غوما - العرب اليوم
على ضفاف نهر كيفو في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية ثمة وسيلة نقل خارجة عن المألوف هي عبارة عن عربة خشبية اشبه بدراجة هوائية تستطيع نقل حمولة كبيرة جدا وتضفي مزيدا من الفوضى على حركة السير في مدينة غوما.
وهي على غرار الدراجات النارية التي تستخدم كسيارات اجرة، تنتشر في كل مكان في الشوارع الكبيرة المعبدة كما الازقة الصغيرة التي تشكل الجزء الاكبر من طرقات هذه المدينة البالغ عدد سكانها مليون نسمة والواقعة عند الحدود مع رواندا.
يبلغ طول عربة تشوكودو مترين وهي مجهزة بمقود عال وعريض. ونظرا الى الحمولة الكبيرة التي تنقلها والتي توضع بتوازن متقن، فان سائق التشوكودو يضطر الى دفع عربته بنفسه.
في غوما اصمة اقليم شمال كيفو تنتصب منحوتة ضخمة مذهبة منذ سنوات تكريما للعمل المضني الذي يقوم به سائقو التشوكودو ولهذا الاختراع المحلي.
وتضم المدينة 1500 من سائقي التشوكودو على ما تفيد نقابتهم المهنية. ويبدأ يوم العمل بالنسبة للمئات منهم الذين يقيمون في محيط المدينة، بنقل المنتجات الزراعية المزروعة في الجبال الخضراء الى شمال المدينة لتغذية اسواقها.
ومع وصولهم الى غوما، يلبون بعض الطلبيات فيها او يعودون الى نقطة انطلاقهم محملين بالبضاعة ايضا.
يستفيق جان-ماري فيريكي عند الساعة الرابعة الا ان عملية النزول عنده تتوقف في كيبومبا على بعد ثلاثين كيلومترا شمال غوما. فهذا الرجل البالغ 35 عاما هو سائق تشوكودو فجرا وصانع لهذه العربة خلال النهار.
ويوضح ان "تشوكودو بنوعية وسطية يكلف 50 دولارا لكن سعر تشوكودو جميلة قد يراوح بين 80 ومئة دولار" وهو مبلغ كبير في الكونغو حيث الجزء الاكبر من السكان يعيش في فقر مدقع وحيث استخدام الدولار اكثر من استخدام الفرنك الكونغولي.
لا الات في المشغل الذي يتشاطره مع حرفيين اخريين فكيبومبا شأنها في ذلك شأن الجزء الاكبر من البلاد لا تحظى بالتيار الكهربائي. فيتم العمل على الالواح الخشبية بمنشار يدوي ومنجر وورق صاقل. ويحتاج الحرفي الى يومين لصناعة هذه العربة الخشبية.
وتعتز كيبومبا بانها مهد التشوكودو. يعمل بولان بارازيزا الى جانب فيريكي في المشغل. ويقول الرجل البالغ 35 عاما ان ولادة هذه العربة "يعود الى العام 1973".
ويوضح "اباؤنا كانوا يذهبون لبيع البطاطا والتبغ" في سوق رواندية على بعد كيلومترات قليلة. ويضيف "كانوا يذهبون بنقالات لكن الامر لم يكن فعالا (..) وقد استوحينا هذه الفكرة من الدراجة الهوائية".
وكانت اولى عربات تشوكودو مصنوعة من الخشب بالكامل وكان ينبغي دهن العجلات بزيت النخيل مرات عدة لكي تتمكن العربة من السير.
وقد شهدت مبيعات هذه العربة ازدهارا كبيرا بين عامي 1985 و1990. وقد شهد العقد التالي اضطرابات اتنية ونزاعات اقليمية اجتاحت كيفو ولا يزال الاقليم يعاني منها.
لكن للمفارقة عرف التشوكودو خلال هذه المرحلة السوداء تحسينات ملحوظة: فقد الصقت اطارات قديمة حول العجلات لحمايتها واستخدمت بكرات حديدية على العجلات ومدرجات بكريات فيما وضع زنبرك من اجل تثبيت المقود.
وباتت العربة تقطع مسافات اطول ويمكنها نقل حمولة من نصف طن. وتتمتع بعض النماذج بمكابح خلفية.
ويقول داماس سيبومانا سائق تشوكودو يجني حتى عشرة دولارات يوميا "التشوكودو هو حياتنا".
وعندما ينقل حمولة كبيرة الى غوما يستعين بخدمات شخصين او ثلاثة لدفع العربة. وبفضل نظام تضامن بين سائقي التشوكودو يمكنه شراء حقل وقطعة ارض يبني عليها منزله.
وتحظى هذه المهنة باحترام. ويقول داي كاييي وهو محلل سياسي ومؤرخ محلي ان تزويج الابنة الى سائق تشوكودو "يعني انها لن تعرف الجوع ابدا".
"أ.ف.ب"
أرسل تعليقك