الناشطة السياسية والمحامية المغربية نور الإمام
عمان ـ أسامة الرنتيسي
قالت الناشطة السياسية المغربية، والمحامية نور الإمام رئيس لجنة الحريات في نقابة المحامين الأردنيين إن إصدار قانون مطبوعات يقيد الحريات، واشتداد القبضة الأمنية وخصوصًا أمام ما شهده الأردن مؤخرًا من اعتصامات ومسيرات كانا من أسباب الحراك الشعبي في
الأردن، ودعت الإمام في مقابلة خاصة مع "العرب اليوم" المرأة أن تنخرط في العمل السياسي من أجل تحصيل حقوقها وأن لا تنتظر المنح السياسية المتمثلة بقرارات وسياسات وتعديلات قانونية
وقالت الإمام خلال لقائها "العرب اليوم" عن الحراك السياسي في الأردن: يشهد الأردن منذ ما يقارب العامين حراك شعبي شبابي جمع العديد من الأردنيين لاستعادة الدولة الأردنية، بالنظر لما شهدته من بيع لمصادر الثروة الأردنية المتمثلة في بيع منشآت القطاع العام بشكل أثر سلبًا على الحال الاقتصادي لمعظم الأردنيين، بالإضافة للمطالبة بمحاكمة الفاسدين الذين تسببوا في ذلك، وقانون انتخاب يضمن تمثيل كافة الأردنيين بشكل عادل وإجراء تعديلات دستورية، وبدأت المطالب مع أول مسيرة شعبية في منطقة ذيبان (جنوب العاصمة) في كانون الثاني/يناير 2011 للمطالبة بحقوق أساسية للأردنيين نتج عنها تعديل الدستور الأردني وإصدار قانون انتخاب، وإقرار الهيئة المستقلة للانتخاب وإنشاء المحكمة الدستورية، وتعديل قانون الأحزاب وإلغاء النص الخاص في قانون الاجتماعات الذي يمنع أي مسيرة أو اعتصام أو اجتماع إلَّا بعد أخذ موافقة المحافظ الخطية وتم الاكتفاء بإشعاره لحماية التجمع وعلى الرغم من كل التحفظات على ما سبق وأنه لم يصدر بشكل يحاكي الإرادة الشعبية بشكل كامل إلَّا أنه لا يمكن التقليل من أهميته، لأنه كان يمثل محطات إيجابية تضاف لصالح الحقوق المطالب بها من قبل الأردنيين، أما على صعيد الحريات فقد اختلف الأمر منذ بداية الحراك واختلفت درجات الحرية ، ما بين إصدار قانون مطبوعات يقيد الحريات، واشتداد القبضة الأمنية وخصوصًا أمام ما شهده الأردن مؤخرًا من اعتصامات ومسيرات جوبهت بانتهاك لحق التعبير وإحالات على محكمة آمن الدولة، من الإيجابيات التي شهدناها هو ظهور قيادة شابة للحراك تجمع بين مكوناتها جميع مكونات الأردن.
وفي معرض تعليقها على اعتقال الناشطة علا الصافي على خلفية احتجاجات الرأي والتعبير في الأردن قالت" اعتقال علا صافي أو الطفل الرواشدة وتوجيه تهمة تقويض نظام الحكم لهما وتحويلهما إلى محكمة أمن الدولة هو أمر مستهجن، لأن هذه الجرائم وضعت في قانون العقوبات لتحمي الدولة من اللذين يتآمرون عليها ولها أركان قانونية يصعب أن تطبق على حال امرأة تبلغ 53 من عمرها ما فعلته هو التعبير عن غضبها على قرار حكومي انتهك حقها بالأمن الاجتماعي، عبرت عن غضبها بالتظاهر مع عدد كبير من الأردنيين تجمهروا بشكل عفوي للمطالبة بإلغاء هذا القرار ، لقد تم متابعة حال علا منذ لحظة احتجازها لدى المركز الأمني وقبل تحويلها للمحكمة حيث تم مقابلتها وتأمين محام لها والسعي للإفراج عنها والآخرين .
وأضافت "بإمكاني الحديث عن الأردن بشكل خاص والذي صادق على أغلب الاتفاقات المتعلقة بحقوق الإنسان ونشرها في الجريدة الرسمية ليعلن بذلك صلاحية تطبيقها أمام القضاء الأردني وهو ما يجعل الاتفاقية الدولية تعلو شأنا عن التشريع الوطني وفي حال تعارضهما فإن الاتفاقية هي الأولى بالتطبيق، إلا أن هناك نصوص قانونية وتشريعات صدرت مؤخراً تتعارض مع الحريات مثل قانون المطبوعات والنشر والذي يقيد حرية الفكر بفرض قيود تشريعية ، والعبرة في النص هو فسحة الحرية على أرض الواقع .
كما قالت إن الأردن شهد تعديلات على عدة قوانين تتعلق بالحقوق وحصانتها "فعلى سبيل المثال قانون المحكمة الدستورية كانت مطلب من مطالب الحركة الحقوقية في الأردن منذ مطلع التسعينات فبعد أن أقرت المحكمة الدستورية حرمت منظمات المجتمع المدني أن تكون أحد قنوات تقديم الدعاوى أمامها ولم يتم تعيين قاض امرأة بين قضاتها، وهكذا كان حال آخر حكومتين تم تشكيلهما في المملكة إقصاء لتعيين المرأة كوزيرة باستثناء وزارة المرأة في التشكيل السابق".
وعن دور النقابات المهنية والأحزاب في المجتمعات العربية في الحراكات الشعبية قالت :"أعتقد بأنه هناك تراجع في دور الأحزاب والنقابات في قيادة المطالب الشعبية المتمثلة بالحراك ويكمن ذلك بتكوين الحراك في الأردن، كما أن النقابات أصبحت دور خبرة وابتعدت بعض الشيئ عن الاحتكاك بالشارع، إلا أن عدد كبير من أعضائها منخرطين بالحراك، كما أنها كنقابات لا تزال تمارس دوراً وطنياً ضمن آليات مختلفة عن السابق ، ففي نقابة المحامين على سبيل المثال تم التصدي لاعتقال المتظاهرين في الأحداث الأخيرة التي شهدتها المملكة حيث تم تكليف هيئة للدفاع عن المعتقلين وتم مخاطبة رئاسة الحكومة للإفراج عنهم ومتابعة أوضاعهم وظروفهم داخل السجون من خلال الاتصال مع مديرية مراكز الإصلاح والتأهيل في الأمن العام، والعمل على تذليل أي صعاب يواجهها المحامون بهذا الشأن بالإضافة إلى عقد لقاءات لأهالي المعتقلين للاستماع لشكواهم ومطالبهم والمطالبة المستمرة بمنع محاكمة المدنيين أمام محكمة آمن الدولة وإصدار عدة بيانات متعلقة بهذا الشأن موجهة لصناع القرار السياسي وإلى الجمهور الأردني.
وفي معرض حديثها عن مدى موائمة المحاكم الخاصة مثل محكمة أمن الدولة ومحكمة الشرطة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، قالت: استنادًا للتعديل الأخير الذي جاء على نص المادة (101) من الدستور الأردني لا يجوز محاكمة أي شخص مدني في قضية جزائية لا يكون جميع قضاتها مدنيين، ويستثنى من ذلك جرائم الخيانة والتجسس والإرهاب وجرائم المخدرات وتزييف العملة " وهذا يتفق مع العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية من أنه يجب أن يحاكم الشخص من قبل قاضيه الطبيعي" .
وبالتالي فانه لا يجوز مثول المدنيين بقضايا الفكر والرأي والمعتقد أمام محكمة يشكل قضاتها من العسكريين كمحكمة أمن الدولة وأيضًا هذا النص ينطبق على محكمة الشرطة في القضايا التي يكون أحد أطرافها مدنيًا فإنه يجب أن تنظر من قبل محكمة مدنية.
أما ما لا ينطبق من معايير وضمانات المحاكمة العادلة على محكمة آمن الدولة تقع في دائرة الحيادية وتشكيل المحكمة خارج إطار مراقبة المجلس القضائي ومن قبل رئيس الوزراء بالإضافة إلى مخالفتها لمبدأ الفصل بين السلطات الدستوري .
وأضافت "ما شهدناه مؤخراً في الأردن من اعتقال عدد فاق المئة شخص وتحويلهم إلى محكمة الدولة وتوجيه تهم لهم من ثم البدء بالإفراج عنهم دون معايير واضحة بعد اعتقالهم لمدة تجاوزت الأسبوعين لهو دلالة قاطعة على مخالفة هذه المحكمة بقراراتها لضمانات المحاكمة العادلة والحيادية".
أرسل تعليقك