القاهرة - أ.ش.أ
أكد الدكتور مجدى بدران استشارى الأطفال وعضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة وزميل معهد الطفولة بجامعة عين شمس أن فوائد النوم وأثر الحرمان منه وميكانيكيته حظيت بدراسات وأبحاث مكثفة أجراها العلماء حول العالم خلال العام الماضى، إذ تجاوز عددها أكثر من 10 دراسات في الفترة من أغسطس إلى ديسمبر الماضيين، وجميعها أكد أهمية النوم الهادئ ليلا لرفع المناعة وتحسين الذاكرة والحفاظ على الشباب، وحذر من الحرمان من النوم، حيث إن جميع هذه الدراسات كشفت عن الجديد في هذا المجال إلى جانب ما هو معروف لدى البشر من أن النوم يغسل التعب من الجسد.
وقال بدران: إن الإنسان البالغ يقضى ثلث حياته في النوم منها 6 أعوام في الأحلام فقط، وتقوم الساعة البيولوجية بتنظيم الساعة الداخلية للإنسان على مدى أربع وعشرين ساعة، وهى التي تجعل الإنسان يستيقظ صباحا وينام ليلا، وعندما يصل الضوء إلى شبكية العين في الصباح، تقوم الغدة الصنوبرية - وهى غدة صغيرة الحجم تقع في منتصف المخ - بإفراز الميلاتونين وهو هرمون النوم والحيوية والشباب، ومع تقدم اليوم يزداد إنتاج الميلاتونين، مشيرا إلى أن ٢٠ % من البشر يعانون من عدم القدرة على النوم لتغير طبيعة النوم والسهر غير المبرر.
وأضاف: أن الأحلام تريح الجسم من التعب والآلام، ولها دور مهم في عملية التعلم وتدعيم الذاكرة وإزالة المعلومات غير الضرورية، والقيام بتثبيت المعلومات التي دخلت دواليب الذاكرة، مشيرا إلى أن الدراسات الحديثة التي نشرت في شهر ديسمبر الماضى أكدت أن النوم يحسن الذاكرة، وأن مدته ليلا لها تأثير كبير على الوظائف المعرفية للأطفال خاصة في مرحلة ما قبل المدرسة إذ إنها تزيد من الانتباه والذاكرة العاملة، والتعلم وتذكر الخبرات والتعرف عليها.
وتابع: أن النوم يوطد أيضا الذاكرة لدى الأطفال حيث كشفت أن الطفل لو تعلم درسا وتم اختباره فيه مرتين مرة قبل أن ينام ومرة بعد نومه، فإن أداءه في الغالب سيكون أفضل بعد الاستيقاظ من النوم، ما يؤكد أن النوم يدعم تخزين المعلومات الجديدة كما ونوعا في الذاكرة ويسهل تذكرها.
ولفت بدران إلى أن نتائج هذه الدراسة تعضد ما توصل إليه العلماء في دراستين سابقتين نشرتا في شهر أكتوبر الماضى وكل منهما حذرت من الحرمان من النوم لأنه يقلل الذكاء والأداء المعرفى والتحصيل الدراسى.
وأكد أن تلوث الهواء ينغص النوم، خاصة تلوثه بمخلفات التدخين الذي يعوق النوم الصحى خاصة الأطفال، وأن هذا يتمثل في صعوبة البدء في النوم والاستمرار فيه وقلة فترته بالإضافة إلى شخير الأطفال بسبب التدخين، منوها إلى أن قلة النوم مع التدخين تسبب ثلاثة أمراض مزمنة نتيجة التوتر وكيمياء الغضب وهى السكر وارتفاع ضغط الدم والاكتئاب.
وأوضح أن الأطفال الذين يشاركون والديهم المدخنين غرف النوم ( حتى لو لم يدخنوا أمامهم )، تكون مستويات النيكوتين لديهم أعلى من ثلاث إلى خمس مرات مقارنة بالأطفال العاديين، إذ تلتصق جسيمات دخان التبغ بالجلد والملابس خاصة أن تهوية غرف النوم ليست فعالة في تخفيض مستويات السموم من التدخين السلبي.
وقال: إن نمط النوم يعزز بناء الذاكرة المناعية التي تحمى الإنسان من العدوى مرة ثانية أو تخفف من حدة العدوى، مؤكدا أن المناعة تقل مع النوم المتقطع، وقلة النوم والحرمان من النوم ليوم كامل يقلل المناعة من أربعة إلى سبعة أيام، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالبرد وزيادة الخلايا التحسسية ما يسرع من أعراض الحساسية.
وأشار إلى بعض العوامل المألوفة والتي تحرم الإنسان خاصة الأطفال والمراهقين من النوم الهادئ مسببة قلة النوم وتقطعه، منها وجود أجهزة الكمبيوتر، اللاب توب، الآى باد، المحمول في غرف نوم الأطفال أثناء الليل، وهذا يقلل من جودة النوم، بالإضافة إلى تأخير ميعاد النوم ونقص فترته، مشيرا إلى أن الضوضاء أيضا تعرقل عملية النوم، فيما تساعد الموسيقى الهادئة على الاسترخاء والنوم الهادئ.
وأضاف: أن تلك الدراسات العلمية تطرقت إلى عرض التنفس الانسدادى أثناء النوم وأسبابه، موضحا أنه أكثر الأمراض في مرضى الربو، ويتميز بتكرار الشخير وانقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم، ما يؤدى إلى تجزئة النوم (تقطعه) ونقص الأكسجين إلى مستوى منخفض بشكل غير طبيعي من الأكسجين في الدم وبالتالى نقص الأداء خلال ساعات النهار، وتتوازى مع خطورة المرض وعدم السيطرة على الربو.
ولفت إلى أن الأطفال المصابين بمتلازمة داون يكونون أكثر عرضة للتعرض لمشاكل النوم لضيق المجرى التنفسى العلوى وتضخم اللوزتين أو اللحمية الكبيرة والسمنة، وضعف عضلات الحلق وزيادة الإفرازات المخاطية وتدلي اللسان الكبير نسبيا إلى مجرى الهواء الصغير أثناء النوم، مؤكدا أن التنفس من خلال الفم له سلبيات منها دخول الهواء إلى المعدة وانتفاخها ودخول الأتربة للشعب الهوائية، ووصول الهواء للرئتين باردا بدون تدفئة مما يضيق الشعب ويسبب الكحة واحتجاز كميات كبيرة من البلغم داخلها ويسبب جفاف الفم والأنف والحنجرة وإجهاد الأحبال الصوتية.
وذكر أن كل هذه الأعراض تتسبب في صعوبة النوم، الشخير وتوقف النفس أثناء النوم، وارتفاع ضغط الدم نتيجة ضيق الأوعية الدموية، والكسل وبطء الأداء وعدم تهوية الرئتين جيدا، وهروب الهواء من بعض فصوص الرئة وانخفاض الأكسجين مما يعنى الأنيميا وبطء النمو وتأخر الذكاء في الأطفال، وبروز اللسان والأسنان للأمام وتشوه الفكين وميل الرأس للخلف.
وأوصى الدكتور مجدى بدران بالنوم ليلا حتى يتجدد الشباب وتحارب أعضاؤه الشيخوخة المبكرة، مما يجعل الجلد يصلح من تجاعيده بصورة أسرع من النوم نهارا، موضحا أن بعض الأطعمة تساعد على إنتاج هرمون الميلاتونين وبالتالى سهولة النوم، ومنها الحلبة، الشمر، الزعتر، منتجات الألبان، السمك، الموز، التمر، الفول السوداني، والعدس، فول الصويا والذرة المشوية، والأرز، والجزر، والثوم، والبصل.
أرسل تعليقك