اليأس يتسلل إلى أهالي دمشق بعدما أصبح الموت روتينًا
آخر تحديث GMT02:50:05
 العرب اليوم -

اليأس يتسلل إلى أهالي دمشق بعدما أصبح الموت روتينًا

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - اليأس يتسلل إلى أهالي دمشق بعدما أصبح الموت روتينًا

لندن ـ سليم كرم

بدأ ليأس يتسلل إلى نفوس بعض أهالي العاصمة السورية، دمشق، وبخاصة بعدما وصل الصراع إلى طريق مسدود، وأصبح الموت روتينًا عاديًا، وأصبح أقصى أماني البعض أن يتوقف القتال واستئناف الحياة الطبيعية من جديد، وما يحدث الآن في منطقة العباسيين في العاصمة السورية يعيد إلى الأذهان ما كان يحدث في بيروت خلال فترة أواخر السبعينات والذي يتمثل في وصول الصراع إلى طريق مسدود وأهم معالمه هي القنص وقذائف الهاون ومن ثم الموت. وتعقد صحيفة الغارديان البريطانية مقارنة بين استاد العباسيين الذي كان قبل الحرب الأهلية السورية يزأر بأصوات وفرحة الجماهير عندما كان يسجل المنتخب الوطني السوري لكرة القدم هدفا . أما اليوم فإن هذه الساحة الرياضية لا يصدر عنها اليوم سوى أصوات الانفجارات التي تستهدف معاقل المقاومة السورية. وعلى الرغم من اعتياد السكان القريبين سماع هذا الأصوات إلا أنها زادت كثافة على مدار الأيام الماضية ، ويقول أحدهم إنه لم يستطيع النوم بسبب قذائف المدفعية التي تهز نوافذ المباني القريبة والثريات المعلقة في الأسقف على نحو يثير الرعب. وتشير الصحيفة أيضا إلى أن هذه المعركة الدائرة الآن في هذا المحيط ربما تحدد مصير البلاد. وتحتل قوات النظام السوري الآن الميدان القريب من الاستاد والذي يبعد مئات الياردات عن منطقة جوبار ولكن يفصلهما حواجز خرسانية ضخمة، ويكشف تسجيل فيديو على اليوتيوب يحمل عنوان "القتال من أجل الحرية" عن قناصة وهم يطلقون نيرانيهم على أهداف غير واضحة. والأوضاع تعيد إلى الأذهان الانقسامات وأسوأ ايام الحرب الأهلية التي شهدتها بيروت في أواخر السبعينات ، كما أنها تعيد إلى الأذهان أيضا ما حدث للعراق الذي دمرته العقوبات والحرب والطائفية ، ويعلق على ذلك شاب سوري ساخر "مرحبا بأيام بغداد" وهو يشير إلى مشاهد خراب ودمار. ومع ذلك فإن الخطاب الرسمي في سورية لايزال يحمل نبرة التفاؤل، ويتنبأ أحد الصناعيين من السنة والمقربين إلى نظام الأسد ، بأن "الأوضاع والأمور سوف تهدأ"، ويستبعد أنصار نظام الأسد أن تشهد دمشق حربا شاملة كما تروج المعارضة ويقولون بأن ذلك كله على سبيل الدعاية والمبالغة، ويقول رجل أعمال من الطبقة المتوسطة أن المعارضة تحلم بذلك وأنهم بإمكانهم تفجير سيارة مثلما يفعل تنظيم القاعدة ولكنهم لا يقدرون على الجيش السوري فهو أقوى منهم بكثير.   ويقوم الإعلام الرسمي السوري يوميا بالإعلان عن عمليات "بطولية" لقوات المسلحة السورية ضد ما يطلق عليهم اسم "عصابات الإرهاب المسلحة" مثل لواء التوحيد في منطقة جوبر أو الجيش السوري الحر بالقرب من منطقة قابون وهما منطقتين داخل دمشق فقدت قوات النظام السيطرة عليهما، ودائما ما تردد وسائل الأعلام بأن قوات الجيش السوري سوف تتغلب على  مؤامرات الإرهابيين والمتآمرين. وتشير كافة الشواهد في العاصمة إلى الأوضاع الحربية وصلت إلى طريق مسدود وأنه لا توجد عمليات عسكرية برية أو حرب شوارع لأن جيش النظام يخشى أن يتكبد خسائر أو أن يضطر إلى التراجع وهو لهذا يكتفي بقذائف المدفعية والغارات الجوية والتي أسفرت أخيرًا عن مقتل عشرة أطفال في القابون خلال الأسبوع الماضي. وتشير الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي لم يستطع فيه مراسلو التليفزيون السوري الوصول إلى أبعد من العلامة التي تشير إلى حي جوبر ، فإن قناة الجزيرة القطرية التي توصف بأنها أداة قطر المعادية لنظام الأسد ، لديها مراسل دائم يقيم وسط أفراد المقاومة السورية. ولا توجد في دمشق منطقة أكثر اقترابًا من حالة الحرب من منطقة العباسيين، وتقول امرأة، إن كل سكان منطقتها سوف يغادرون المنطقة في الصيف بعد انتهاء السنة الدراسية ويستعد هؤلاء إلى التوجه إلى بيروت أو كندا أو أي مكان خارج سورية. وتشير الصحيفة إلى أن المثير للدهشة أن أنباء الموت لم تعد تؤثر في النفوس، لافتة إلى أن ملامح أحد السكان العلويين الشيعة وهو يتلقى نبأة وفاة أمه على يد قناص شمال شرق العاصمة لم يبد عليها علامات التأثر وكأن الموت بات روتينا من روتين الحياة اليومية، مشيرة إلى أنالأحاديث لا تتوقف عن الموت فهناك من يكشف لك عن صورة لابن أخيه المتطوع في الجيش والذي أطاحت قذيفة بذراعه وظل ينزف حتى الموت أثناء القتال في درعا،وآخرون يتهامسون حول العثور على جثة ابن رئيس شرطة دمشق في النهر مفصولة الرأس، وآخر يتحدث عن اعتقال قريب له منذ عدة أشهر وقيام المخابرات أمن الدولة بإبلاغ أهله للحضور لتسلم جثته من دون تفسير لما حدث له. ويكشف الصيادلة في المدينة عن ارتفاع معدلات الضغوط العصبية والتوتر في أوساط الناس حيث يتزايد الطلب بصفة دائمة على المهدئات والحبوب المنومة، وتقول امرأة على موقع تويتر "هل أنا وحدي أم أن الجميع يعانون من الكوابيس بسبب القصف والقتل وتزايد عدد اليتامى من حولي؟". وقد كان شهر آذار/ مارس السابق الذي يوافق الذكرى الثانية للثورة السورية أكثر الشهور دموية حيث شهد مقتل ستة آلاف فرد في أعقاب معارك كثيفة في ضواحي درعا ودمشق، وفي ظل حالة العنف والاستقطاب بالعاصمة، تشير الصحيفة إلى أن هؤلاء الذين كان يعارضون عسكرة الانتفاضة السورية إما قد غادروا سورية أو أنهم يلتزمون الصمت، وهناك آخرين لا حصر لهم داخل المعتقلات بلا محاكمة. وتقول امرأة تلقت أخيرًا إشعارًا من المخابرات حول تعليقاتها على " فيس بوك" إنها اعتادت على استجوابات أجهزة الأمن على اختلاف أفرعها، ولازالت هناك تظاهرات احتجاجية سلمية صغيرة في ميدان مدحت باشا حيث يتم تصويرها سريعا ثم نشرها على موقع اليوتيوب حيث يردد العشرات دعاء إلى الله تعالى بحماية الجيش الحر قبل أن يتفرقوا، ولكن مثل هذه التظاهرات لا تجتذب الكثيرين. وتنتشر في العاصمة دمشق أجواء من الشك والريبة وهناك شائعات بوجود خلايا نائمة للمقاومة السورية تختزن السلاح وتنتظر لحظة الهجوم على دمشق فور تلقي الأوامر، ويؤكد ذلك أحد الصحافيين السوريين الذي يصحبه حارس أمن يحمل الكلاشينكوف وهي علامة تدل على ارتباطه بالشرطة السرية ولكنه يقول إن عددًا منهم تم اعتقاله بمساعدة الناس للمخابرات. وتقوم لجان شعبية بمهام الأمن في شوارع دمشق ويحمل أفرادها مسدسات وأسلحة آلية ومخولين بحماية الأحياء المسيحية في باب توما والأقلية الشيعية ولكن أحد أفراد حزب البعث السوري يحذر من تسليح الناس في أماكن على أساس طائفي أو ديني، مؤكدًا أنها كارثة على المدى البعيد، وهي أيضًا كارثة على المدى القريب حيث يقوم بعض الرجال من لواء أبوفضل العباس بحماية مزار السيدة زينب المقدس في جنوب العاصمة وهو وحدة عسكرية تضم مليشيات شيعية عراقية ومن حزب الله وبعض من أفراد الحرس الثوري الإيراني لمساعدة الأسد ضد خصومه وأعدائه. ولا يمكن لأحد أن يتكهن بما قد يحدث في العاصمة ولكن البعض يعتقد أن الحكومة يمكن أن تعيش في ظل هذا الوضع طالما كانت قادرة على السيطرة على دمشق، وسوف يساعدها في ذلك حالة الإنهاك والبؤس والخوف الملموسة في منطقة العباسيين وما بعدها. وتقول طالبة سورية، إنه وحتى أشهر قليلة كان الناس يتجادلون بين معارض ومؤيد للحكومة أما الآن فلا أحد بات يهتم بالسياسة إنهم فقد يريدون أن يتوقف القتال واستئناف الحياة الطبيعية من جديد.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليأس يتسلل إلى أهالي دمشق بعدما أصبح الموت روتينًا اليأس يتسلل إلى أهالي دمشق بعدما أصبح الموت روتينًا



GMT 07:55 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا لن تغير سياستها بشأن نقل الأسلحة إلى إسرائيل

GMT 09:04 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مكتب نتنياهو يواجه 5 قضايا بعضها قيد التحقيق

GMT 01:36 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

4 صور أيقونية تخدم دونالد ترامب في كسب ثقة الناخبين

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:33 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 العرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 العرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 03:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض.. لغة قوية تنتظر التنفيذ

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 22:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

سامباولي مدرباً لنادي رين الفرنسي حتى 2026

GMT 02:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يعلن أن إيلون ماسك سيتولى وزارة “الكفاءة الحكومية”

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مدربة كندا تفصل نهائيًا بسبب "فضيحة التجسس"

GMT 12:45 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة أنجولو لاعب منتخب الإكوادور في حادث سير

GMT 05:40 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونيخ يتعرض لغرامة مالية بسبب الالعاب النارية

GMT 06:07 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يعتزم حضور مباراة كرة القدم بين فرنسا وإسرائيل

GMT 20:35 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل البحريني يجتمع مع الملك تشارلز الثالث في قصر وندسور

GMT 22:44 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غرامة مالية على بايرن ميونخ بسبب أحداث كأس ألمانيا

GMT 05:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية تقتل 46 شخصا في غزة و33 في لبنان

GMT 20:55 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام علي تكشف عن ملامح خطتها الفنية في 2025

GMT 17:27 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة على أطراف بلدة العدّوسية جنوبي لبنان

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي حاضرة في منافسات سينما ودراما 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab