تنظم جمعية فرنسية معسكرا صيفيا ليس كغيره، اذ انه مخصص لمعالجة مراهقين وشباب اصيبوا بصدمات نفسية بسبب عمليات ارهابية، عن طريق الانشطة الفنية والثقافية والرياضية.
ففي منطقة خضراء في ضواحي باريس، تستقبل "الجمعية الفرنسية لضحايا الارهاب" 24 مراهقا وشابا بين سن الخامسة عشرة والرابعة والعشرين، وهم من دول عدة منها لبنان والمغرب وفرنسا وكولومبيا وروسيا، حيث يمضون وقتهم بين جلسات النقاش والمشاغل الفنية والنشاطات الرياضية والثقافية.
وتقول اسماء غنيفي المتخصصة في علم النفس والعاملة في الجمعية "كل هؤلاء المشاركين كانوا ضحايا للارهاب بشكل مباشر او غير مباشر، بصرف النظر عن لغتهم ودينهم وثقافتهم".
وتضيف "الهدف هو الاستفادة من جمعهم معا لجعلهم يتكلمون".
ومن المشاركين شاب من اوسيتيا شمال روسيا يدعى الكسندر، عاش اهوال عملية احتجاز رهائن في مدرسة بيسلان في مطلع شهر ايلول/سبتمبر من العام 2004.
ويروي هذا الشاب البالغ من العمر اليوم 22 عاما تفاصيل ما عاشه اثناء تلك العملية التي نفذها مسلحون موالون للانفصاليين الشيشان "كان هناك نحو 2500 شخص في المدرسة، دخلت ثلاث سيارات وبدأ اطلاق النار وانفجار القنابل".
لجأ الكسندر مع والدته المصابة وشقيقه الذي لم يعثر عليه منذ ذلك الحين الى قاعة رياضية تجمع فيها 1200 شخص، وظل رهينة بيد المسلحين ثلاثة ايام من دون طعام او شراب.
من كولومبيا، تروي فيفيانا البالغة 19 عاما اهوال النزاع في بلدها بين القوات الحكومية وميليشيات القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك)، والذي كلفها خطف والدها الشرطي على مدى 13 عاما قبل ان يقتل في العام 2011.
وتقول "ان ما يجمعنا هو اننا كلنا عشنا ظروفا صعبة".
ولذا تشعر بقرب من زميلة رومانية لها تدعى لاورا، اذ انها هي الاخرى تعاني من فقدان الاب.
تقول لاورا البالغة 21 عاما ان حياتها انقلبت رأسا على عقب في العام 2013، حين خطف مسلحو حركة بوكو حرام المتشددة والدها في نيجيريا حيث كان يعمل، وقتلوه بعد ذلك باسابيع ثلاثة.
وتضيف "قبل الانضمام الى هذا المشروع كنت أفضل الانعزال، اما الآن فقد تعلمت كيف اتعايش مع حالي والالم الذي اشعر به".
ويحاول القيمون على البرنامج جعل المشاركين فيه يتكلمون عن معاناتهم، ويقبلون واقعهم ويتصالحون مع مشاعرهم، وهي مهمة صعبة تتدخل فيها الفنون والثقافة والرياضة لتقدم عونا للمشاركين حين يعجزون عن اخراج ما في نفوسهم من مشاعر وذكريات.
يستمر هذا البرنامج على مدى ثلاث سنوات، وهو ركز في دورته الاولى في عامه الاول على الماضي، وفي دورته الحالية على الحاضر، على ان تكون دورته الثالثة الصيف المقبل حول المستقبل.
وتقول دومينيك سيبييلاك المتخصصة في علم النفس "الارهاب يكسر كل المفاهيم، يتطلب الامر وقتا طويلا لاعادة الثقة الى هؤلاء الاشخاص، وافهامهم ان ما تعرضوا له كان شيئا استثنائيا، وعنيفا جدا".
لكن الاستسلام لا محل له بين نفوس المشاركين، على ما يؤكد اللبناني خاتشيك (22 عاما) الذي يقول ان خوفه الاكبر الآن هو ان يتمدد نفوذ تنظيم الدولة الاسلامية.
ويؤكد أنه "من غير الممكن أن نقول إن الامر ليس مشكلة، او اننا معتادون على العيش في ظل الارهاب".
ا ف ب
أرسل تعليقك