رفض رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اعتماد "الطوارئ الكابحة" بشأن فوائد الهجرة؛ باعتبارها ليست جيدة بما يكفي، وذلك بعد محادثات شاقة مع البيروقراطيين في بروكسل.
واعترف كاميرون بفشل محادثاته الأخيرة مع رئيس المفوضية الأوروبية، جون كلود يونكر، ومؤكدًا أن الصفقة التي أراد إبقاءها في الاتحاد الأوروبي لم تعد على الطاولة الآن، وأضاف: أردنا إنهاء فكرة شيء مقابل لا شيء، وهناك الآن مقترحًا على طاولة المفاوضات لكنه ليس جيدًا بما فيه الكفاية، وما زال الأمر يحتاج مزيدًا من العمل لكننا نحرز تقدمًا.
وأفاد رئيس الوزراء البريطاني بأنه لا يمكنه أن يكون على يقين من التوصل إلى اتفاق قبل الاجتماع المقبل في بروكسل يوم 18 فبراير/شباط المقبل، ما يعنى أن استفتاء الاتحاد الأوروبي المزمع في حزيران/ يونيو المقبل أصبح أقل احتمالاً للحدوث.
وعرض يونكر على بريطانيا "طوارئ كابحة" بما يسمح لها بوقف فوائد المهاجرين الجدد في الاتحاد حال الضغط على نظام الرعاية الاجتماعية، وبموجب الاقتراح الجديد ربما تستمر القيود لمدة تصل إلى 4 أعوام، وهي الفترة التي طالب فيها كاميرون بخضوع المهاجرين للقيود.
إلا أن النواب البرلمانيين المتشككين من الأوروبي اعتبروا ذلك إهانة؛ إذ أكدوا أن أي قرار يتم اتخاذه بواسطة بروكسل سيجبر بريطانيا على استجداء البيروقراطيين في الاتحاد للحصول على إذن.
ورفض النائب المحافظ المتشكِّك من الاتحاد الأوروبي، جون ريدود، مقترح الطوارئ الكابحة، مضيفًا: يعد هذا المقترح إهانة لبريطانيا، إنه ليس عرضًا جادًا، نحن بحاجة إلى استعادة السيطرة على حدودنا ونظام الرعاية الاجتماعية لدينا، حيث يقول الاتفاق إننا يجب أن نتسول في الظروف القصوى للحصول على إذن من بقية دول الاتحاد الأوروبي لعمل مدفوعات مؤقتًا لا نرغب في فعلها، إنها نكتة سخيفة.
وذكر آرون بانكس من مؤيدي حملة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، بقوله: الناس يراقبون حدوث كارثة في أوروبا ولا يريدون حالة الطوارئ بشأن الهجرة، لكنهم يريدون السيطرة على عجلة القيادة حتى يمكننا تجنب وقوع حادث.
كما أعلن نائب المحافظين في بريطانيا، ستيف بيكر، رفضه فكرة الطوارئ، مضيفًا: فكرة الطوارئ الكابحة بشأن الهجرة "مهزلة"، إن الفكرة تقتضي الذهاب إلى المفوضية الأوروبية وطلب الإذن لإغلاق الباب، ويصبح الموضوع أشبه بكونك تطلب إغلاق باب الإسطبل بعد أن دخل الحصان، إنها فكرة لا قيمة لها.
وأوضح بيكر أن هذا الاقتراح سيثير مزيدًا من الشكوك باعتباره جزء من المعركة المدارة مع بروكسل لوضع كاميرون تحت الضوء بشكل أفضل، مضيفًا: أتوقع أن يعود رئيس الوزراء بمطالب جيدة، لاسيما وأن هذا النوع من الأشياء يبدو وكأنه انتصار لكنه في الحقيقة ليس التغيير الذي تحتاجه بريطانيا.
وبيّنت مصادر أن كاميرون سيُصر على أن يكون قادرًا على تحريك حالة الطوارئ من دون طلب إذن مسبق، واعترف بأن العمل الشاق مستمر قبل الفوز بالصفقة بهدف تخفيف العلاقات مع بروكسيل قبل الاستفتاء.
كما رفض التعليق عما إذا كان ملتزمًا بالجدول الزمني للاتفاق بشأن إصلاحات الاتحاد الأوروبي في فبراير/ شباط المقبل والتصويت بشأن مستقبل بريطانيا في الاتحاد في يونيو/حزيزان المقبل، مضيفًا: يعتمد هذا على ما سيحدث الشهر المقبل، إذا كانت الصفقة جيدة بما في الكفاية سأوافق عليها وإن لم تكن جيدة فلن أوافق، وعرض الاتحاد الأوروبي بدا مشجعًا، وأن ما أُخبر في السابق بأنه مستحيل يبدو الآن ممكنًا.
وكافح ديفيد كاميرون في رحلته إلى بروكسل؛ بسبب الرياح في إسكتلندا والتي بلغت سرعتها 10 ميلًا/ الساعة، إذ اجتاحت عاصفة جيرترود آلاف المنازل بين عشية وضحاها، وأضاف: التحدي الأول الذي واجهني هو الوصول إلى بروكسل بسبب إعصار جيرترود، لقد سبَّب مشكلة في الرحلة بالفعل، وأنا حاليًا أحاول الوصول إلى مطار أدنبرة وأتمنى الوصول إليه.
واضطر رئيس الوزراء إلى تغيير جدول أعماله للقاء يونكر، إلا أن مصادر حكومية أفادت بأن المحادثات ليست في أزمة، وبيَّن أحد المصادر أن دعم يونكر ضروريًّا لكسب تأييد دول الاتحاد الأوروبي الصغرى، والتي تتطلع إلى حماية المفوضية الأوروبية، لكن بعض الوزراء يعتقدون أن آمال التوصل إلى اتفاق الشهر المقبل تتلاشى بسبب تشتت زعماء الاتحاد الأوروبي من خلال التعامل مع أزمة المهاجرين في القارة.
ورحَّب كاميرون بحالة الطوارئ في السابق، موضحًا أن ذلك يظهر اهتمام الاتحاد الأوروبي بالنظر إلى مخاوف بريطانيا، فيما وصفها بأنها آلية غامضة من المحتمل أن يتم إطلاقها بواسطة المفوضية الأوروبية وليس من قِبل بريطانيا، وأصر على أن الآلية التي تم نقاشها مع المفوضية الأوروبية مختلفة تمامًا عن الأفكار التي طرحت سابقا، وأنه تشجع من خلال التقدم الذي تم إحرازه، إلا أنه لفت إلى وجود طريق طويل قبل وضع اللمسات الأخيرة للصفقة وأنه يرغب في أن يكون أكثر صبرًا.
وأكمل بقوله: إننا منفتحون دائمًا على الأفكار البديلة، لقد حققنا تقدمًا ولكن يبقى المزيد من المفاوضات الصعبة، لن أوافق على شيء إلا إذا كان لديّ القدرة على حل المشكلة التي نواجهها، أنا مستعد لأن أكون صبورًا ولسنا بحاجة إلى الاستفتاء حتى نهاية العام 2017، ولكننا نرى استجابة المفوضية الأوروبية للأشياء التي وضعتها بريطانيا على الطاولة وهذا مشجعًا.
وكشف داوننغ ستريت أن كاميرون سيعقد محادثات مع رئيس المجلس الأوروربي دونالد تاسك، ويتوقع أن ينشر تاسك اقتراحًا ملموسًا للصفقة الجديدة مع بريطانيا في الأيام المقبلة، قبل قمة أزمة الاتحاد الأوروبي الشهر المقبل.
أرسل تعليقك