عودة المرأة المصرية إلى الشارع
لندن ـ ماريا طبراني
شهدت الأيام الماضية من جديد بعد مشاركتها من قبل كتفًا إلى كتف مع الرجل في ميدان التحرير العام 2011، وها هي تحتج ضد الدستور الجديد الذي يجردها من حقوقها ومطالبها
، ويفتح المجال أمام خفض سن زواج إلى 13 عاما.
ونشرت صحيفة "أوبزرفر" البريطانية مقالاً تناولت فيه أوضاع المرأة في مصر، وتزايد صعوبات الحياة اليومية أمام النساء في أحياء القاهرة، واتساع الهوة بين الرجل والمرأة.
وأشارت الصحيفة إلى كمين تعرضت إليه مسيرة من النساء كانت تتجه إلى مقر "الإخوان المسلمين" في هضبة المقطم، وذلك عندما اندفع مجموعة من الرجال نحو المسيرة وسرعان ما انهالت على المسيرة العصي والحجارة والقضبان الحديدية وسط دخان القنابل المسيلة للدموع من كل الاتجاهات، الأمر الذي أدى إلى تراجع النساء والرجال من حيث أتوا. حدث هذا في ظل توقف الشرطة من دون حراك على بعد كيلومترًا من المشهد، في الوقت الذي كانت فيه سيارات الإسعاف تقوم بنقل ما يقرب من أربعين جريحًا وسط الزحام والسيارات المشتعلة بالنيران.
ولفتت الصحيفة إلى أنه ظهرت في تلك الأثناء امرأة يسيل من فمها الدماء وتنساب الدموع من عينيها بفعل الغاز المسيل للدموع ، ووقفت على الجانب الأخر من الشارع بعد أن خلعت حجابها وهي تهتف وتقول ضد أنصار حزب "الإخوان المسلمين" الحاكم "أنتم لا تمثلون الإسلام ولا تمثلون مصر، أين حريتي؟"
وقالت الصحيفة "إن الأمور في مصر تسير على هذا النحو كل يوم جمعة، على مدى الأسابيع القليلة الماضية، حيث يبدي الليبراليون المصريون معارضة غاية في القسوة ضد الرئيس المصري محمد مرسي لقيامه بمنح نفسه سلطات جديدة، وتعجيله بالدستور الجديد". واشتعلت النيران في الكثير من مقار جماعة "الإخوان المسلمين" التي تدعم الرئيس مرسي.
ووجدت المرأة المصرية بكل فئاتها وطبقاتها نفسها منعزلة في ظل هذه الظروف والأحوال، وباتت أكثرة عرضة إلى العديد من الاعتداءات الجنسية والاغتصاب والتحرش الجنسي.
شاركت المرأة الرجل في تظاهرات ميدان التحرير التي أسقطت مبارك، ولكنها الآن وجدت أن وضعها في المجتمع كما تقول الصحيفة قد تُقوَّض تقريبًا، فقد فقدت "الكوتة البرلمانية" التي كانت مخصصة للنساء من دون مناقشة، كما لم يتحقق وعد الرئيس بتعيين امرأة كنائبة لرئيس الجمهورية، وهو ما وصفته الناشطة السياسية مشيرة خطاب بأنه "معاداة راديكالية للحركة النسائية".
وهدد الرئيس مرسي ولكنه عجز عن تجريم ختان المرأة الذي تعرضت إليه تقريبًا ثلاثة أرباع الفتيات المصريات، وأعلن بوضوح اعتزامه عدم التدخل في الشأن بوصفه "أمورًا عائلية".
أما عن الدستور الجديد فقد أشارت الصحيفة إلى أنه تراجع عن الاعتراف بكثير من حقوق المرأة، وترك الباب مفتوحًا أمام وضع تشريعات قد تسمح بخفض سن الزواج إلى ما دون السن القانونية، وتم بالفعل وضع مشروع قانون يسمح بخفض سن الزواج من 18 إلى 13 عاما، وذلك في الوقت الذي أشار فيه بعض رجال الدين داخل جماعة "الإخوان" إلى أن زواج البنات في سن التاسعة أمر مقبول.
وقالت المهندسة فاطمة، 24 عامًا، وشاركت في مسيرة مع صديقات لها بعضهن ترتدين النقاب والبعض الآخر يرتدين الحجاب "إنهم ينظرون إلى المرأة باعتبارها أداة جنسية في المقام الأول، ثم خادمة تمسح لهم بيوتهم في المقام الثاني، وهذا هو كل ما يريده (الإخوان المسلمين)".
وقالت أيضًا "إنهم يريدون الزواج منا في سن التاسعة"، وتتساءل "هل هؤلاء هم فعلاً الرجال الذين نريدهم لحكم بلادنا؟ هل هم من عشاق ممارسة الجنس مع الأطفال (أي بتوع عيال)؟".
وقالت الصحيفة إن العملية السياسية تسير على نحو بطيء، كما أن الانتخابات البرلمانية التي كان من المنتظر أن تجري في نيسان/ أبريل المقبل، تأجلت إلى موعد لم يتحدد بعد، وفي ظل هذه الأحوال يزداد الإحباط وخيبة الأمل.
وقالت آية قدري، وهي امرأة عمرها "62 عاما" "إنهم أشبه بعصابة من الكلاب تقوم في البداية بتمزيق الأضعف، ثم اغتصاب النساء والفتيات والتحرش بهن والتخلص منهن، ثم يبدؤون في محاربة أنفسهم على الزعامة".
وأشارت الصحيفة إلى أن الغالبية من نساء مصر يعشن حياة تكتنفها الكثير من القيود، وتخشى الطبقة المتوسطة والمتعلمة منهن الخضوع لحكومة راديكالية متطرفة.
ولفتت الصحيفة إلى أن زواج الأطفال شائع في أوساط الفقراء وبشهادات ميلاد مزورة يصدرها أطباء مرتشون، وفي ظل هذه الأحوال التي لا يتم فيها تسجيل الكثير من الزيجات ولا ميلاد أطفالهم ينشأ جيل جديد يحرم من التعليم، ويعيش حالة من الفقر والبؤس.
وقالت سهام أحمد، 38 عاما، وهي من عزبة خير الله وهي منطقة فقيرة إنها تزوجت عندما كان عمرها 14عاما، الأمر الذي حرمها من المدرسة، ولكنها لا تتمنى تلك التجربة لبناتها رغم الضغوط والظروف المحيطة، خاصة وأن الآباء يرغبون في زواج بناتهم مبكرًا قبل أن يصبحن عبئًا اقتصاديًا عليهم.
وقالت أسماء محمد فوزي إنها كانت مخطوبة في سن 15 سنة، ولكنها فسخت الخطوبة بعد أن علمت بوفاة صديقتها التي تزوجت في سن 16 عاما وماتت أثناء الولادة، لا سيما وأن جسم الفتاة في تلك السن لا يكون مهيئًا، حسب قولها، للولادة أو الممارسات الجنسية أو العلاقات الزوجية.
وذكرت الصحيفة أن هناك بنات صغارًا لا يستطعن أن يخرجن من بيوتهن بعد طلاقهن، وبعد أن فقدن عذريتهن في ظل زواج غير رسمي، وبالتالي ليس في مقدورهن الزواج مرة أخرى.
ولفتت إلى أنه على الرغم من أنه في عهد مبارك تم رفع سن الزواج إلى 18 عاما إلا أن ذلك لم يحدث تغييرًا في تلك المجتمعات، الأمر الذي يحتاج كما تقول السيدة جيهان وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة إلى مزيد من التوعية.
وقالت نوال راشد، من منطقة منيل شيحة، وهي منطقة من الأحياء الفقيرة إنها تزوجت في سن 18 ولكن جيرانها يقولون 14 عاما، وذلك من رجل كبير في السن، وإنها قبلت بذلك الزواج من أجل مساعدة أفراد عائلتها، وهي تشعر بالسعادة والرضا لأنها ضحت بنفسها من أجل عائلتها.
وقالت أم عادت لها ابنتها بعد طلاقها إنها كانت تظن أن الزواج المبكر سيوفر لها حياة أفضل، ولكنها بعد طلاقها ترفض الزواج مجددًا، خوفًا من أن يقوم زوجها القديم بحرمانها من أطفالها.
والتقى مراسل الصحيفة عددًا من الشباب الذين يفضلون الزواج من فتيات صغيرات في السن، لأنها سوف تظل تحتفظ بشبابها وجمالها عندما يطعن الشاب في السن، كما أنه يستطيع أن يتحكم فيها على نحو أفضل، ويقول أيضًا إنه لا يرغب في فتاة من تلك الفتيات اللاتي يتسكعن في الشوارع رغبة في التحرش بهن.
وأكد مراسل "أوبزرفر" أنها وجهات نظر لا تثير دهشة الناشطة منى حسين واصف التي تقول إنها الآن بعد أن كانت تقف جنبًا إلى جنب مع الشباب في ميدان التحرير للتعبير عن مصر، باتت تخشى اليوم المشاركة في أي تظاهرة سياسية. لقد تسببت الاعتداءات والتحرشات الجنسية في توسيع الهوة بين الرجال والنساء، وبات على النساء الآن الكفاح من أجل حقها في السير في الشوارع من دون تعرضهن إلى اعتداء جنسي أو تحرش.
وقالت أيضًا إنها تشعر بالصدمة وهي ترى أبسط حقوقها تسلب منها، وأن مكانتها في المجتع تتراجع بعد كل ما حققته من مكاسب.
وأشارت الصحيفة أيضًا إلى رسمية أحمد إمام، 17 عاما، التي تقول إن أهلها باعوها إلى رجل سعودي عمره 50 عاما مقابل مبلغ من المال لمجرد بناء سقف لمنزلنا.
ولفتت الصحيفة أيضًا إلى توسع نشاط وسطاء زواج البنات الصغيرات للسائحين العرب الراغبين في ممارسة الجنس.
وقالت رسمية إنها أمضت فترة الزواج لمدة أسبوعين في أحد الفنادق وبعدها عاد زوجها إلى بلده، ثم اكتشفت الحقيقة المرة بعد ذلك حيث إن الزواج كان وهميًا، ولم تكن تحمل أي وثيقة تثبت زواجها، وفي تلك اللحظة كانت نظرة الجيران إليها على أنها كانت عاهرة بائعة هوى، كما ابتعدت عنها صديقاتها، وتحطم بذلك مستقبلها. وقالت الفتاة إن هناك ثلاث فتيات في شارعها هرب أزواجهن السعوديون.
واختتمت حديثها بالقول "إن كل الرجال كاذبون".
وأكدت الصحيفة أن هذه الظاهرة تنتشر في القاهرة على نحو متزايد، حيث يقوم سائقو التاكسي بإحضار السائح إلى وسطاء الزواج الذين يرتبون لهم زيجات وهمية يستمتع عن طريقها بالنساء ويتركوهن محطمات بعد انتهاء إجازته السياحية.
وأشارت "غارديان" إلى أن هذه الأزمة ازدادت سوءًا بعد قيام الثورة، حيث يستغل السعوديون وغيرهم من السائحين انتشار زواج الأطفال في مصر، وجهل الفتيات بحقوق المرأة.
أرسل تعليقك