نصف السودانيين يصارعون الفقر والفساد في دائرة الاتهام
آخر تحديث GMT17:33:54
 العرب اليوم -

نصف السودانيين يصارعون الفقر والفساد في "دائرة الاتهام"

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - نصف السودانيين يصارعون الفقر والفساد في "دائرة الاتهام"

الجنيه السوداني
الخرطوم ـ جمال إمام

يعيش أكثر من نصف السودانيين، تحت خط الفقر، بأقل من دولارين في اليوم، في بلد يصل تعداده السكاني إلى 39 مليونا، لكن الانتفاضة التي أطاحت بنظام عمر البشير أنعشت الآمال بحصول تحسن اقتصادي.

وتتفاقم المشكلة بشكل أكبر في ظل الارتفاع المتواصل في معدلات البطالة التي وصلت إلى 24 في المئة، بينما بلغ التضخم مستوى 67 في المئة.

أما قيمة الجنيه السوداني فتراجعت بشكل ملحوظ حتى صار الدولار الواحد مقابل 77 جنيها في "السوق السوداء"، وهو ما يؤدي إلى تآكل الأجور التي يبلغ حدها الأدنى 425 جنيها أي أقل من 6 دولارات في الشهر.

وأجمع خبراء ومحللون تحدثوا إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، على أن الفساد وسوء إدارة الموارد وإهمال الإنتاج وغياب الخطط الحكومية السليمة، هي أبرز اسباب تفاقم المشكلة التي صارت تهديدا للنسيج الاجتماعي.

سياسات التنمية على المحك

ويقول خبير أممي سابق، فضل عدم ذكر اسمه، إن معالجة الفقر في المدن والأرياف، يحتاج إلى تطبيق خمسة جوانب مهمة، أولها وضع خطط وطنية واضحة تتضمن تنفيذ سياسات تنمية في قطاعات الإنتاج والخدمات، وبالشكل الذي يتيح المشاركة الفاعلة للفقراء في العملية الإنتاجية وتحويلهم من مستهلكين إلى منتجين مساهمين في التنمية.

أما العنصر الثاني فيتمثل في تعزيز إدارة الموارد الطبيعية، سواء كانت زراعية أو صناعية أو تعدينية، مع إعطاء اهمية خاصة للقطاع الزراعي الذي يعتمد عليه نحو 80 في المئة من السكان.

ويشدد الخبير الدولي على الاستثمار في البنيات التحتية وربط مناطق الإنتاج بالـسواق الاستهلاكية ومنافذ التصدير ووضع سياسات تسويقية جاذبة للمنتجين.

ويتمثل الجانب الخامس في خلق فرص عمل مجزية لسكان المناطق الحضرية والريفية وتوفير الدعم الضروري لصغار المنتجين.

الفساد وغياب الرؤية

وترى الصحفية، درو قمبو، أن الفقر في السودان ناجم عن سوء إدارة موارد البلد وغياب الرؤية للتعامل مع المعضلة، إضافة لتعمد هدر حقوق الوطن والمواطن بالتغاضي عن الفساد بل وحمايته، وتغييب سلطة القانون وتحويل الدولة ومواردها لمصلحة خاصة للحزب الحاكم سابقا ومقربي رئيسه المخلوع.

وتؤكد قمبو أنه لا يمكن التخلص من الفقر دون العودة لسياسات رسمية تدعم الشفافية وتؤسس لمبدأ المحاسبة، وهذا من الناحية النظرية، أما على المستوى العملي التنفيذي فتبدو فكرة التعاونيات الحل الأفضل، في الوقت الحالي، بالنظر إلى تجربة دول مرت بظروف مشابهة في المحيط الإفريقي مثل رواندا وأوغندا.

وتقول قمبو إن نظام التعاونيات مجرب وحقق نجاحا في البلدان الزراعية الخارجة من أزمات عميقة. وتضيف "بالطبع لا يمكن تجاهل دور التعليم في محاربة الفقر داخل المجتمعات، فالفقر والجهل من متلازمات الأزمات والحروب.

وتطالب قمبو، الحكومة الانتقالية بتحسين جودة المنتج المحلي وتطوير تسويقه عالميا، والاستعانة بالتقنيات الحديثة في الصناعات المعتمدة على المنتجات الحيوانية والزراعية.

وتؤكد الصحفية السودانية، أهمية خلق شبكة مواصلات تربط مناطق الإنتاج بالأسواق المحلية والعالمية إلى جانب تنويع المنتجات والموارد الاقتصادية للبلد.

خلل هيكلي

ويعزو مستور أحمد مستور، نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني، الارتفاع الكبير في معدلات الفقر، خلال الفترة الأخيرة إلى الاختلالات الهيكلية الظاهرة في بنية الاقتصاد الوطني وتدمير المشاريع الانتاجية، بالإضافة إلى تخصيص نسبة فاقت 60 في المئة من الميزانية للأمن والدفاع، دون أدنى اهتمام بالخدمات الأساسية.

ويقول مستور إن الفساد المالي والإداري والترهل الحكومي زاد من الهوة المجتمعية وخلق جوا مناسبا لرفع معدلات الفقر في السودان.

ويرهن مستور معالجة قضية الفقر باتخاذ إجراءات عاجلة لإعادة هيكلة الاقتصاد وتطوير المشاريع الانتاجية ودعم الفقراء وتوفير فرص عمل منتجة للشباب، بالإضافة إلى خلق بيئة جاذبة للاستثمار ومحاربة الفساد. ويربط مستور بين محاربة الفقر وتهيئة البيئة السياسية، وتحقيق السلام.

عوامل متشابكة

وتقول أستاذة علم الاجتماع في جامعة الخرطوم، ابتسام ساتي، إن الفقر في السودان، ارتفع من جراء عدة عوامل أبرزها عدم الاستغلال الأمثل لموارد البلاد وإهمال القطاع الإنتاجي وغياب التنمية المتوازنة، إضافة إلى نشوء "طبقة طفيلية" زادت من الهوة بين طبقات المجتمع.

وتقول ساتي إن سياسات التعليم الحالية في السودان زادت من حجم المشكلة، حيث لم تراع الاحتياجات التنموية الحقيقية واهتمت بالكم على حساب الكيف.

وتشير ساتي إلى التأثير الكبير للنزاعات والحروب، لأنها أدت إلى موجة نزوح كبيرة صوب العاصمة والمدن الرئيسية، مما زاد الكثافة السكانية وفاقم البطالة وعطل قنوات الإنتاج الريفي في الكثير من المناطق.

ولتجاوز هذا الواقع، توصي الباحثة برسم سياسات حكومية تقوم على محاربة الفساد وترشيد الإنفاق الحكومي والاهتمام بالإنتاج والتنمية، إضافة إلى اعطاء أولوية خاصة للتعليم الفني والتدريب المهني.

وتشدد ساتي على ضرورة خلق قاعدة إنتاجية وتصنيعية تعتمد على الزراعة والموارد الأولية والاهتمام بالتنمية البشرية والبحث العلمي، فضلا عن توجيه جزء من الدخل القومي نحو مشروعات الشباب والمرأة المنتجة.

وتؤكد ساتي أن أي جهود لمكافحة الفقر يجب أن تأخذ في الحسبان ضرورة تمكين المرأة وتغيير الكثير من المفاهيم المتعلقة بحقوقها وواجباتها، لاسيما فيما يتعلق بملكية الأراضي ووسائل الإنتاج.

قد يهمك أيضًا

تخفيف حكم الإعدام لسودانية قتلت زوجها عمدًا لـ 5 سنوات سجن

وفاة والدة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصف السودانيين يصارعون الفقر والفساد في دائرة الاتهام نصف السودانيين يصارعون الفقر والفساد في دائرة الاتهام



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية
 العرب اليوم - التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة

GMT 01:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف مناطق إسرائيلية قبل بدء سريان وقف إطلاق النار

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab