الصحافة في العراق تشهد قدراً كبيراً من الحرية المضبوطة
آخر تحديث GMT02:39:05
 العرب اليوم -

مقارنة بعقود من التضييق والاحتكار أيام النظام السابق

الصحافة في العراق تشهد قدراً كبيراً من الحرية المضبوطة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - الصحافة في العراق تشهد قدراً كبيراً من الحرية المضبوطة

الصحافة في العراق
بغداد - العرب اليوم

يبدو الحديث عن حرية الصحافة في العراق بعد عام 2003 (الغزو الأميركي)، وكأنّه حديث شيق وإيجابي، مقارنة بعقود من التضييق والاحتكار التي كان يقودها "نظام شمولي" سبق ذلك التاريخ. لكنّ الأمر لا يبدو بهذه السهولة حين إمعان النظر جدياً، والاستعانة بمجهر لرؤية تلك التباينات الدقيقة بين حرية الصحافة بمعناها الحديث وما يشبه "الفوضى" المغلفة بالمخاوف والتضييق أحياناً، وبالمصالح الحزبية و"البروباغندا" السياسية أحياناً أخرى.

صحيح أنّ طيفاً واسعاً من وسائل الإعلام الأخرى العاملة في بغداد، التي تتوزع على صحف وفضائيات ومواقع إلكترونية مختلفة، تمارس قدراً كبيراً من الحرية في نقد السلطات القائمة، تصل في بعض الأحيان إلى حدود القذف والتشهير من دون أن تُحاسب بجدية من السلطات، حتى أنّ "هيئة الإعلام والاتصالات" الحكومية، تلقّت استهجاناً كبيراً قبل نحو أسبوعين، من النشطاء والصحافيين، بسبب إصدارها تعميماً يتضمّن "إيقاف الإساءات للرموز الوطنية والدينية" في وسائل الإعلام، بيد أنّ ذلك لا يكشف بالضرورة عن واقع حرية الصحافة في العراق عموماً، أو أنّه ربما يكشف جزئياً عن ذلك الواقع في العاصمة بغداد حصراً، في مقابل حالات من التضييق الواضحة على الصحافيين في المحافظات العراقية الأخرى.

ورغم وجهات النظر التي يبديها بعض الصحافيين حيال مسألة الحرية النسبية التي تتمتع بها وسائل الإعلام في بغداد، فإنّها تبدي أيضاً تحفّظاً واضحاً على ما يمكن وصفه بـ"حرية الإعلام الكاملة" في العاصمة بغداد، نتيجة ما يشوبها من مضايقات وارتباطات بشبكات المصالح الحزبية والمالية، لكنّ وجهات النّظر تلك تكاد تتفّق على أنّ دوائر الحرية الصحافية تضيق باطراد كلما ابتعدت عن المركز في بغداد.

الصحافي ومقدم البرامج السابق في قناة "الحرة عراق" الأميركية، علي عبد الأمير عجام، يقول في حديث لـ"الشرق الأوسط" إنّ السّؤال عن الفرق بين الحريات الصحافية في بغداد وبقية المحافظات "يبدو غريباً للوهلة الأولى، لكنهّ حقيقة في غاية الأهمية والدّقة". وأوضح عجام أنه "يكشف عن المدى القصير جداً لسلطة الحكومة، فهي تتركّز في بغداد، وتغيب أو تكاد كلما ابتعدت عنها، لتنهض قوى وسلطات أعظم في تأثيراتها من الحكومة أو الدولة وقانونها"، وختم حديثه قائلاً: "نعم، كلّما ابتعدت عن بغداد، تتراجع الحريات الصحافية".

أما رئيس "جمعية الدفاع عن حرية الصحافة" في العراق مصطفى ناصر، فإنه يبدأ في مقاربته لحال الحريات الصحافية بالعراق من واقع وبديهة، ويرى أنّ "مؤشرات حرية الصحافة في البلدان تستند إلى مجموعة معايير، أبرزها: القوانين الحامية لها، وقلة الأخطار التي تواجه الصحافيين في أثناء وبعد أدائهم مهامهم. وقال في حديث لـ"الشرق الأوسط": إنّ "العراق، وفق هذه المعايير، يقع في ذيل قائمة الدّول المفتقرة للمعايير التي تعمل في كنفها الصحافة".

وعلى ما يبدو، فإنّ مصطفى ناصر، بحكم عمله المتواصل على ملف حرية الصحافة، قد يكون متشدداً في الحكم على الحرية الصحافية في العراق، وهو يقول: "الصحافيون في جميع المحافظات يواجهون جملة قوانين موروثة من الحقبة الديكتاتورية الماضية، وهي في غاية الخطورة، ويمكنها أن تعرّض الصحافي إلى السجن المؤبد، إن فُعّلت هذه القوانين"، ويضيف في لهجة أكثر تشدداً: "لا توجد حرية في بغداد، وهناك تضييق في المحافظات الأخرى، على الإطلاق. الصحافيون في بغداد خاضوا مجموعة تجارب، وصارعوا إرادات الكتل السياسية، قبل صحافيي المحافظات الأخرى، وأصبحوا أكثر خبرة ودراية في مواجهة الساسة المتربصين".

رصد مصطفى إحدى إيجابيات العمل الصحافي في بغداد، من خلال إشارته إلى أنّ "المحاكم المختصة في بغداد تخشى الصحافيين، وعادة ما تكون الأحكام لصالحهم"، لكنّه يؤكد أنّ "المحاكم والقضاة المختصين في المحافظات الأخرى غالباً ما تكون أحكامهم بالضد من الصحافي، وهذا يعود إلى قلة خبرة صحافيي تلك المحافظات في صناعة رأي عام، وأدوات ضغط على أصحاب السلطة، كي يتأثر بها القاضي قبل حكمه".

ويستثني ناصر محافظات إقليم كردستان من التأثيرات والضغوط التي تمارس على أصحاب السلطة بهدف التأثير على الأحكام ضد الصحافيين، وحسب رأيه، فإنّ حال حرية الصحافة والتعبير هناك "شهدت في أثناء المظاهرات التي سبقت الاستفتاء في كردستان في 25 سبتمبر/أيلول أسوء فتراتها، وتحوّلت كردستان الى أخطر منطقة للعمل الصحافي في العراق".

واعترف ناصر بأنّ "كردستان ما زالت تتمتع بقوانين أكثر نضجاً من القوانين السارية في بغداد، إلّا أنّها لا تختلف كثيراً، من حيث التضييق والتهديد والترهيب، وحتى عمليات الاغتيال والخطف، عن المحافظات الأخرى".

أمّا عن درجة التسييس التي تعاني منها الصحافة في العراق، فإنّ أحزاب السلطة، والكلام لمصطفى ناصر، "جميعها مستفيدة من نفاذ القوانين الصّدامية (نسبة للرئيس الراحل صدام حسين)، لتسليطها على الصحافيين بشكل خاص، والمدونين والناشرين بشكل عام".

ويتفق الصحافي البصري شهاب أحمد مع مسألة الفرق بين ظروف عمل الصحافيين في بغداد ونظرائهم في بقية المحافظات، وقال لـ"الشرق الأوسط": "يعيش الصحافي في المحافظات الجنوبية، وبالتحديد في البصرة، ظروفاً صعبة من ناحية الرّقابة الحزبية والحكومية، ويتعرض للتّهديد العلني إذا لم تتفق آراؤه أو مواضيعه مع رؤى تلك الجهات". ويستشهد بما أفرزته الاحتجاجات الأخيرة التي انطلقت في البصرة، مطلع يوليو/تموز الماضي، التي استمرت لثلاثة أشهر، وأكد "تعرض كثير من الصحافيين إلى مضايقات في أثناء تغطيتهم للمظاهرات، عبر عمليات اعتقال واعتداءات جسدية وإطلاقات الغاز المسيل للدموع من قبل القوات الأمنية، وبتحريض من بعض المسؤولين".

ولفت شهاب الى وجود "مضايقات من قبل صحافيين زملاء لهم يعملون ويدعمون توجهات حزبية بهدف إسكات أصواتهم". وفي عبارة متشائمة غاضبة ختم بالقول: إنّ "كل ما يُقال عن وجود حرية للإعلام في محافظات الجنوب هو محض خيال، فالصّعوبات والقيود الذاتية والعلنية تزداد يوماً بعد آخر".

تشاؤم مماثل يعبّر عنه رئيس التحرير السابق لجريدة "الصباح" شبه الرسمية، فلاح المشعل، الذي يرى أنّ ما يوجد في العراق اليوم ليس أكثر من "مشهد إعلامي رثّ ينطوي على انتماءات طائفية، وغايات محدّدة بمصالح رجال الأعمال والسّلطة وصفقاتهم السّياسية والمالية". وأضاف المشعل، في حديث لـ"الشرق الأوسط": إنّ "الإعلام العراقي بشكل عام دخل ضمن مفاصل الفساد، وكان - ولم يزل - يطلي مواقف الأحزاب الفاسدة بمكياج الإصلاح والوطنية والتغيير".

ورغم تأكيده على عدم وجود حرية إعلام مطلقة في عموم العراق، فإنّه أقرّ بأنّ "بغداد بحال أفضل قليلاً، بسبب كثرة منصات الإعلام ومنافذه وفوضاه"، لكنّه قال إنّ "الخوف هو المتسيد في السّاحة الإعلامية، ودرجة التسييس تكاد تكون متحكمة بعموم القنوات والمنافذ الإعلامية والجيوش الإلكترونية التي تملكها الأحزاب والمافيات التجارية والسياسية".

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصحافة في العراق تشهد قدراً كبيراً من الحرية المضبوطة الصحافة في العراق تشهد قدراً كبيراً من الحرية المضبوطة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab