أسّس الرئيس الأميركي،دونالد ترمب، معيارا جديدا لسلوك رئاسي غير تقليدي، ليس لأنه نشر تغريدة ضمت صورة ذات طبيعة عسكرية عادة ما تعد غاية في السرية، التقطتها الأقمار الاصطناعية الأميركية لمشهد دمار حول قاعدة إطلاق في أعقاب انفجار كبير في مركز الفضاء الإيراني الرئيسي حسب، بل إنه ذهب أكثر من ذلك في ما بدا سُخرية من الإيرانيين وفي تأكيده على أن الولايات المتحدة ليست ضالعة في "الحادثة الكارثية" وتمنيه أيضا "حظا سعيدا" لهم لاكتشاف ما حدث.
والسؤال هنا، هل أن سلوك ترامب هذا سخرية رئاسية أم معلومات مضللة؟
وهل كان يلمح إلى أن جهة ما أخرى قد تكون ضالعة في الحادث أم أنها سمة معتادة للرئيس (ترامب) في الرد دائما بقول أول شيء يتبادر إلى ذهنه؟
من الصعب تحديد الجواب الدقيق، لأن تدخلات ترامب دائما ما تثير أسئلة أكثر من الأجوبة.
لقد ظل الخبراء يتحدثون منذ بضعة أسابيع عن استعدادات إيرانية لإطلاق (صاروخ) إلى الفضاء، وأظهرت صور أقمار اصطناعية تجارية لمركز الفضاء في إيران عملية إعداد قاعدة إطلاق فيه.
وبحسب تقارير إيرانية، كانت مهمة الصاروخ وضع قمر اتصالات اصطناعي صغير (ناهد1) في مدار حول الأرض.
وسبق أن فشلت محاولتان للإطلاق مطلع هذا العام.
ويبدو أن المحاولة الأخيرة قد انتهت أيضا إلى كارثة، ولكن الاختلاف هذه المرة هو أن الرئيس ترامب بنفسه قد كشف عن حجم الكارثة كاملة.
ببساطة، نحن لا نعرف، ولكن ثمة جوابين واضحين.
الأول: إن الانفجار قد يرجع إلى خطأ تقني بسيط، كمشكلة في الوقود أو خطأ ما في تصنيع الصاروخ - كأن يكون لحام خاطئ أو أي سبب آخر.
وهذه الأشياء تحدث عادة، لنتذكر بعض الكوارث التي وقعت في برنامج الفضاء الأمريكي نفسه، فحتى أكثر الدول تقدما تكنولوجيا لديها انتكاساتها في هذا الصدد.
وأشار تقرير نشر في صحيفة نيويورك تايمز، استند إلى مقابلات مع مسؤولين أميركيين لم يذكر أسماءهم، إلى أن فشل عمليتي الإطلاق في إيران في وقت سابق هذا العام ليس غريبا بل هو جزء من نمط سائد هناك، إذ إن نحو 67 في المائة من محاولات الإطلاق المدارية الإيرانية قد فشلت خلال الـ 11 عاما الماضية
ووصف التقرير تلك النسبة "بأنها عالية جدا بشكل مثير للاستغراب" مقارنة بنسبة 5 في المائة من الفشل في عمليات الإطلاق في العالم.
ويشير التقرير إلى أن إدارة ترامب تتجه لتفعيل برنامج تخريب ضد جهود إطلاق الصواريخ الإيرانية بتسريب أجزاء عاطلة (لتستخدم في صناعة تلك الصواريخ) عبر شبكات التجهيز التي تستخدمها إيران وما شابه.
كانت جهود أميركية سابقة في هذا الصدد قد ألغيت تدريجيا في عهد الرئيس أوباما.
إذن هل ثمة عمل تخريبي وراء الحادثة الأخيرة؟ من يدري؟ بيد أن ترامب نفسه جعل المسألة أكثر تعقيدا بتدخله في تغريدته الأخيرة.
كانت إسرائيل والولايات المتحدة ضالعتان في تخريب برنامج تخصيب يورانيوم إيراني باستخدام فيروسات كومبيوتر.
صورة عبر الأقمار الاصطناعية فوق مركز الإمام خميني للفضاء تكشف عن وقوع انفجار في آخر محاولات إيران لإطلاق صاروخ إلى الفضاء
وبالتأكيد، ترى الولايات المتحدة وإسرائيل أن برنامج الفضاء الإيراني لا ينفصل أبدا عن جهود برامج صواريخ إيرانية أوسع.
بيد أن الجانب الأكثر استثنائية في هذا الشان هو نشر الرئيس (ترامب) صورة تصنف عادة بأنها عالية السرية، ويمكن أن تأتي من مصدر عسكري فقط، وهذا ما أثار سعار تعليقات في فضاء تويتر في أوساط المهتمين بالسيطرة على برامج الصواريخ والأسلحة.
إنه شيء مثير أن يفعل رئيس أمريكي ذلك، مقدما لمجمل أعداء واشنطن مدخلا عاما جدا للإطلال على قدراتها الاستثنائية في جمع المعلومات الاستخبارية.
وقد يهمك ايضا :
بريطانيا تبدأ تحقيقًا في تسريب رسائل إلكترونية لسفيرها في واشنطن عن ترامب
الرئيس الأميركي يعلن بدء ترحيل المهاجرين غير الشرعيين في بلاده بدءًا من السبت
أرسل تعليقك