يعاني قصر "فو لو فيكومت" الفرنسي، المُشيّد بين عامَي 1641 و1661 من التجاهل الشديد، رغم تاريخه الحافل.
وجاء بناء القصر بأمر من نيكولا فوكي الذي كان مسؤولًا عن المال في زمن لويس الرابع عشر، والذي أعجب بالقصر، ومن شدة انبهاره بما شاهده من فخامة وثراء، شعر بالغيرة من فوكي فقرر أن يضعه في السجن بتهمة إهدار أموال الدولة والاستيلاء عليها، ومن ثم اختفى "فو لو فيكومت" الذي يبعد أقل من ساعة بالسيارة أو القطار من باريس، لعدة قرون عن مرأى ومسمع الجميع.
العديد من أولئك الذين يسافرون جنوبًا في طريقهم إلى حقول كروم العنب في منطقة Burgundy أو جبال الألب أو منطقة Côte d’Azur، لن يعلموا بوجود هذا القصر الرائع هناك. هذا أمر مؤسف في أي وقت من السنة، لكن في عطلة عيد الميلاد على وجه الخصوص، يفتح القصر الذي يعود للقرن السابع عشر أبوابه كما العادة كلّ نهاية عام تمهيدًا لاحتفالات الأعياد، أمام حشد كبير من الفرنسيين وغير الفرنسيين، ليتحول إلى قصر ساحر.
أقرأ يضًا
- مشروع لتحويل السفارة الأميركية في لندن إلى فندق
الجدير بالذكر أن معظم القصور الفرنسية التي تديرها الدولة وتمولها الحكومة تبذل المزيد من الجهد لجذب الزوار خاصة في عيد الميلاد واحتفالات العام الجديد، لكن قصر فو لو فيكومت المملوك لعائلة فرنسية، ويعد أكبر قصر خاص تاريخي في فرنسا والمخطط المبكر لقصر فرساي، يجذب الزوار بطريقته الخاصة.
وكتبت كيم ويلشر، محررة صحيفة "غارديان" البريطانية عن رحلتها الأخيرة للقصر "ظهرت واجهة القصر الرائعة وسط غابة معزولة في نهاية طريق ضيق من أشجار عالية، مُزينة بديكورات وأضواء عيد الميلاد، وتمثّل فكرة هذا العام احتفالا كلاسيكيا، وقد قادنا إريك ناودين، مصمم ديكور القصر، إلى الإسطبلات السابقة حيث تم دمج مجموعة من العربات وشجر عيد الميلاد للاحتفالات المنتظرة نهاية العام".
وأضافت "من هناك، قمنا بزيارة قاعات المناسبات، مع رائحة الفانيلا والبرتقال والقرفة والشوكولاته التي تملئها، بالإضافة إلى الألعاب والدببة، والقطارات اللعبة، والشاحنات الخشبية، ومعظم الألعاب الغريبة والرائعة - مثل الزرافة التي تلعب في الصباح وتعزف على الفلوت، هذه المملكة الساحرة، مبهجة من الطراز القديم وذات تكنولوجيا متدنية الذي يسحر الصغار".
وتابعت كيم: "أخبرنا ناودين أن الأمر استغرق 40 شخصًا لمدة أسبوعين لإنشاء تلك الديكورات الاحتفالية في القصر وأرضه، والتي شملت 150 شجرة و 4000 متر من الأكاليل والأضواء".
عند مدخل الصالون الكبير، تحت السقف المقبب البالغ طوله 18 مترًا، منطاد هوائي على شكل دب يتميز باللون الأزرق والذهبي، بالإضافة إلى كرة ديسكو ذات مرآة تنبثق منها الأضواء على الستائر الثقيلة ناهيك عن أشجار الصنوبر التي تم رشها بلون أبيض تمامًا للتعبير عن احتفالات عيد الميلاد في أجواء شتوية رائعة.
تم إنشاء القصر في عام 1656 من قبل الأرستقراطي الثري نيكولاس فوكي، وزير المالية للويس الرابع عشر، وكان نتاج عمل المهندس المعماري لويس لو فو، ومصمم الديكور تشارلز لو برون وفنان المناظر الطبيعية أندريه لو نوتر، الذي صمم لاحقًا حديقة قصر فرساي.
في أغسطس/آب من عام 1661، أقام فوكي حفلة احتفالية باهظة تكريما للملك، إلا أن منافسيه الغيورين قد اتهموه باختلاس الأموال العامة وتغير لويس ضده ما جعله يأمر بسجنه، وقيل إن لويس شعر بالغيرة من منزل الوزير الجديد الفخم ما جعله يأمر بسجنه مدى الحياة، وفي النهاية توفي فوكي في السجن في عام 1680.
وفي عام 1875، تم شراء القصر المتهدم من قبل صانع السكر ألفريد سومير، الجد الكبير للمالك الحالي، باتريس دي فوغو، الذي تم منحه الملكية كهدية زواج في عام 1967، واليوم، يجذب القصر 300000 زائر سنويًا، 75٪ منهم فرنسيون، وقد ظهر في مئات الأفلام، أشهرها Moonraker، بطولة روغر مور في دور جيمس بوند.
قد يهمك أيضًا :
- رحلة ممتعة على طريق "سكيلنغ رينغ" في إيرلندا
- استكشاف أنفاق الحرب العالمية تحت الأرض في فرنسا
أرسل تعليقك