يذكر تحطم طائرة الخطوط الجوية الماليزية في شرق اوكرانيا الكوريين الجنوبيين بقضية الرحلة التي اسقطها السوفيات في الاول من ايلول/سبتمبر 1983 على خلفية توتر حاد بين موسكو وواشنطن.
وعلى غرار المسافرين على متن الطائرة الماليزية، لقي 269 شخصا على متن طائرة البوينغ للخطوط الجوية الكورية حتفهم لدى غرقها في بحر اليابان.
واوجه التشابه بين الكارثتين كثيرة: فقد اسقطت صواريخ عسكرية اعتبرت موسكو بطريقة مباشرة او غير مباشرة مسؤولة عنها، طائرتين لشركتين جويتين آسيويتين.
وحصلت الكارثتان في اجواء من التوتر الكبير بين القوتين العظميين التي فجرت تبادل التهم وعرقلت عمليات استعادة الجثث والتحقيق حول تحطم الطائرة.
واخيرا، انتقلت المآسي الشخصية لمئات الاشخاص الذين قتلوا، الى المرتبة الثانية بعد الاعتبارات الجيوسياسية والقاء كل طرف على الآخر مسؤولية ما حصل.
وكان رونالد ريغان آنذاك رئيسا للولايات المتحدة ووصف الاتحاد السوفياتي بأنه "امبراطورية الشر". وكان اعلن لتوه مبادرة الدفاع الاستراتيجي، وقد سمي هذا البرنامج "حرب النجوم" من قبل وسائل الاعلام واعتبرته موسكو سعيا الى كسر التوازن النووي بين القوتين العظميين.
واعتبر الخبراء آنذاك ان التوتر بلغ ذروته منذ الازمة الكوبية في 1962 وان الاجواء المكهربة ساهمت في كارثة الطائرة الكورية.
وكانت البوينغ التي اقلعت من نيويورك تقوم بالجزء الاخير من رحلتها الى سيول عبر الاسكا. ولم تجمع الاراء بعد على ما حصل بالضبط، لكن المعروف ان الطائرة انحرفت بشكل طفيف عن مسارها المقرر ودخلت في المجال الجوي السوفياتي.
وتوصل المحققون الى خلاصة ان الدخول في المجال الجوي السوفياتي كان عرضيا بسبب خطأ في الطيار الالي.
وارسل الجيش السوفياتي طائرتين قتاليتين لاعتراض البوينغ. وفي مقابلة في 1998، قال طيار احدى هاتين الطائرتين غينادي اوسيبوفيتش "كنت قادرا على رؤية صفين من النوافذ مع النور. وتساءلت هل هذه طائرة مدنية، لكن لم يكن لدي الوقت لأفكر".
واضاف هذا الطيار ان الطائرتين اطلقتا النار تحذيرا. وتلقتا عندئذ الامر باسقاط الطائرة. وقال غينادي اوسيبوفيتش "كانت اوامري تدمير الطائرة. قمت بمهمتي".
وكان بين المسافرين 105 كوريين جنوبيين و62 اميركيا. وتحدث رونالد ريغان عن "مجزرة" واعتبر ان السوفيات "يتحدون العالم والمبادىء الاخلاقية التي تنظم العلاقات البشرية".
وقد اعتبرت هذه الانتقادات فاترة بالمقارنة مع رد فعل الرئيس الحالي باراك اوباما لدى تحطم طائرة الخطوط الجوية الماليزية في شرق اوكرانيا التي اسقطها على الارجح صاروخ اطلق كما يقول الاميركيون من منطقة يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا.
لكن رد ريغان بقي الى حد كبير في نطاق الاقوال. وحذر مجلس الامن من المبالغة في رد الفعل واعلن ان "لا مكان للانتقام في هذه القضية".
وفي 1983، احتاج السوفيات الى خمسة ايام ليعترفوا باسقاط الطائرة. ثم تمسكوا بالفرضية التي تقول ان البوينغ كانت تقوم بمهمة تجسس.
وفي كوريا الجنوبية التي كانت تحكمها في تلك الفترة حكومة موالية للجيش، عبر الناس عن غضبهم لكن الحرب الكلامية بين موسكو وواشنطن غطت على التظاهرات.
وعلى غرار ما حصل مع الطائرة الماليزية، كانت عمليات جمع الحطام وجثث الضحايا فوضوية ومتوترة، مع شكاوى كثيرة من الولايات المتحدة ضد السوفيات الذين ارسلوا سفنا الى مكان الكارثة.
وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي كشف الروس انهم استعادوا الصندوقين الاسودين. وتفيد تقارير سرية ان موسكو احتفظت بهما لأن لا شيء فيهما يؤكد ان الطائرة كانت تقوم بمهمة تجسس.
ويؤكد تسجيل الاصوات في قمرة القيادة فرضية حصول انحراف عرضي نحو المجال الجوي السوفياتي.
أ ف ب
أرسل تعليقك