اليمين المتطرف يسترد مساحته في الإعلام الأوروبي والأميركي
آخر تحديث GMT03:09:57
 العرب اليوم -

اليمين المتطرف يسترد مساحته في الإعلام الأوروبي والأميركي

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - اليمين المتطرف يسترد مساحته في الإعلام الأوروبي والأميركي

المرشحة للانتخابات الرئاسية الفرنسية المنتمية لليمين المتطرف ماري لوبن
مدريد ـ العرب اليوم

منذ وصول الفاشيين إلى الحكم في إيطاليا مطالع القرن الفائت، وصعود النازية إلى السلطة في ألمانيا على أعتاب الحرب العالمية، لم تشهد الدول الغربية مثل هذا الاهتمام الذي توليه اليوم وسائل الإعلام بالموجة اليمينية المتطرفة والشعبوية، التي تنداح على امتداد القارة الأوروبية، وتضرب جذوراً في الأميركتين الشمالية والجنوبية.

الصحافة الإيطالية الليبرالية، وفي طليعتها «لا ريبوبليكا» و«لا ستامبا»، تخصّص كل يوم مساحات واسعة لظاهرة عودة اليمين المتطرف، الفاشي الجذور، إلى الحكم، ومحاولاته الدؤوبة للتمويه والتبرّج، بغية الظهور بحلّة الاعتدال ونفض الصورة التي لازمته طوال فترة حكمه السابقة، وكانت سبب حظره الدستوري بعد سقوطه.
وفي إسبانيا تفرد جريدة «الباييس»، وهي الأوسع تأثيراً في البلدان الناطقة بالإسبانية، منذ العام الماضي، باباً للتحقيقات والمقالات التحليلية التي تتناول نشاط اليمين المتطرف بعد دخوله بقوة إلى البرلمان، ومشاركته في عدد من الحكومات الإقليمية، للمرة الأولى، منذ سقوط ديكتاتورية الجنرال فرانشيسكو فرنكو.
أيضاً مجلة «التايم» الأميركية تحذّر منذ أشهر، مع «الإيكونوميست» البريطانية، من أن خطر الصعود اليميني المتطرف والأحزاب القومية على الديمقراطيات الغربية بات مُحدقاً وحقيقياً. والوسائل المتخصصة في التحليلات السياسية العميقة مثل «بوليتيكو» و«فورين بوليسي» تخشى، بدورها، ما تعدّه تداعيات كارثية على الحريات والنظام الديمقراطي في حال استمرار صعود الظاهرة اليمينية المتطرفة ورسوخها في الدول الغربية.
أما صحيفة «لوموند» الفرنسية الرصينة فهي لم تنفكّ منذ سنوات عن التحذير من مخاطر وصول اليمين المتطرف إلى الحكم، وتدعو في افتتاحياتها ومقالاتها التحليلية إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي الفرنسي، لتحصينه ضد ما سمّته «الخطر الداهم» على القيم والمبادئ الجمهورية.
لكن في حين تتوافق غالبية وسائل الإعلام الغربية الكبرى على هذه التحذيرات، يُلاحظ أن معظمها قد أصبحت بيد حفنة من المؤسسات الاقتصادية والمالية المعروفة بميولها المحافظة، وجنوحها التقليدي نحو دعم القوى السياسية والاجتماعية المتشددة. والمعروف أن هذه المؤسسات، وامتداداتها المتشعّبة، لعبت دوراً بارزاً في إخماد نشاط الأحزاب والقوى التقدمية واليسارية والليبرالية وأسهمت في انحسارها، لا بل في انهيارها كلياً في بعض الحالات.
وحقاً، كثيرة هي أصابع الاتهام التي تشير إلى دور المؤسسات الإعلامية الكبرى، ومسـؤوليتها عن صعود الحركات اليمينية والشعبوية. وهناك مثال واضح يتجسّد في الدور الأساسي الذي لعبته القنوات التلفزيونية والصحف التي كان يملكها رئيس الوزراء الإيطالي الثري الراحل سيلفيو برلوسكوني في نزوله إلى المعترك السياسي، وصعوده فيه، ثم وصوله إلى الحكم ثلاث مرات.
لقد شهدت الديمقراطيات الغربية منذ مطلع هذا القرن تحولاً ملحوظاً في المشهد الإعلامي، كانت له تداعيات عميقة على النقاش السياسي العام؛ إذ أحدث هذا التحوّل خللاً في توازن حرية التعبير جاء لمصلحة التطرف والاستقطاب الحاد، وباتت النظم الديمقراطية تشهد أزمات قوّضت كثيراً من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها: التشكيك في نتائج الانتخابات، ورفض الموضوعية في وسائل الإعلام، والتعاطي مع الخصوم السياسيين بوصفهم أعداء، فضلاً عن إباحة العنف السياسي الذي غدا من السمات الرئيسية للحملات الانتخابية والنقاش العام. بمعنى آخر، صار جوهر النظام الديمقراطي، الذي يقوم على حرية التعبير، بصفته مدخلاً للحوار والنقاش المفضي إلى قرارات تقبل بها الأقلية والغالبية؛ موضع تشكيك وجدل في معظم الحالات.

منصّات التواصلهذا الواقع الجديد، مشفوعاً بالحضور الواسع والمتعاظم لوسائل التواصل، حرم المنظومة الإعلامية من أن تلعب أحد أدوارها الأساسية بصفتها منتدى للمناظرة ومناقشة المقترحات بأسلوب موثوق يعكس تعدد الآراء ويحترمها. وكان لمنصات التواصل دور فاعل جداً في تشكيل معارك المشهد السياسي الجديد، خصوصاً في ظهور القوى الشعبوية المتطرّفة المناهضة للنظام القائم، حتى إن بعضها، مثل «النجوم الخمس» في إيطاليا أو «فوكس» في إسبانيا، نشأ حصراً على هذه المنصات التي ما زالت تشكّل قاعدة نشاطها الأساسية.
أيضاً، كان الصراع الجيوسياسي العالمي المحتدم منذ سنوات من العوامل البارزة التي ساعدت على صعود الحركات والقوى الشعبوية واليمينية المتطرفة، وتالياً زيادة الاستقطاب في المشهد السياسي الأوروبي. فروسيا الاتحادية سخّرت إمكانات ضخمة لدعم الأحزاب التي تعارض توسيع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي في اتجاه البلدان المجاورة التي كانت ضمن دائرة نفوذ موسكو في السابق، كما دعّمت القوى التي ترفض مواصلة تقديم الدعم العسكري إلى أوكرانيا.
والصين، من جهتها، تستخدم منذ سنوات أساليب متعددة للتأثير في المشهد الإعلامي الغربي ومحاولة التغلغل فيه، مثل نشر مواد إعلامية تدعم مواقفها وسياساتها في بعض الوسائل الكبرى، واللجوء إلى التهديد غير المباشر -عن طريق الضغط الاقتصادي- ضد الوسائل التي تنشر مواد تنتقد سياسة بكين، وتنشط في المضايقة «السيبرانية» عبر حسابات مزوّرة على منصّات التواصل الاجتماعي وحملات تضليلية منتظمة.
ولقد تنبّه الاتحاد الأوروبي أخيراً إلى تعاظم هذا التدخّل الروسي والصيني، ومخاطر تأثيره في المشهدين الإعلامي والسياسي. وهو في صدد إنجاز اقتراح جديد لتنظيم القطاع الإعلامي؛ بهدف تحصينه ضد هذا التدخل... الذي تفيد آخر التقارير بأنه بلغ في الأشهر الأخيرة مستويات مقلقة جداً من حيث تأثيره في كثير من العمليات الانتخابية في بلدان الاتحاد.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

ماكرون يدعو إسرائيل إلى تجنب أي سلوك تصعيدي خاصة في لبنان‎

ماكرون يتعهد بـ«عام الفخر والأمل» للفرنسيين

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليمين المتطرف يسترد مساحته في الإعلام الأوروبي والأميركي اليمين المتطرف يسترد مساحته في الإعلام الأوروبي والأميركي



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:33 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 العرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 العرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 03:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض.. لغة قوية تنتظر التنفيذ

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 22:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

سامباولي مدرباً لنادي رين الفرنسي حتى 2026

GMT 02:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يعلن أن إيلون ماسك سيتولى وزارة “الكفاءة الحكومية”

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مدربة كندا تفصل نهائيًا بسبب "فضيحة التجسس"

GMT 12:45 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة أنجولو لاعب منتخب الإكوادور في حادث سير

GMT 05:40 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونيخ يتعرض لغرامة مالية بسبب الالعاب النارية

GMT 06:07 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يعتزم حضور مباراة كرة القدم بين فرنسا وإسرائيل

GMT 20:35 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل البحريني يجتمع مع الملك تشارلز الثالث في قصر وندسور

GMT 22:44 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غرامة مالية على بايرن ميونخ بسبب أحداث كأس ألمانيا

GMT 05:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية تقتل 46 شخصا في غزة و33 في لبنان

GMT 20:55 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام علي تكشف عن ملامح خطتها الفنية في 2025

GMT 17:27 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة على أطراف بلدة العدّوسية جنوبي لبنان

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي حاضرة في منافسات سينما ودراما 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab