بكين ـ العرب اليوم
وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى كوريا الجنوبية اليوم (الخميس) في زيارة دولة تُسلط عليها الأضواء من أنحاء العالم وتولد مجموعة من التفسيرات والتخمينات.
إن هذا الاهتمام الدولي الكبير ليس مفاجئا وذلك لأسباب ليس أقلها أن الدولتين تتصدران منذ فترة طويلة المشهد الآسيوي باعتبارهما دعامتين أساسيتين للرخاء والأمن، ولا سيما في شمال شرق آسيا.
والآن في ضوء الإمكانات الضخمة التي لم تُستغل بعد في تعاونهما الاقتصادي الإقليمي المتبادل المنفعة فضلا عن التزايد المفزع في التوترات الأمنية في منطقة الجوار، فقد حان الوقت لكي تواصل بكين وسول رص الصفوف من أجل تحقيق التنمية المشتركة والعمل على حمايتها.
وعلى الصعيد الاقتصادي ، قطع التعاون الثنائي القائم على الكسب المتكافئ خطوات ملحوظة للأمام . وأصبحت الدولتان شريكا تجاريا ومستثمرا كبيرا لكل منهما الأخرى حيث قفز حجم التبادل التجاري إلى ما يتجاوز 270 مليار دولار أمريكي في عام 2013.
ولكن بإمكانها أن يفعلا أفضل وأكثر من ذلك. فاقتصادهما متكاملان إلى حد كبير ومترابطان على نحو متزايد، ومن ثم يتعين عليهما اغتنام هذا الزخم للتوصل في أسرع وقت ممكن إلى اتفاقية تجارة حرة تضخ حيوية جديدة ليس فقط في تنميتهما الخاصة ولكن أيضا في النمو الإقليمي .
ومن ناحية أخرى، فإنه بدون وجود بيئة مستقرة وملائمة ، سيكون التقدم على المسار الاقتصادي غير قابل للاستدامة -- وهي حقيقة مطلقة تتطلب من اللاعبين اللذين لديهما ثقل كبير أن يكونا على قدر مسؤوليتهما المشتركة والحتمية في الحفاظ على الهدوء الإقليمي .
إن المهمة شاقة. فرغم المعارضة المحلية الشديدة والقلق الدولي الواضح، أفرغ رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي لتوه الدستور السلمي لبلاده من محتواه وخان الروح السلمية لأمته بإعادة تفسير الدستور على نحو يسمح للقوات اليابانية بالقتال خارج البلاد .
ويمثل هذا التحول الجذري في الوضع الأمني القائم منذ فترة طويلة لطوكيو فيما بعد الحرب يمثل خطرا كبيرا على الاستقرار الإقليمي ، ولا سيما في ضوء الإعتدادات التي شنتها اليابان في الماضي وموقف آبي التاريخي بعدم إبداء الندم وولعه المتزايد بالنزاعات الإقليمية وتستره على إحياء النزعة العسكرية الشيطانية التي ألحقت الدمار بآسيا وأبادت اليابان نفسها.
وبالإضافة إلى عبث آبي الفاوستي بشبح الحرب، عملت هذه الجارة على إذكاء التوترات الهائجة في شبه الجزيرة الكورية.
إن أساس المأزق الحاد في شبه الجزيرة الكورية يكمن في إنعدام الثقة المتبادلة والحالة العدائية بين جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية والولايات المتحدة. فهجاس الإجراءات المضادة المتمثل في العقوبات والترويع المسيطر على واشنطن والشعور المفهوم بعدم الأمان من جانب بيونغيانغ والانتهاكات غير المساعدة لقرارات الأمم المتحدة فاقمت من الضغينة.
ومع ذلك، فإن الصين وكوريا الجنوبية صاحبتا مصالح طبيعيتين ورئيسيتين في قضية شبه الجزيرة الكورية التي تتعلق بالمصالح الجوهرية للبلدين. وبالإضافة لذلك، فإن وجود شبه جزيرة كورية سالمة وخالية من الأسلحة النووية هو ما تستحقه جميع الدول في المنطقة ولكن يُنتظ رتحقيقه منذ فترة طويلة.
وعلى خلفية قاتمة كهذه، من المستحسن والحتمي أن تعمل سول يد بيد مع بكين لتعزيز التنسيق في الشؤون الإقليمية وتجميع حكمتهم ومواردهم للمساعدة في كبح المخاطر الأمنية ، ونزع فتيل التوتر، وبناء الثقة، وتنشئة بيئة جيوسياسية تصب في صالح التنمية.
وتتيح زيارة الرئيس الصيني للشريكين الإستراتيجيين فرصة هامة وتأتى في حينها لرص صفوفهما وفتح فصل جديد في التعاون الثنائي الشامل. ومن أجل مصلحتهما ومصلحة آسيا الأعرض ، عليهما أن يبذلا قصاري جهدههما.
أرسل تعليقك