برلين ـ د.ب.أ
تعد هشاشة العظام من الأمراض الشائعة، لاسيما لدى كبار السن والنساء، وبسبب محدودية الحركة الناجمة عن هشاشة العظام يخضع المريض لبعض القيود التي تعيقه عن ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي، إلا أنه يمكن الوقاية من هذا المرض عن طريق التغذية الغنية بالكالسيوم وفيتامين (د)، اللذان يلعبان دوراً هاماً في بناء العظام، إلى جانب المواظبة على ممارسة الرياضة.
وأوضحت الطبيبة الألمانية بيرغيت آيشنر أن هشاشة العظام تنتج في الأساس عن عمليات التحول في بنية العظام على مدار عمر الإنسان، والتي يرتفع خلالها استبدال الخلايا المتآكلة بأخرى جديدة خلال الثلاثة عقود الأولى من عمر الإنسان، ما يزيد بالطبع من كتلة العظام وكثافتها وبنيتها خلال هذه المرحلة العمرية.
بينما تفوق عمليات التفكك والتهالك عمليات البناء بدءاً من عمر 40 عاماً، ويظهر ذلك بصفة خاصة في تكرار الإصابة بكسور العظام وتشوهات العمود الفقري.
وأردفت آيشنر أن عمليات التحول في بنية العظام تتأثر بالهرمونات والفيتامينات وكذلك محتوى عنصر الكالسيوم وفيتامين (د) داخل الجسم، لافتة إلى أن مدى التحميل على العظام واستخدامها يلعب دوراً حاسماً في ذلك أيضاً.
عوامل خطورة
من جانبها، أكدت رئيس الرابطة الألمانية لجمعيات علاج أمراض العظام البروفيسور هايده زيغلكوف، أن التقدم في العمر يأتي على رأس عوامل الخطورة المؤدية لهشاشة العظام، والتي يواجهها كل شخص بالطبع.
بينما يأتي الجنس بفعل تأثير الهرمونات في المركز الثاني لعوامل الخطورة المؤدية للإصابة بهذا المرض، الأمر الذي يجعل النساء أكثر عرضة للإصابة به.
وأوضحت زيغلكوف قائلة: "تحدث الإصابة بهشاشة العظام لدى الرجال في مرحلة عمرية متأخرة عن النساء تقدر بنحو 10 أعوام"، لافتة إلى أن الاستعداد الوراثي وتعاطي نوعيات معينة من الأدوية كالمستخدمة مثلاً لعلاج الروماتيزم والربو والاكتئاب تندرج أيضاً ضمن عوامل الخطورة المؤدية إلى الإصابة بهشاشة العظام.
وأشارت اختصاصي هشاشة العظام الألمانية آيشنر إلى أنه لا يمكن الحيلولة دون الإصابة بهشاشة العظام بشكل تام، إلا أنه يمكن من خلال بعض السبل الوقائية تأخير الإصابة به والحد من تطور مساره.
كالسيوم وفيتامين (د)
وأكدّت البروفيسور زيغلكوف أنه كلما زادت عوامل الخطورة لدى المرء، زادت أهمية اتخاذ الإجراءات الوقائية بشكل مبكر، موضحة أن التغذية الغنية بالكالسيوم وفيتامين (د) تمثل خط الدفاع الأول، إذ يمنح الكالسيوم العظام الصلابة والمتانة.
ولا يمكن للجسم امتصاص الكالسيوم من الأمعاء إلا بمساعدة فيتامين (د)، فضلاً عن كونه يساعد في عملية تخزين الكالسيوم في العظام المعروفة باسم (التمعدن).
من جهته، أوصى البروفيسور كريستيان كاسبيرك، عضو الجمعية الألمانية لصحة العظام، بتناول 1000ملغ من الكالسيوم مع 1000 وحدة من فيتامين (د) يومياً.
ونظراً لأنه لا يمكن للجسم توفير مخزون من هذه العناصر، لذا لابد من إمداده بهما بشكل مستمر، ويعد الحليب والزبادي والجبن الصلب وكذلك الخضروات الخضراء كالكرنب والبروكلي من المصادر الغنية بالكالسيوم.
وكي يتم امتصاص الكالسيوم داخل الأمعاء بشكل مثالي، أكدّ البروفيسور الألماني كاسبيرك على ضرورة إمداد الجسم بفيتامين (د)، لافتاً إلى أنه يمكن الحصول على جزء من الكمية التي يحتاجها الجسم من هذا الفيتامين عن طريق تناول الأسماك.
أشعة الشمس
ونظراً لأن الأطعمة وحدها لا تكفي لإمداد الجسم بفيتامين (د)، لذا أوصى كاسبيرك باللجوء إلى المصدر الثاني لتكوينه، ألا وهو أشعة الشمس التي تحفز الجسم على إفرازه بنفسه.
وأوضح الطبيب الألماني أن الجسم يمكنه تكوين مرحلة أولية من فيتامين (د)، عند التعرض للأشعة فوق البنفسجية متوسطة الموجة، ولهذا الغرض أوصى كاسبيرك أن يتعرض الجلد لأشعة الشمس دون أي واق لمدة نصف ساعة يومياً على الأقل.
ولكن نظراً لأن قدرة الجلد على تكوين فيتامين (د) تتراجع مع التقدم في العمر، لاسيما لدى النساء، لذا أوصى الطبيب الألماني كاسبيرك بتناول المكملات الغذائية لهذا الفيتامين في مثل هذه الحالات، يمكنها تحسين محتوى الفيتامين بالجسم.
إلا أن كاسبيرك حذر من تناول جرعات كبيرة من هذه المكملات، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى بعض الأثار الجانبية، مثل ارتفاع ضغط الدم وحصوات الكلى واضطرابات نظم القلب، مشيراً إلا أن ينبغي عدم تجاوز 1000 إلى 3000 وحدة من فيتامين (د) يومياً لتجنب هذه المخاطر.
المشي السريع
وإلى جانب التغذية، أكدّت البروفيسور الألمانية زيغلكوف أن ممارسة الأنشطة الحركية تعد درع الوقاية الثاني من الإصابة بهشاشة العظام، موضحة: "تتأثر عظام الإنسان بوظيفة العضلات، فكلما كانت العضلات أقوى، زادت كتلة العظام واستقرارها".
وأشارت زيغلكوف إلى أنه يمكن الحد من فقدان كتلة العظام واستقرارها من خلال التحميل عليها بممارسة الأنشطة الحركية، لافتة إلى أن الأنشطة الحركية تتمتع بوظيفة أخرى أيضاً تتمثل في تجنب خطر السقوط، الذي يعاني منه الكثير من كبار السن ويتسبب لهم في الإصابة بالكسور.
وأكد البروفيسور الألماني كاسبيرك أن المشي السريع يعد الرياضة الأنسب لهذا الغرض، على أن يتم ممارستها بمعدل ساعة إلى ساعتين يومياً، حيث يعد المشي النشاط الرياضي الوحيد الذي يمكن ممارسته في أي مرحلة عمرية،
ومن جانبها أوصت آيشنر أيضاً بممارسة تمارين اللياقة البدنية بشكل إضافي لتقوية عضلات الظهر والبطن.
أرسل تعليقك