تضع الحكومة اليونانية الجديدة الثلاثاء اللمسات الاخيرة على خطة اصلاحات مثيرة للجدل وتامل في ان تنال موافقة الجهات الدائنة الاوروبية خلال محادثات حاسمة تجري هذا الاسبوع لكي توقف العمل بخطة الانقاذ الضخمة.
لكن المفوضية الاوروبية عبرت عن شكوكها ازاء احتمال التوصل الى اتفاق هذا الاسبوع حول اليونان التي ينتهي برنامج مساعدتها في نهاية شباط.
ومساء الثلاثاء يصوت البرلمان على منح الثقة لحكومة الكسيس تسيبراس التي حددت خط سياستها العام بوعد بانهاء التقشف ووقف العمل بالالتزامات التي تفرضها عليها الجهات الدائنة (الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي).
وتنطلق المحادثات باجتماع طارئ لوزراء مالية منطقة اليورو الاربعاء حيث ستعرض اثينا اقتراحاتها الجديدة على امل التوصل الى اتفاق حول الاصلاحات ينهي سياسة التقشف ويبدأ العمل به اعتبارا من 1 ايلول.
وبدأت تفاصيل عن اقتراحات اليونان تتسرب حيث قال مصدر في وزارة المالية للصحافة انها لا تتضمن "امورا جذرية" وانها "منطقية".
ثم يلتقي رئيس الحكومة اليونانية الامين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية انخل غوريا الاربعاء في اثينا لبحث اقتراحات الحكومة قبل قمة الاتحاد الاوروبي المرتقبة في بروكسل الخميس.
كما يزور وزير خارجية اليونان موسكو الاربعاء للقاء نظيره سيرغي لافروف كما اعلن رسميا.
واثار تصميم تسيبراس على تجاوز برنامج المساعدة الدولي لليونان والتزاماته شكوكا الاثنين حول فرص التوصل الى حل متفاوض عليه مع الشركاء الاوروبيين لا سيما المانيا التي لا تزال مشككة الى اقصى الحدود.
وقال وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله انه لا يفهم "كيف ستفعل الحكومة اليونانية ذلك" بعدما استمع الى الخطاب العام لسياسة تسيبراس. وقال "اذا ارادوا مساعدتنا، فيتعين وضع خطة" بالاتفاق مع الجهات الدائنة بهدف التوصل خصوصا الى صرف تمويلات البنك المركزي الاوروبي.
وفي بروكسل عبرت المفوضية الاوروبية عن شكوكها ازاء فكرة التوصل الى اتفاق هذا الاسبوع حول اليونان ملمحة الى ان المحطة المقبلة المهمة ستكون اجتماع مجموعة اليورو في 16 شباط.
وقالت مينا اندريفا الناطقة باسم المفوضية الاوروبية "التوقعات ضئيلة بالنسبة للتوصل الى اتفاق نهائي غدا (خلال اجتماع مجموعة اليورو) او القمة الاوروبية التي تعقد الخميس في بروكسل.
وفي ذلك الموعد على ابعد تقدير يتعين على اليونان ان تتفق مع الجهات الدائنة على كيفية متابعتها برنامج المساعدة الذي ينتهي في نهاية شباط.
واضافت المتحدثة ان الاتصالات تتكثف بين رئيس المفوضية الاوروبية جان-كلود يونكر ورئيس الوزراء اليوناني والاطراف المعنية "لكن حتى الان لم تكن مثمرة".
وقالت "نعمل من اجل ابقاء اليونان في منطقة اليورو. وتلك هي خطتنا الوحيدة".
وكان تسيبراس الذي دعي الى فيينا الاثنين من قبل المستشار النمساوي فيرنر فيمان عبر عن "تفاؤله" بالتوصل الى اتفاق مع الاتحاد الاوروبي بشأن اعادة التفاوض على صفقة الانقاذ المالي الكبيرة للدولة التي ترزح تحت الديون.
وقال تسيبراس "هناك رغبة مشتركة لحل الازمة. انا متفائل بالتوصل الى اتفاق تسوية مع شركائنا الاوروبيين".
من جهته قال وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس في وقت متاخر الاثنين انه في حال فشل المفاوضات مع منطقة اليورو فان البلاد ستنتقل الى "الخطة البديلة" التي يمكن ان تتضمن طلب تمويل من الولايات المتحدة او روسيا او الصين.
لكن تسيبراس كان استبعد مثل هذه الفكرة الاسبوع الماضي قائلا انه ليس لدى الحكومة "افكارا اخرى" في الوقت الراهن غير تسوية المسالة مع اوروبا "لانه لدينا التزامات تجاههم".
وكتبت صحيفة "تا نيا" (وسط يسار) اليونانية البارزة ان الاقتراحات اليونانية تضاف الى "برنامج بدأ يظهر وكانه محاولة تسوية تهدف الى ايجاد اتفاق رغم اننا لا نزال بعيدين عنه".
لكن الاجواء في منطقة اليورو لا توحي بامكانية تلبية مطالب الحكومة اليونانية "بدون شروط".
واكد رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر الاثنين ان على الحكومة اليونانية ان لا تتوقع من منطقة اليورو موافقة سريعة على طلبها اعادة التفاوض على برنامج انقاذها.
وقال في المانيا ان على تسيبراس "عدم الافتراض بان المزاج العام في اوروبا تغير الى حد كبير باتت معه منطقة اليورو قابلة لتبني برنامج حكومة تسيبراس بلا شروط".
لكن المستشارة الالمانية انغيلا ميركل لم تغلق الباب وحضت اليونان، اثناء زيارتها واشنطن، على ان تعرض على الاوروبيين "اقتراحات قابلة للتنفيذ" حول دينها العام ومصير برامج المساعدة الدولية.
وعبر وزير المالية البريطاني جورج اوزبورن مساء الاثنين عن قلقه من المخاطر المتزايدة "لنتيجة سيئة جدا" للازمة.
وقال "من الواضح ان المخاطر التي تشكلها هذه المواجهة بين اليونان ومنطقة اليورو على الاقتصاد العالمي والاقتصاد البريطاني تتزايد كل يوم".
وقد كثف الوزير البريطاني منذ ايام التصريحات التي تعبر عن قلقه حيال الوضع في اليونان.
لكن الحكومة اليونانية ستعرض الاربعاء برنامجا مؤلفا من عدة اقسام يستند على تخفيف اجراءات التقشف مقابل عشر اصلاحات اساسية توضع مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كما اعلن مصدر في وزارة المالية اليونانية.
وبقي تسيبراس حازما الاحد في التزامه رفض اي تمديد للبرنامج المعتمد منذ 2010 تحت اشراف الجهات الدائنة للبلاد، الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي. وهذا البرنامج يحدد لليونان عددا من الاهداف الاقتصادية مقابل قروض دولية بقيمة 240 مليار يورو.
وهذا البرنامج كان يفترض ان تنتهي مهلته في مطلع 2015 بشرط ان توافق اثينا على بعض الجهود الاضافية. لكن الحكومة اليسارية المتشددة الجديدة انتخبت في نهاية كانون الثاني على اساس وعود برفض اي تنازل جديد في هذا الصدد.
وتريد الحكومة اليونانية معاودة الانطلاق على اسس جديدة في مواجهة "ترويكا" دائنيها على اساس تخفيف الديون عبر آليات مالية معقدة وتقليص القيود المفروضة على الميزانية.
ولا يتوقع غالبية المراقبين نتيجة للمفاوضات الاربعاء وانما خلال اجتماع مجموعة اليورو الاثنين في 16 شباط.
كما التقى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الاثنين مع كبار المسؤولين الاقتصاديين لمناقشة احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو وذلك في اطار الاعداد لخطة طارئة.
لكن وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس حذر من مخاطر خروج اليونان من اليورو قائلا ان "خروج اليونان من اليورو ليس ضمن مخططاتنا لاننا بساطة نعتقد ان ذلك يشبه بناء منزل من ورق. اذا نزعت الورقة اليونانية تنهار الاخرى".
ويبدو ان التفاؤل الذي عبر عنه رئيس الوزراء اليوناني انعكس ايجابا على الاسواق المالية حيث ارتفع المؤشر الرئيسي في بورصة اثنيا الثلاثاء بنسبة 3,0%.
وكانت بورصة اثينا تراجعت بنسبة خمسة بالمئة الاثنين متسببة بخسائر كبرى للمصارف.
أ ف ب
أرسل تعليقك