غزه ـ صفا
تجتمع الفلسطينية فتحية شاهين برفقة خمس سيدات حول منضدة فوق سطحها أكوام من البصل الثومي الأخضر رفيع الأوراق.
تصدير وفرص عمل
وتلتقط السيدة كل واحدة منهن حزمة صغيرة من تلك الأوراق الخضراء وتصففها بعناية فائقة، استعدادا لرحلة تصديها عبر معبر كرم أبو سالم، جنوبي قطاع غزة، لأسواق أوروبية وأمريكية.
ولم تكن أوراق البصل والريحان والنعناع المعروفة باسم "النباتات العطرية" المصدّرة من قطاع غزة، محل ترحاب في السوق الأوروبية والأمريكية فحسب، بل شكلت زراعة هذه النباتات وتجهيزها للتصدير مصدر دخل لمئات الأيدي العامة العاطلة عن العمل، بسبب ظروف الحصار المشدد على القطاع منذ 2007.
ومنذ عام تقريبًا تمكّنت الفلسطينية شاهين من الالتحاق بالعمل في "الجمعية التعاونية الزراعية"، لتصدير الخضروات والزهور من قطاع غزة، وبذلك وفرّت لأطفالها الـ7 مصدر دخل ثابت لهم بعد وفاة والدهم.
وقالت شاهين لوكالة "الأناضول" للأنباء، وهي منهمكة بقص أطراف حزمة من البصل، إن "عملي في تجهيز النباتات العطرية للتصدير إلى الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، جعلني مطمئنة على حياة أبنائي ومستقبلهم بعد وفاة زوجي وسيتمكن اثنين منهم من إكمال تعليمهم الجامعي".
وسمحت السلطات الإسرائيلية منتصف العام الماضي 2013، بتصدير شحنات من "النباتات العطرية" لأول مرة منذ 6 أعوام، لتصبح أول منتج زراعي يصدَّر إلى سوق الولايات المتحدة الأمريكية.
أوروبا ثم أمريكا
وتستخدم هذه الأصناف من النباتات في أوروبا وأمريكا كأعشاب طبية، وتستخرج منها بعض شركات الأدوية زيوت التجميل والمركبات المستخدمة في العلاج، إضافة لاستخدامها في إعداد وجبات الطعام في الفنادق والمطاعم، حسب أبو النجا.
وتعتبر السوق الأمريكية ثاني سوق عالمي بعد أوروبا تستقبل هذه الأنواع من المنتجات الزراعية لقطاع غزة، واضطر الشاب حمزة الجمّالي، 25 عاما، وهو خريج جامعي للعمل في قص وغسل وتصفيف تلك "النباتات العطرية"، بعد أن فشل في العثور على وظيفة تناسب تخصصه.
ويشعر الجمّالي بالسعادة رغم أن مهنته التي لا توافق مجال دراسته، كمدرس لغة عربية، فالأهم بالنسبة له مساعدة والده في توفير لقمة العيش لأسرته.
وبلغت نسبة البطالة في قطاع غزة 39% في الربع الأول من العام الجاري 2014، بحسب وزارة الاقتصاد في حكومة غزة المقالة.
وتخرج مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية سنويا حوالي 30 ألف طالب وطالبة، وتبلغ نسبة العاملين منهم 25%، والعاطلين عن العمل 75%، وفق إحصائيات مركز الإحصاء الفلسطيني.
وقال رئيس الجمعية التعاونية الزراعية لتصدير الخضروات والزهور، جمال أبو النجا، إن "فتح باب التصدير أمام نباتات غزة العطرية وفّر فرص عمل للعشرات في جمعيته، وبعضهم من حاملي الشهادات الجامعية، في ظل قلة فرص العمل".
ويمنع ضعف البنية التحتية وقلة الإمكانات من زيادة المساحات المزروعة وتنوعها وإضافة أصناف جديدة شأنها أن توفر المئات من فرص العمل الأخرى، كما يقول أبو النجا.
أرسل تعليقك