رسائل واضحة أولها انتهي عصر القطب الأوحد، وعدم استمرار هيمنة الدولار، ودعم الدول الصديقة، وزيادة من الحوافز ودعم الشعب الروسي وتحقيق قدر أكبر من العدالة".
وختم بالقول: "باختصار درس بوتين.. استعد جيدا ثم أدخل في المواجهات".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
بوتين يؤكد أن بعض العملات العالمية "تنتحر" بسبب العقوبات على روسيا
بوتين يصرح ابتزاز الغرب للدول المتعاونة مع روسيا لن يؤثر على القادة الأقوياء
أرسل تعليقك