باريس تستيقظ بعد غفوة انتشار وباء كورونا
آخر تحديث GMT10:42:20
 العرب اليوم -

بعدما كانت نائمة خلال الشهرين الماضيين

باريس تستيقظ بعد غفوة انتشار وباء "كورونا"

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - باريس تستيقظ بعد غفوة انتشار وباء "كورونا"

باريس
باريس- العرب اليوم

من الصّعب القول إنّ باريس أدت دور «الأميرة النائمة» خلال الشهرين الماضيين. ففي حين كانت المنشآت العامة والخاصة مغلقة تفادياً لانتشار وباء «كورونا»، فإنّ الحركة كانت في أعلى معدلاتها داخل أقسام الطوارئ وصالات العناية المركزة، وكذلك في مختبرات معهد «باستور»، حيث يعيش العلماء سباقاً مع الزمن بهدف التوصل إلى لقاح ضد فيروس «كوفيد ـ 19».

منذ بداية الأسبوع الجاري، رفعت حالة الإغلاق بشكل جزئي في العاصمة وضواحيها وخرج الباريسيون يستنشقون هواء الحياة الطبيعية، ولو من وراء الكمامات. إنّها الأميرة الغافية تتثاءب استعداداً للنهوض واليقظة الكاملة. لكنّ باريس ليست باريس من دون صخب المقاهي وزحمة المطاعم والمسارح والمراقص ودور السينما. وفي حين رفع أصحاب المتاجر الصغيرة بواباتهم الحديدية وبدأوا باستقبال الزبائن، فإنّ المراكز التجارية الكبرى التي تزيد مساحتها على 40 ألف متر مربع بقيت مقفلة بأمر الحكومة. وممّا يثير نقمة سكان العاصمة هو التأخر عن فتح الحدائق والمتنزهات العامة وصالات الرياضة رغم حاجة العائلات للتريض بعد 55 يوماً من العزلة والتوتر.

ترافق موعد الخروج من الحظر المنزلي مع طقس مشمس رائق، لكنّ أحلام السفر إلى الشاطئ الشمالي القريب تبقى مؤجلة. فالمنتجعات البحرية الجميلة مثل «دوفيل» و«تروفيل» و«لا توكيه» والتي لا تبعد عن العاصمة أكثر من ساعتين بالسيارة، لن تسمح للمتنزهين بفرش مناشفهم على الرمال الناعمة والاستلقاء تحت شمس ربيعية ساطعة. وحسب التّعليمات الصادرة عن الحكومة فإنّ رؤساء البلديات يستطيعون تقدير الوضع الخاص بمناطقهم واتخاذ قرار السماح بالنزول إلى البحر للسباحة فقط، دون المكوث على الشاطئ للاسترخاء. نعم اغطس في الماء وجدّف بساعديك لربع ساعة ثم اخرج وعد إلى بيتك.

كان الحلاقون أول من تهافت الزبائن للحصول على مواعيد منهم. وهم سارعوا إلى تمديد ساعات دوامهم ونشروا إعلانات يطلبون فيها عمالاً ومساعدين. وللمرة الأولى تحولت دكاكين الحلاقين إلى خنادق تفصل الحواجز البلاستيكية بين كراسيها.

والكل يرتدي الكمامة ويعقم كفيه بالسائل المطهر عند تخطيه عتبة الدخول. ومن الحلاقين وأصحاب محلات «الكوافير» من يفتح محله منذ السابعة صباحاً حتى ساعة متأخرة من الليل، ومع هذا يصعب الحصول على موعد قريب لقص الشعر أو صبغه أو تشذيب اللحى التي طالت خلال أسابيع العزلة المنزلية. لكن تشذيب اللحية، بالذات، يحتاج إلى حرص خاص لأن الزبون يضطر خلاله لنزع الكمامة عن وجهه.

تخلى الباريسيون عن ورقة التصريح التي كانت مفروضة عليهم للخروج مع ضرورة تحديد السبب والمدة التي تستغرقها الجولة. وراحت الأرصفة تستعيد توقيعات الكعوب العالية على الإسفلت، وخرجت المدينة من حالتها الشبحية إلى نشاط طبيعي لسكان مكممين يصعب الاستدلال على ملامحهم. وكأنّ الكل يشترك في تمثيل فيلم من أفلام الجاسوسية أو الخيال العلمي. ورغم توفر البضائع والمواد المطهرة ووسائل الوقاية فإنّ الصفوف ما زالت طويلة أمام المتاجر الكبرى للأطعمة وحاجيات المنزل، مع نقاط مرسومة على الأرض تحدد المسافة التي تجب مراعاتها بين كل زبون وآخر. إنّ الكل يتحرك فوق علامات وإشارات وكأنه يؤدي دوراً في عرض راقص.

يعرض التلفزيون كل يوم تقارير عن وقائع أيام «التحرر» في باريس. وهو يغطي النشاط المحموم المستمر وراء جدران المختبرات للوصول إلى دواء شاف أو لقاح واق. ويطلق المعلقون على كل واحد من الخبراء والخبيرات العاملين في تلك المراكز لقب «البطل» و«الجندي المجهول». فهؤلاء يجتهدون لفصل عينات مجهرية من الفيروسات وعليهم أن يحاذروا الإصابة بها والتقاط عدواها.

أمّا طواقم التّمريض والإسعاف فإنّها شبعت من الوعود بالهدايا والعلاوات وخطابات التقدير وبينهم من يطالب بالحق في الحصول على إجازة يقضيها وسط أسرته. وهناك فئة شبه منسية هي المعينون من الرجال والنساء المكلفون بزيارة المسنين في بيوتهم وتقديم الرعاية لهم. ويطالب هؤلاء بأن تشملهم العلاوات المادية التي صرفت لممرضي المستشفيات. تفتقد شوارع باريس منظر مئات التلاميذ الذين يحملون حقائبهم على ظهورهم ويتوجهون إلى المدارس أو يعودون منها إلى منازلهم.

لقد فتح عدد من المدارس أبوابه جزيئاً لكن نسبة من أولياء الأمور ما زالت تشعر بالقلق من احتمال أن يلتقط أطفالها العدوى من صفوف الدراسة أو ساحات اللعب. إن «كورونا» ما زالت هنا والأرقام تشير إلى مئات الإصابات والوفيات كل يوم. وللسبب نفسه لم يصدر قرار يسمح للمطاعم والمقاهي بفتح أبوابها، رغم الشعور العام بافتقاد شديد لفنجان «الإكسبريسو» على شرفة مقهى الحي. وخصّصت مجلة «باري ماتش» غلاف عددها الصادر أمس لطباخة وطباخ من كبار طهاة المطاعم الباريسية الراقية. مع عنوان عريض جاء فيه: «فرنسا من دون مطاعم ليست فرنسا».

يجاهد القائمون على مترو باريس وضواحيها لكي يعثروا على الحل الأمثل لإعادة الروح إلى هذه الشبكة العملاقة التي يستخدمها خمسة ملايين شخص كل يوم. إنّها الوسيلة الأسرع للتنقل، وأي إهمال يمكن أن يجعل منها مصيدة للوقوع في براثن الوباء.

وعلى غرار المتاجر الكبرى، رُسمت علامات على أرصفة المحطات لتحديد مسافات التباعد بين الركاب. ووقف على بوابة كل مقطورة عاملة أو عامل مهمته التأكد من عدم ازدحامها بأكثر من العدد المخصص لها. وتم تخصيص 2000 عامل لتعقيم العربات والممرات وكافة أنفاق المترو، بزيادة 400 عامل إضافي. كما رصدت للسوائل المطهرة ميزانية قدرها 160 مليون يورو. وهنا أيضاً يبدو مشهد الموظفين بزيهم الرسمي والركاب مع الكمامات وكأن كاميرا خفية تصور هذه الوقائع الغريبة. فالراكب يشيح بوجهه عن الجالس قبالته. والعيون البارزة من وراء الأقنعة تشي بالقلق والاضطرار. ولم يعد هناك متسولون في العربات ولا عازفون يمدون طاقياتهم لجمع ما يجود به الركاب.

من بين كل صالات العرض الفني عادت الحياة إلى متحف واحد صغير في باريس. إنّه معهد «جياكوميتي» الواقع في الدائرة الرابعة عشرة من العاصمة. وهو يستضيف معرضاً عن الأعمال المفقودة للرسام السويسري ألبيرتو جياكوميتي المتوفى عام 1966. وسيكون على الراغبين بزيارة المكان تسجيل أسمائهم مسبقاً عبر موقع إلكتروني ليُحدَد وقت معين لهم، والتّنسيق بين الزوار لكي لا يزدحم المتحف بأكثر من 10 زوار في كل ساعة.

أمّا مزادات الأعمال الفنية فقد باشرت الاستيقاظ من غفوتها، أيضاً، وهناك 5 رسوم تخطيطية لفنان الكاريكاتير الفرنسي أوديرزو ستباع في المزاد العلني لصالة «أركوريال» في 26 من الشهر الجاري. والفنان هو مبتكر شخصية «أستيركس» في كتب الأطفال. وقد قدمت ابنته هذه الرسوم للمزاد على أن يذهب ريعها لمساندة «الجيش الأبيض» في المستشفيات.

يكتب المعلقون أنه لا بد للمصانع من الدوران، ولا بدّ للجامعات من الدوام، ولا بد للعائلات من التلاقي. فشبكة المترو خسرت 350 مليون يورو خلال فترة الإغلاق. وخسرت السكك الحديدية ملياري يورو. وهناك 20 في المائة من العمال يدركون أنّهم فقدوا أعمالهم ومصدر رزقهم، عدا العاطلين من قبل.

أخبار تهمك أيضا

رئيس مطارات دبي يكشف عن الصورة المشتركة في صالات السفر في ظل "كورونا"

مصر تُحدِّد شروط ومعايير عودة عمل الفنادق ضمن خطة التعايش مع "كورونا"

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باريس تستيقظ بعد غفوة انتشار وباء كورونا باريس تستيقظ بعد غفوة انتشار وباء كورونا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة

GMT 19:13 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يؤكد أنّ حماس لن تحكم غزة بعد الحرب

GMT 08:10 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

غادة عبد الرازق تثير حيرة جمهورها برسالة غامضة

GMT 21:39 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا تكشف عن معايير اختيار أدوارها

GMT 06:41 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

لا سامح الله من أغلق ملفات الفساد

GMT 02:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 12:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تأثير ساندرا نشأت في مشواره الفني

GMT 02:38 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

جنوب إفريقيا تتسلم رئاسة مجموعة العشرين للعام 2025 من البرازيل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab