في خطوة اعتبرت موجهة ضد حرية المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية، صوتت سلطات شمال إيطاليا هذا الأسبوع على قرار يمنع بناء المساجد في مقاطعة لومبارديا، التي تعد أكبر الأقاليم الإيطالية وأكثرها ثراء شمال البلاد. قرار رغم "خطورته" وتمييزه بين الديانات السماوية، إلا أنه لم يحدث ضجة في الطبقة السياسية.
ممنوع بناء المساجد اعتبارا من هذا الأسبوع في شمال إيطاليا، هذا ما قرره القانون الإيطالي في مقاطعة لومبارديا التي تعد أكبر الأقاليم الإيطالية من حيث تعداد السكان - عشرة ملايين نسمة - وأكثرها ثراء، تتعايش فيها منذ عقود ديانات وجنسيات مختلفة بما فيها المسلمين.
رابطة الشمال الإيطالية، التي تحسب على اليمين المتطرف وقريبة كذلك من رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني، كانت وراء مشروع القرار الذي صار حقيقة اليوم، الذي بفضله لن يتمكن المسلمون من بناء المساجد ولا حتى مواصلة أشغال البناء بالنسبة لتلك التي بدأ بناؤها منذ سنوات.
"ماذا يفعلون في مساجدهم؟ يصلون و... يمارسون السياسة"
الحرب بين المسلمين ورابطة الشمال في إقليم لومبارديا تعود لنحو 10 سنوات مضت، عندما طالب مسلمو المنطقة من السلطات البلدية رخصة لبناء مسجد يصلون فيه بدل خيمة كبيرة بنيت في ضاحية مدينة ميلانو يأتيها نحو ألف مصل كل جمعة، أو أقبية العمارات التي يلجأ إليها عشرات المسلمين لأداء الصلاة.
فرفضت الرابطة بناء مساجد بالمنطقة واستعملت جميع الوسائل القانونية للضغط على السلطات المسؤولة لمنع حدوث ذلك.
وتحمل رابطة الشمال هذا الخطاب المعادي للمسلمين، حيث تساءل ماسيمليانو روميو، مسؤول في الرابطة بالبرلمان المحلي خلال مقابلة صحفية تناقلتها وسائل إعلام إيطالية "ماذا يفعل المسلمون في المساجد؟ يصلون ...ويقومون بالسياسة".
ليضيف "ماذا يختبأ وراء المراكز الثقافية الإسلامية؟ هل يذهبون إليها فقط من أجل الصلاة؟ للحديث عن تقاليدهم أو يذهبون هنالك للحث على الكره اتجاه الغربيين"، "ففي بعض البلدان الإسلامية تحرق كنائسنا، ونحن نعطيهم الحق في بناء مساجد هنا؟، لا هذا مستحيل وعلينا بقوانين حديدية للتحكم بهم".
عدم الخلط بين "الإسلام" و "الإرهابيين"
ورغم خطورة القرار إلا أن القانون لم يحدث أي ضجة في الأوساط السياسية في إيطاليا بما في ذلك يسار الوسط الإيطالي الحاكم وبين فريق ماتيو رينتسي الحكومي الذين لم يعلقوا على القضية.
وحاولت السلطات الإيطالية طمأنة الإيطاليين بعدم الخلط بين الإسلام والإرهاب غداة الهجمات الإرهابية التي ضربت فرنسا في 7 كانون الثاني/ يناير الماضي، والتي نفذها جهاديون فرنسيون باسم الإسلام وقتل فيها 17 شخصا. حيث أكد وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني على ضرورة عدم الخلط بين "الإسلام" و"الإرهابيين"، رافضا "المزايدات ومحاولات ربط الإرهاب بالإسلام".
كما أكد رئيس الدبلوماسية الإيطالية في مقابلة صحفية نشرها موقع وزارة الخارجية الإيطالية ونقلتها وكالة الأنباء الكويتية أنه "لا يجب علينا قبول الخلط بين الإسلام والإرهاب" موضحا أن "الإقدام على هذا الخلط الذي تلح عليه بعض الأوساط الغربية هو محض بلاهة كما يعد هدية للإرهابيين".
وأشار إلى الدور "المهم" الذي يقع على عاتق الحكومات والمؤسسات الدينية والمجتمع المدني في البلدان الإسلامية في مواجهة "تحدي الإرهاب الذي يستهدف حكومات هذه البلاد أساسا قبل استهدافه للغرب".
ويذكر أن المشرعين الإيطاليين اختاروا نهاية كانون الثاني/ يناير سيرجيو ماتاريلا (73 عاما)، القاضي بالمحكمة الدستورية والسياسي المخضرم المنتمي لتيار يسار الوسط، رئيسا للبلاد في 31 كانون الثاني/ يناير الماضي.
المصدر: أ ف ب
أرسل تعليقك