طولون - العرب اليوم
بعد الاحتفالات الكبيرة التي اقيمت في ذكرى انزال النورماندي (شمال غرب)، تكرم فرنسا اليوم الجمعة الجنود الفرنسيين والمقاتلين من "السكان الاصليين" في مستعمراتها الافريقية السابقة الذين قاموا بانزال على سواحل منطقة بروفانس (جنوب) لمحاربة الجيش النازي المحتل الى جانب الحلفاء.
ولبى رؤساء دول وحكومات 15 بلدا من افريقيا السوداء والمغرب العربي دعوة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي سيترأس بعد ظهر اليوم احتفالا دوليا على متن حاملة الطائرات شارل ديغول الراسية قبالة سواحل طولون.
وسيحضر المراسم امير موناكو البير ورؤساء بينين والكاميرون وبوركينا فاسو وجزر القمر وساحل والعاج والغابون ومدغشقر ومالي وموريتانيا والنيجر والسنغال وتونس ورؤساء حكومات الجزائر وجيبوتي والمغرب.
وقال الرئيس الفرنسي "في هذا اليوم الخامس عشر من آب/اغسطس 2014، تتشرف فرنسا بان تستقبل من جديد في بروفانس الذين ساعدوها في الخروج من حرب دامت اكثر من 1800 يوم".
وقبل الاحتفال الدولي، سيكرم الرئيس الفرنسي في نصب مون فارون الذي يطل على تولون، الجنود الحلفاء وقوات فرنسا الحرة وجنود جيش افريقيا ومقاومين وكذلك مدنيين.
فعند الساعة 19,15 من 14 آب/اغسطس 1944، ابلغت رسالة مشفرة بثتها هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) في لندن المقاومة بانزال وشيك في بروفانس.
وبدأت العملية التي اطلق عليها اسم "دراغون" في اليوم التالي، اي في 15 آب/اغسطس 1944 بعد سبعين يوما على انزال النورماندي.
وكانت قوات الحلفاء -- 450 الف رجل بينهم 250 الف فرنسي -- تهدف الى وضع المحتل الالماني بين طرفي كماشة لاجباره على الانسحاب.
ومقابل الفرنسيين والاميركيين والكنديين والبريطانيين، لم يكن لدى الجيش الالماني التاسع عشر سوى 250 الف رجل موزعين على ساحل المتوسط.
وفي الجانب الفرنسي كانت القوات الاستعمارية كبيرة ويتألف نصفها من الفرنسيين والنصف الآخر من "سكان اصليين" قدموا خصوصا من الجزائر والمغرب وتونس، وكذلك من افريقيا جنوب الصحراء وهؤلاء تم تجميعهم في قوة "الرماة السنغاليين".
وهذا "الجيش باء" تحت امرة الجنرال دو لاتر دو تاسيني، لعب دورا حاسما في مساعدة المقاومة المحلية. وهذه الكتائب الافريقية خصوصا هي التي حررت طولون ومرسيليا في نهاية آب/اغسطس 1944.
وبدأت العملية في الساعة 00,15 من الخامس عشر من آب/اغسطس بوحدات كوماندوس فرنسية من افريقيا بقيادة اللفتنانت كولونيل بوفيه كانت تحمل اسم "قوة روميو". وقد تسلق عناصرها الشاطئ الصخري في رأس نيغر على بعد حوالى اربعين كيلومترا عن تولون واستولوا على بطارية مدفعية.
وبعد اقل من 24 ساعة احتل الحلفاء جيبا في عمق اكثر من ثلاثين كيلومترا. وفي تعليق على هذا الاختراق للحلفاء قال هتلر "انه اسوأ يوم في حياتي".
وقال فرنسيس سيمونيس الباحث في مركز دراسات العالم الافريقي "في الجانب الفرنسي، نفذ انزال بروفانس شمال افارقة واوروبيون ومسلمون".
واضاف ان الرماة السنغاليين "الذين كان معظمهم ماليين في الواقع"، لعبوا دورا مهما في بروفانس مشيرا الى انهم "ارسلوا باعداد كبيرة الى القتال في 1940" حيث "قتل كثيرون منهم او اسروا".
وقال المؤرخ جان ماري غيون الاستاذ في جامعة بروفانس ان عملية "دراغون" حققت بشكل عام "نجاحا اسرع مما كان متوقعا".
ومساء الخامس عشر من آب/اغسطس ومن اصل مئة الف رجل شاركوا في الانزال، بلغت خسائر الحلفاء الف قتيل وهو رقم لا يقارن بالحصيلة المروعة للانزال في النورماندي حيث قتل او جرح او فقد اكثر من عشرة آلاف جندي في نهار السادس من حزيران/يونيو 1944.
لكن تبين ان انزال بروفانس المتمم لعملية "اوفرلورد" في النورماندي، كان "حاسما" بدرجة اكبر اذ انه ادى منذ مساء الثامن عشر من آب/اغسطس الى صدور امر الى القوات الالمانية المتمركزة في الجنوب الغربي بالانكفاء وافضى الى تحرير تولون (في 27 آب/اغسطس) ومرسيليا (28 آب/اغسطس) بسرعة اكبر مما كان متوقعا.
اما باريس التي انتفضت في 19 آب/اغسطس فقد تم تحريرها بعد ستة ايام على ذلك بفضل تضافر جهود المقاومة وسكان العاصمة والفرقة المدرعة الثانية التي يقودها الجنرال لوكليرك ووضعت تحت قيادة اميركية، تدعمها الفرقة الاميركية الرابعة للمشاة.
"أ ف ب "
أرسل تعليقك