صنعاء ـ معين النجري
أكدَّت الناشطة السياسية في تيار اليسار اليمني، سامية الأغبري أنَّها تلقت تهديدات بالقتل في سياق ما وصفته بـ"الحملة التحريضية" التي تتعرض لها على خلفية الدعوى القضائية المقامة ضدها من قبل مجموعة
من شباب حزب الإصلاح (الإخوان المسلمون) بتهمة الإساءة للدين الإسلامي، وفيما نفت سامية الأغبري بشدة صدور أي إساءة من قبلها تمنَّت أن يقوم الحزب (الإصلاح) بتحديد موقفه بشكل واضح إزاء ما تتعرض له الحريات المدنية في اليمن من قمع وحملات تشهير من قبل أعضائه، بحجة دفاعهم عن الدين.
وقالت الناشطة اليسارية سامية الأغبري في حديث إلى "العرب اليوم"، أنَّ ما يحدث معها اليوم امتداداً طبيعياً، على حد قولها، للحملات الممنهجة التي باتت تطال الناشطات اليمنيات، وتحرض على قتلهن.
وفي حين تعد الناشطة الشابة في الحزب الإشتراكي، سامية الأغبري أحد الأصوات النسائية الفاعلة إبان الأحداث التي رافقت انتفاضة الشباب اليمني ضد نظام الرئيس اليمني السابق، أبدت خلال حديثها لـ"العرب اليوم" مخاوفها من مستقبل الحريات في بلادها، مؤكدةً أنَّ الشباب اليمني لن يقبلوا بأقل من تحقيق حلمهم في الدولة المدنية.
حول مجمل هذه القضايا، التقيناها في العاصمة اليمنية صنعاء،" وسألناها:
* لماذا كل هذا الهجوم ضد سامية الأغبري ؟
- الموضوع لم يعد سامية الأغبري فقط, هناك حملة سبقتها استهدفت ناشطات أخريات، ولن تتوقف عندي، إذا لم يكن هناك موقف جاد تجاه هذه القضايا, أنا أعلم أنَّ الموضوع ليس دفاعًا عن الدين لأنَّني لم أسىء للدين أبدًا, إنَّما تصفية حسابات سياسية, ومواقفي ليست في مصالحهم لذا انتقادي أغضبهم، وأفعالهم تقول من ليس معنا فهو ضدنا, وهذا واضح من الكلمة التي ألقيتها (أخيرًا) في محافظة الضالع (جنوب اليمن), حيث بدا جلياً استياء بعض القوى منها، ورأت فيها استهدافاً لها.
*هل الهجوم والتشهير باسم الدفاع عن الدين التي تعرضت له سامية الأغبري، وقبلها بشرى مقطري، وأروى عبده عثمان، مجرد رد فعل شخصي أم أنَّه توجه حزب أو جماعة؟
- ما يحدث اليوم معي هو امتداد لحملة طالت ولازالت ضد الكاتبة أروى عثمان والناشطة أطياف الوزير والأديبة بشرى المقطري وغيرهن, هذه الحملات والهجمة الشرسة ضد النساء الناشطات باتت تؤكد وبما لا يدع مجالا للشك إنَّها حملات ممنهجة ضد الناشطات والصحفيات اليساريات والليبراليات بهدف إسكات أصواتهن, لا أستطيع أن أحدِّد أن وراءها حزب بعينه, قد تكون جماعة متطرفة وتقليدية في حزب ما , لكن الحقيقة في مشكلتي أنَّ من أثار المشكلة وقام بحملات التحريض ورفع الدعوى القضائية شباب ينتمون لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون) ولم نسمع له صوتًا في كثير من هذه القضايا, ونتمنى أن يحدِّد الإصلاح موقفه من هذه التصرفات ومن قمع الحريات بحجة الدفاع عن الدين وإلا فإن سكوته يعد موافقة منه على تصرفات هؤلاء المحسوبين عليه وهي تصرفات مسيئة للإصلاح كحزب سياسي ولن يسيء لنا ولن يضيرنا الهجمة والدعاوى في المحاكم بقدر ما تظهره كحزب متطرف قامع للحريات بسبب هؤلاء.
*وهل تعرضت لتهديد؟ وما نوعه ومن تتهمين؟
- حملات التشهير كان فيها تحريض على القتل وتأليب الناس بأنَّني أسأت للدين وهي دعوة واضحة للقتل , كما أنَّ الدعوى المقدمة إلى نيابة منطقة دمت (150 كيلو متراً جنوب العاصمة صنعاء) من أحدهم كانت بحجة الإساءة للدين والسخرية منه.
هؤلاء المتطرفون صفحاتهم مليئة بالتحريض والتهديد, وصل بأحدهم أن يقول "إما أن تتوب أو نلحقها بجار الله عمر" (قيادي اشتراكي تم اغتياله قبل 10 سنوات من قبل متشدد إسلامي)، أنا أتهم العناصر المتطرفة التي قامت بالتهديد أياً كان انتماؤها وهي معروفة لدى الجميع وكل ما نشروه موثق لدي.
* ألا تعتقدين أنَّ التهم الدينية أصبحت حاضرة بقوة بعد ثورة الشباب؟
- هي حاضرة منذ فترة لكن الحملات تصاعدت مؤخرا بشكل مخيف ومقلق وأصبح الدين أداة لتصفية الحسابات, لقد استخدم الدين ولا زال منذ زمن, وصالح (الرئيس السابق) استخدمه في حربه ضد الجنوب, ولعل أشهر الفتاوى السياسية فتوى 1994، والتي نتج عنها الحرب على الجنوب واجتياحه ونهبه وتسريح أبنائه من وظائفهم, هم يعتقدون أنَّهم بهذا السلوك و الفتاوى سيسكتون أصواتنا ,فكما كان صالح وشركاؤه يستخدمون الدين في تصفية الخصوم وتصفية حساباتهم مع كل من يعارضهم, استخدم القذف والشتم والتخوين, واستخدم القضاء كسيف مسلط على رقاب المعارضين، وهم اليوم يستخدمون نفس الأسلوب.
* لماذا يقحمون الدين في صراعاتهم السياسية ؟
- إذا أردت أن تكسب الناس في مجتمع مسلم ومحافظ وتحرضهم على خصومك فاستخدم سلاح الدين, وهذا ما حصل في السابق ويحصل اليوم, حتى من هاجموني أغلبهم شاركوا في هذه الحملة الشرسة دون أن يعلموا ما الذي قلته, فقط قيل لهم أنَّ سامية الأغبري أساءت للدين, وهؤلاء هم من يعتقدون أنَّهم وكلاء للسماء ويرون أنَّه من حقهم الدفاع عن الدين, أما من يثيرون الناس ويحرضونهم فهم يصفون حسابات سياسية مع خصومهم باستخدام الدين.
*كيف سيكون مستقبل الحريات والحقوق في ظل هكذا أوضاع؟
- ما يحدث الآن لا يبشر بخير , ولا نقول أنَّ الوضع كان في ظل نظام صالح أفضل, لكنَّنا قلنا إنَّ ثورتنا التي كانت من أجل الحرية أولًا ستأتي لنا بالأفضل ولكن هاهم يستخدمون نفس أدوات القمع, الدين والقضاء والتخوين ورمي الاتهامات لكل من يخالفهم.
* بالنسبة للمرأة ألا تعتقدي أنَّها بدأت تقترب بشكل كبير من عتبة بيتها عائدة نظرًا للوضع الجديد الذي يبدو أكثر عدائية للمرأة النشطة؟
- هذا ما يريده من يشنون حملاتهم ضد المرأة الناشطة, وخصوصًا تلك المرأة المتحررة من أفكارهم والتي لا تدور في فلكهم وخصوصًا التي تنتقدهم, ولاحظ أنَّ من يكفروننا ويشهرون بنا يجتهدون في البحث عن قواعد فقهية وشرعية تجيز أو تشرعن أخطاء الناشطات ممن ينتمين لجماعتهم أو يناصرنها، بينما يبحثون عن أخطاء لناشطات معارضات أو أولئك اللاتي لاينتمين لجماعتهم, مما يؤكد لنا أنَّها حملة ممنهجة هدفها إسكات صوت المرأة الحرة التي لا تقبل أن تكون مجرد رقم وديكور لتجميلهم.
* إلى أي درجة حققت ثورة الشباب أهدافها حتى الآن؟
- لازالت الثورة مستمرة ولن تتحقق أهداف الثورة بين يوم وليلة, وتحقيق كل أهداف الثورة يحتاج لسنوات, وأن نسقط نظام صالح لا يعني أننا حققنا كل أهدافنا هدفنا دستور مدني ودولة مواطنة مدنية تتسع للجميع لا سيادة فيها إلا للقانون.
*هل مايزال هناك جدوى من استمرار الساحات (الاعتصامات) في بعض المدن اليمنية؟
- هذا ما يراه شباب الثورة, وهو قرارهم, هم من أشعلوا الثورة وهم من يقررون أن تستمر الساحات أم ترفع , لا يحق لأحد أن يفرض عليهم شيء,هم فقط أصحاب القرار.
*ما هو توقعك لمستقبل الأحزاب الدينية في اليمن؟
- لم يعد من خيار أمام الأحزاب والقوى الدينية والتقليدية إلا أن تؤمن بدولة مدنية وتتعايش مع الجميع, وهذه فترة اختبار حقيقي للأحزاب الإسلامية في اليمن وإذا ما فشلت لن تحوز على ثقة الشعب, وسيكون فشلها ذريعاً إذا ما قررت أن تنفرد بالحكم , اليوم تبدَّلت الظروف ولا يمكن لأي قوى كانت سواء دينية أو غيرها أن تنفرد بالحكم.
* إلى أي مدى مايزال اليسار اليمني قادرًا على تعديل الدفة والمشاركة في إدارة المجتمع؟
- اليسار هو حامل مشروع الدولة المدنية الحديثة, وشباب اليسار كانوا اشتراكيين أو ناصريين هم من تقدموا الصفوف في ثورة الشباب, وهم من صاغوا بيان الثورة الأول, وكانوا من الذين زج بهم في المعتقلات بداية الثورة, أي أنَّهم كانوا عنصرًا رئيسيًا في ثورة التغيير يعني أنَّ اليسار قادر على إدارة الدولة, وقادر على أن يحقق لليمنيين حلمهم في دولة العدالة والمواطنة المتساوية.
أرسل تعليقك