"العشاء بالابيض" الذي يجمع في اجمل الامكنة العامة الاف الاشخاص لتناول الطعام ولدت فكرته قبل 26 عاما في باريس الا انه يلقى اقبالا كبيرا الان اذ ان حوالى 800 مدينة في العالم تقدمت بطلب لتنظيمه.
بعد عملية اختيار صارمة قام بها المشرفون على هذا الحدث، اقامت خمسون مدينة او ستقيم عشاء بالابيض لاكثر من 120 الف مدعو في المجموع من مكسيكو الى سنغافورة مرورا بباريس ونيويورك وجوهانسبورغ.
قوائم الانتظار تطول. في نيويورك ستجمع النسخة الرابعة لهذا العشاء في 25 آب/اغسطس ، 4600 شخص. وبقي اكثر من 30 الفا بحسب المنظمين خارج قوائم الانتظار. وقد حجزت المقاعد بالكامل بعد دقائق قليلة فقط على بدء عمليات التسجيل.
والمبدأ يبقى نفسه، مكان عام رائع يبقى سرا حتى اللحظة الاخيرة. مشاركون انيقون يرتدون ملابس بيضاء يجلسون على كراس وطاولات غطيت بشراشف بيضاء مع اواني مائدة فعلية وشموع وفضيات ...ووجبة طعام لذيذة.
ويشرف على التنظيم الصارم شبه العسكري عشرات من المتطوعين. وبعد نصب الطاولات والمعدات بسرعة فائقة تنطلق المناسبة العملاقة بعد ان يلوح المدعوون بفوط المائدة في الهواء. وبعد ساعات على ذلك يستعيد المتنزه او الجسر او الساحة التي استضافت العشاء وجهها الطبيعي ويغادر الجيمع حاملين المعدات والنفايات او ..الذكريات.
اصغر هذه العشاوات ضم 300 شخص العام الماضي تحت المطر في استوكهولم على ما تقول ساندي صافي احدى مؤسسات "العشاء بالابيض على الصعيد العالمي". اما الاكبر فقد ضم 13 الفا على ستة جسور في باريس في 12 حزيران/يونيو الماضي.
وبات "العشاء بالابيض" الذي اسس فرعه الدولي العام 2011 يتمتع ببراءة اختراع. الا ان القيمين عليه يريدون ان يحافظوا على تواضعهم.
ويقول ايميريك باسكيه نجل مؤسس هذا العشاء واحدى مؤسسي الفرع العالمي له ومقره في مونتريال "لا نريد ان نتوسع سريعا جدا. على العصيد العالمي بدأنا مع 17 عشاء في السنة الاولى و34 العام الماضي و50 هذه السنة. الهدف بالنسبة لنا ليس تسجيل الارقام القياسية بل الدفاع عن قيم مثل الصداقة والتشاطر".
ويؤكد "انها مناسبة غير تجارية" في الاساس رغم مشاركة ماركات نبيذ وطهاة كبار احيانا.
في نيويورك عملية التسجيل عبر منصة الكترونية تكلف 30 دولارا اضافة الى خمسة دولارات تدفع لشبكة "العشاء بالابيض على الصعيد الدولي". وينبغي على المشاركين احضار المستلزمات والطعام.
في البداية كان "العشاء بالابيض" لقاء بين اصدقاء نظمه للمرة الاولى العام 1988 فرنسوا باسكييه وهو مدير شركة كانت حديقته صغيرة لاستقبال الجميع. فضرب لهم موعدا في حديقة "بوا دو بولونييه" (غرب باريس) وطلب منهم ان يرتدوا ملابس بيضاء للتعرف عليهم وجلب الطاولات والكراسي والطعام.
وفي السنة التالية تمكن كل فرد من دعوة صديق اخر فتوسع العشاء. وفي العام 1991 قرر اقامته على جسر الفنون (بون ديزار) في باريس. لكن لتجنب المشاكل مع السلطات بقي المكان سرا حتى اللحظة الاخيرة.
وقد واجه المسؤولون عن "العشاء بالابيض على العصيد الدولي" الذين يختارون المنظمين في كل مدينة صعوبات ومفاجآت سارة ايضا.
ففي سنغافورة مثلا اكتشفوا ان الابيض هو لون حزب سياسي فعكفوا على ايجاد استراتيجية للابتعاد عن اي صبغة سياسية.
في اوكلاند في نيوزيلندا ارغهم اعصار من الدرجة الثالثة هذه السنة على ارجاء العشاء لمدة اسبوع.
وتزامنت النسخة الاولى من هذا العشاء في نيويورك في العام 2011 مع مرور الاعصار آيرين. لكن لحسن الحظ توقفت الامطار قبيل العشاء الذي ضم 1200 شخص.
وفي سجل المفاجآت السارة زواج ثنائي هذه السنة خلال العشاء في فيكتوريا في كندا على ما تؤكد ساندي صافي. وينتقل اخرون من عشاء الى اخر من مونتريال الى نيويورك. ومن هنا اهمية الا تقام العشاوات في الموعد ذاته على ما تؤكد صافي.
اما النقطة السلبية الوحيدة فهي قوائم الانتظار الطويلة التي لا يمكن تجاوزها احيانا للذين لا يجدون من يدعوهم للمشاركة.
في فيلادلفيا وجد خائبو الظن حلا لذلك. فقد اطلقوا اول عشاء بالاسود في اليوم نفسه لتنظيم العشاء بالابيض في مدينتهم.
أرسل تعليقك