بيوت الدعارة أول عمل في مسيرة محمد حسنين هيكل الصحافية
آخر تحديث GMT13:39:58
 العرب اليوم -

يعتبر "الجورنالجي" هو اللقب الأقرب إليه من عشقه لـ"صاحبة الجلالة"

"بيوت الدعارة" أول عمل في مسيرة محمد حسنين هيكل الصحافية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "بيوت الدعارة" أول عمل في مسيرة محمد حسنين هيكل الصحافية

الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل
القاهرة - العرب اليوم

أكثر من 70 عاما قضاها الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل في الصحافة، التي كانت كفيلة بحفر اسمه فى قائمة عظماء الصحافة العربية، وفي الوقت الذي يلقب بـ"الأستاذ" من جانب تلامذته ومحبيه، فإنه يعتبر "الجورنالجي" هو اللقب الأقرب إليه من عشقه الشديد لـ"صاحبة الجلالة".

ولكن قبل أن يصبح مصدرا مقربا من الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر، والعديد من رجال السياسة حول العالم، ويرتقي في درجاته الوظيفية حتى أصبح رئيس تحرير صحيفة "الأهرام"، وإجراءه لقاءات تاريخية مع عدد من المشاهير، مثل العالم صاحب "النظرية النسبية" ألبرت أينشتاين، فقد لا يعرف الكثير من معجبي هيكل أن أول تحقيق يجريه في مشواره الصحفي كان عن "بيوت الدعارة"، وهو ما نتطرق إليه في ذكرى ميلاده الـ 96 اليوم الاثنين.

وفاة محمد حسنين هيكل
وفي العدد الذي يحمل رقم 546 تحت عنوان "مواقف حرجة في حياة محرري آخر ساعة الغراء"، روى هيكل تفاصيل مهمته، إذ كان في عمر الـ19 عاما فقط وقتها، ودخل عالم الصحافة من بوابة صحيفة "إيجيبشيان جازيت"، كمساعد لمخبر صحفي في قسم المحليات، تحت رئاسة فليب حنين.

أقرأ أيضًا أحمد محمد حسنين هيكل يسرد لـ"منى الشاذلي"وقائع الساعات الأخيرة لوالده

واختار هيكل لنفسه قسم الحوادث، التي وصفها في أكثر من مناسبة بقوله "هي ذروة المأساة الإنسانية، والخوض في تفاصيلها يمنح مخزونا من التجارب والتفاسير لسلوك البشر لا تمنحه أقوى الروايات الإبداعية مهما كانت واقعية".

وفي أول أيام الفتى هيكل في "إيجيبشيان جازيت"، اتفقت حكومة الوفد المصرية مع سلطات الاستعمار البريطاني على إلغاء البغاء الرسمي في مصر عام 1942، بعد تسرب الأمراض السرية وتفشيها بين جنود الحلفاء الذين وجدوا في أحضان العاهرات معزيا لوحدتهم.

لكن عندما وصل النبأ إلى آذان المقاتلين، أبدوا استيائهم من حكوماتهم، وقالوا "مادمنا سنموت فلا داعي إذا للخوف من الأمراض"، وتبارت الصحف في نقل الآراء من هنا وهناك، فقرر، هارولد إيرل، رئيس تحرير "إيجيبشيان جازيت" أن يتناول القضية من زاوية مغايرة ليست في بال أحد، وهو الحصول على آراء العاهرات أنفسهن، باعتبارهن القطب الثالث المهمل في القضية، وقام بطبع 500 استمارة لرصد آرائهن، كان من نصيب محمد حسنين هيكل 100 مفردة، كما طلب رئيس التحرير من المتدربين أن يحصلوا على صورة لكل عاهرة توضع على استمارتها كي يتأكد من صحة البيانات.

وكتب هيكل في مقال "آخر ساعة": "كنت أقضي فترة التمرين في "إيجيبشان جازيت"، وذات يوم جاءني سكرتير تحرير الجريدة وقال لي: إن الحكومة تفكر في إلغاء البغاء الرسمي وإن الجرائد كلها تكتب في هذا الموضوع دون أن تحاول واحدة منها أن تأخذ رأي أصحاب الشأن الأول، وهم البغايا أنفسهن... وطلب مني يومها أن أقوم بسؤال مائة بغي عن رأيهن في الموضوع، قائلا: إنه سيكون دليلا على مقدرتي الصحفية إذا تمكنت من استفتاء مائة بغي... وكانت مهمة شاقة... ولكن المسألة كانت مسألة امتحان".

واختار محمد حسنين هيكل حي كلوت بك الموازي لشارع "وش البركة" لتنفيذ مهمته المخجلة، ويروي للكاتب الصحفي عادل حمودة في حوار له معه عام 1999، أنه لم يقدر على التغلب على خجله عندما وصل إلى هناك، ولم يستطع مفاتحة عاهرة في مهمته، وعاد خاوي اليدين دون تحيق أية نتائج.

وتابع هيكل متذكرا في مقاله بمجلة "آخر ساعة": "ذهبت إلى الحي الذي تستطيع أن تشتري فيه كل شيء، ودخلت أول بيت وأنا أفكر في الصيغة التي ألقي بها السؤال، ولكن يبدو أنني لم أوفق في اختيار الصيغة لأنني خرجت من البيت الأول مشيّعا بسباب وصل إلى أجدادي حتى عهد الملك مينا، وحاولت..، وحاولت..، ولكن على غير فائدة، وأخيرا أدركت عقم المحاولة، وبدأت أفكر بهدوء، وأحسست أن ثقتي في نفسي بدأت تفارقني، والتفت فإذا مقهى قريب مني فذهبت إليه لأستريح وأفكر".

وأردف "وفي أثناء جلوسي لاحظت وجود سيدة متقدمة في السن كان جميع من في المقهى ينادونها بـ"المعلمة"، باحترام قل أن يكون له مثيل، ووثبت في ذهني فكرة، فتقدمت من السيدة وشرحت لها كل مهمتي، وأثبت لها أن مستقبلي كله يتوقف على معاونتها لي، وفكرت السيدة قليلا ثم قالت لي: اجلس فجلست".

وشرح محمد حسنين هيكل للمعلمة مهمته، فرأت أن تكرم ضيفها الصحفي "المتدرب"، فطلبت أن يأخذه "الجرسون" إلى فتاة تدعى إحسان، كي تساعده على أن تملأ الفتيات الاستمارات، وأن تقدمن إليه صورا فوتوغرافية، كل ذلك وهو جالس إلى كرسيه يحتسي القهوة التي قدمتها إليه المعلمة على حسابها.

وكتب محمد حسنين في مقاله بمجلة "آخر ساعة": "بعد لحظات نادت بعض النساء، وعقد الجميع مؤتمرا لبحث المسألة، وجلست أنتظر النتيجة، وفجأة صاحت إحداهن: نادوا عباس، ومرت فترة ثم حضر شاب سمع المسألة ثم تقدم مني قائلا: "معاك كرنيه صحافة"، ولم يكن معي "كرنيه" ولا خلافه، ولم يقتنع عباس، ولكن المعلمة اقتنعت قائلة: "ده باين عليه ابن ناس"، وهززت رأسي مؤكدا أنني "ابن ناس" جدا، فبدأت ترسل في طلب النساء من المنازل حتى أتاحت لي الفرصة أن أسأل مائة امرأة وأنا جالس في مكاني أشرب القهوة على حساب المعلمة.

وأخيرا، استطاع الفتى المتدرب أن يعود إلى مقر عمله "إيجيبشيان جازيت" ومعه 70 استمارة مكتملة البيانات، ليكون الناجح الأكبر في المهمة من بين زملائه.

ويعتبر محمد حسنين هيكل واحدا من أهم 11 صحفيا في العالم، تفرغ للكتابة، وحاور رؤساء العالم، وتبلغ محصلة كتبه أكثر من 50 كتابا، بداية من كتاب "إيران فوق البركان" في عام 1951، وظل محللا للحياة السياسية المصرية حتى وفاته في 17 فبراير/ شباط 2016.

قد يهمك أيضًا

وفد "حزب الله" عزّى بهيكل وبحث مع مسؤولين مصريين "ترتيبات عالية" لمواجهة التطرف

إحالة 40 إخوانيًا للجنايات في الهجوم على فيلا الراحل هيكل

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيوت الدعارة أول عمل في مسيرة محمد حسنين هيكل الصحافية بيوت الدعارة أول عمل في مسيرة محمد حسنين هيكل الصحافية



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab