دمشق ـ جورج الشامي
كشف تقرير حديث، أن "جبهة النصرة" الجهادية المتمردة في سورية، تعتمد في مبدأها على التحدي من قبل المقاتلين الإسلاميية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وتخطط لإقامة الخلافة الإسلامية من مكامنها الجبلية الفقيرة في شمال شرقي سورية.
وتتمركز الجبهة في صوامع ضخمة من حقول الغاز والقمح والمصانع والنفط وأساطيل السيارات الحكومية، ونهبت ترسانة أسلحة ضخمة من القوات الحكومية السورية.
وشرح قائد تنظيم "القاعدة" في منطقة الشدادي شرق سورية الذي يُدعى لعجاف، وهو رجل عريض الكتفين يتبعه حارس شخصى بالمناجل فى كل مكان، كيفية استئناف حكم الجهادية على أهالي المدينة التي استولوا عليها أخيرًا، فقال "أّذهب واسأل الناس في الشوراع عما إذا كان هناك بلدة أو مدينة محررة في أي مكان في سورية، تحكم بكفاءة مثل حكمنا، هناك الكهرباء والمياه والخبز والأمن، وإن شاء الله ستكون هناك خلافة إسلامية سورية جديدة".
وتحدث قائد "النصرة" عن خدمات الجبهة التي تم تقديمها إلى المقيمية في الشدادي، فقال "أولاً هناك الغذاء 225 كيسًا من القمح والخبز الذي يتم تسليمه إلى الشعب كل يوم، من خلال فرق خاصة في كل حي سكني، ثم هناك الكهرباء والماء مجانًا، والتي تعمل كل يوم في جميع أنحاء المدينة، وهناك أيضًا الرعاية الصحية من جانب (النصرة)، والمزودة بعيادة صغيرة لمعالجة جميع القادمين، بغض النظر عما إذا كانوا أقسموا الولاء للإمارة أم لا، وأخيرًا هناك أمر ووعود للعدالة السريعة، وسلمت بما يتناسب مع الشريعة من قبل حفنة من القضاة المعينين حديثًا، فقد إختارنا الله لتوفير الأمن للشعب، ونحن لا نفعل ذلك من أجل شيء، ولقد تعهدت للتضحية بأنفسنا لخدمة الشعب، وإذا غادرنا ستبدأ القبائل في قتل بعضهم البعض من أجل الفقط والمسروقات، ولقد أظهرنا القوة في التعامل مع القبائل، حتى لا يُقتل واحد من ثلاثة كل يوم لسبب التناحر على النفط، ونحن نعمل على حماية صوامع القمح، فجميع الصوامع تحت حمايتنا، وكل هذه الثروة للمسلمين".
وعلى بعد أميال قليلة من الشدادي، وأثناء السفر من خلال التلال مع مضخات النفط العملاقة والطيور ذات الأرجل الطويلة، والتي غمست مناقيرها في الأرض، وصلنا إلى أصول "جبهة النصرة" الأكثر قيمة في المنطقة، مصفاة الغاز التي يديرها القائد الشاب المعروف لأتباعه ببساطة باسم "أمير الغاز"، جلس الأمير على فراش أخضر على أرضية مكتبه، يتحاشي بشكل واضح الكمبيوتر والمكتب لصالح الطريق للمحاربين الإسلاميين، وكان تقريبًا رفيعًا كالهيكل العظمي، ذو وجه وسيم وشعر أسود طويل يلتف حول أذنيه، مما يعطيه الهواء بشكل مؤذي، وعندما استولي المتمردون على أول مصفاة، تم تشغيله من قبل لجنة مشتركة تمثل جميع الكتائب في المنطقة، لكن الأمير قرر طردهم لتهمة السرقة، وقال بإزدراء "إن الجيش السوري الحر ليس لديه التمويل، لذلك قاموا بغبائهم بسرقة تلك الأشياء، وإنهم يسرقوا أي شيء، وأن سر قوة (جبهة النصرة) في الشرق هو التنظيم، فقد ذهب كل ما لديهم إلى لجنة مركزية، وهي خزانة المسلمين، ومن هناك توجه إلى جبهات القتال المختلفة، وعندما نأتي في سيارات أو مع الأسلحة، نحن لا نبقيهم، حيث يتم إرسال الأموال إلى الخزانة والتي تقوم بتوزيع هذه الموارد، وتضع الجماعات المتناقسة عائدات النهب محليًا، وإذا تبعثر المال الخاص في محيطها، لن يمكنك النجاح، ولكن إذا كنت مركز الموارد الخاصة بك، يمكنك أن تفعل الكثير".
وأضاف "أمير الغاز"، الذي كان طالبًا في كلية الحقوق عندما بدأت الثورة، عرّف نفسه وقتها على أنه سلفي، على الرغم من أنه لم يتبع تنظيم "القاعدة"، ولمدة عام كامل قاتل تحت راية الجيش السوري الحر، عندما ظهر تنظيم "القاعدة" للمرة الأولى في الشرق، كان يعتقد أنه سيضر الثورة، "أنا كنت اختلف مع تنظيم (القاعدة) بشأن سياساتها، وحتى الآن هم يرتكبون الأخطاء على الأرض وكانوا قد تعرضوا لنكسات في العراق والصومال لسبب هذا، فهم يركزوا على السيق بدلاً من القران والوعظ، واعتقد أننا لا ينبغي أن نُعلن العداء لأميركا الآن، لأننا جهاديين ولكننا نرفع علم الجيش السوري الحر، وأن ما تغير هو عقله الفوضوي وفساد الجيش الحر، وقد خضت أربع معارك مع الجيش الحر، ورأيت كيف كانوا يحتجون على الغنائم وسط القتال، وأوضح الزعماء الدينيون لي أننا لا ينبغي أن نحارب بطريقة عمياء، فعلم الجيش السوري الحر هو علم كافر وعلماني، وأميركا هي عدونا، سواء كنا نعلن ذلك أم لا، فإن الأميركيين سيحاربونا دائمًا ولن يكونوا راضيين أبدًا، وأننا لا يمكننا إسقاط بشار الأسد وتسليمه إلى الجيش السوري الحر لإنشاء دولة واحدة علمانية مرتدة، فنحن لا نحارب ضد بشار فقط، نحن نقاتل النظام".
وتهدف تكتيكات "جبهة النصرة" إلى خوض حربها بأقل وحشية من تلك الهجمات التابعة لـ"القاعدة" في مناطق أخرى من الشرق الأوسط، وقبل بضعة أسابيع بعد عداء مع قبيله محلية على النفط، حاصر مقاتلو "النصرة" قرية البو سراي، وأخذوا السكان الذكور إلى سجن القرية، وهناك عدد قليل منهم متهمين بقتل قائد كتيبة "النصرة"، وتم إعدامهم، وتم تدمير العديد من المنازل في القرية لسبب الزلزال، وسأل الأمير "هل تعرف لماذا يفوز الأميركيون والإسرائليون ونخسر نحن العرب دائمًا؟ هذا لأننا كعرب عاطفيون جدًا، ولكن الجبهة على النقيض من ذلك، كانت منظمة دولية ولا تُبنى على العواطف، وينبغي أن يكون أعضاؤها على استعداد لقتل إخوانهم أو أبناء عمومتهم إذا ثبت أنهم ارتكبوا جريمة الردة، وأن ضربة البو سراي كانت هجمة وقائية، لقد كانوا ضعاف ولديهم سمعة سيئة، فقتلناهم، وكنت تعلم القبائل المزيد من الدروس في القوة، وسيتسلل الخوف إليهم، ماذا سيحدث لهم عندما نصبح غارقين في الحرب الأهلية؟ فهل سنغرق تدريجيًا في المستنقع مثل كل الفصائل الأخرى؟، وقد قالوا إن الجبهة أصبحت لينة، حيث اتفقوا مع هيئة الجيش السوري الحر وقاموا بالتنسيق معهم والمقاتلة بجانبهم، والحقيقة أن الكثير من الناس تقبلوا وجود (النصرة) في هذه المنطقة وأيديولوجياتها، فعلت ذلك لأنهم رأوا أهالي المنطقة ينضمون إليها، والأن تراجعوا لسبب تنظيم (القاعدة) والذي تدخل بشكل كبير جدًا"، فيما استشهد بالمثل العربي القديم، الذي ينص علي أن "أهل مكة يعرف وديانهم أفضل من الغرباء"، مضيفًا "نحن نعرف أفضل من الغرباء أيضًا الذين هم هنا فقط للقتال والقتل، علينا أن نتعلم من أخطاء العراق، والأخطاء التي أطاحت بتنظيم (القاعدة) هناك، وتحولت القبائل ضدهم، وعودنا إلى مقر شركة النفط في الشدادي، وكان العمال يتناقشون مع القادة الجدد في ظل الصفائح المعدنية المموجة، وأخبر رجل واحد الشاب الصغير أننا تخلصنا من طاغية واحد وهو بشار، وحل محله واحد آخر، وأن الرجل الفني الذي أعطي قسمه لـ(جبهة النصرة) وسمح لنفسه بالحفاظ على وظيفته، وأجابه الفني أنه كما هو الحال في كل مكان، هناك أناس طيبون وأناس أشرار، وسأل الرجل الأول بمرارة: لماذا لك كل الحق في أن تأخذ جميع صوامع القمح ولا تترك شيئا للآخرين؟ فقال الفني، إن ذلك سببه أن (جبهة النصرة) هي الأفضل للحكم، ونحن يمكننا أن نقوم برعاية القمح، فأجابه الرجل والله حقًا، فالجبهة تأخذ قطعة من كل شيء هنا، حتى الهواء الذي نتنفسه".
أرسل تعليقك