لندن ـ سامر شهاب
تنفرد العاصمة البريطانيّة لندن في فصل الخريف، بملامح ومميزات خاصة، مع تحوّل ألوان الشجر في الحدائق العامة التي تودّع فصل الصيف وتستعد لاستقبال فصل الشتاء، وتتباين ألوان أوراق الشجر بين الذهبي
والأحمر، وتحفل بإقامة المعارض الفنية المرموقة.
ويعرف السيّاح العرب لندن في الصيف جيدًا، وهناك من يزورها عامًا بعد عام للتجوال في شوارعها، بين بوتيكات الأزياء ومطاعمها الشهيرة وحدائقها الخلابة، ولكن ما إن يأتي الخريف حتى يهجرها السيّاح العرب، ولا يبقى في لندن غير سكانها والسيّاح من مناطق أخرى من العالم، مع أن الخريف في لندن يقدم الكثير إلى السائح والزائر، فالحدائق العامة في لندن لها ملامح خاصة تقتصر على فصل الخريف، والكثير من كبار الفنانين الكلاسيكيين فضّلوا رسم حدائق لندن في فصل الخريف عن أي فصل آخر.
ومن أهم حدائق لندن التي يتعين زيارتها في الخريف، "هايد بارك" و"ريجينتس بارك" و"ريتشموند بارك" و"هامستيد هيث" و"غرينيتش بارك"، و"سان جيمس"، حيث يشاهد الزائر ألوانًا جديدة لأوراق الشجر بين الذهبي والأحمر، وهي ألوان لا تظهر إلا في فصل الخريف.
ويمكن أن يلتحق السائح برحلات مشي في الحدائق، والتي تُنظّمها إدارات هذه الحدائق، ويستغرق بعضها ثلاث ساعات، وإن كانت هذه الرحلات أطول مما يتحمل السائح فيمكنه الاستمتاع بحدائق صغيرة نسبيًا من نوع "كيو غاردنر"، التي تُقدّم له جولات قصيرة يختبر من خلالها نباتات من أنحاء العالم كافة، بما في ذلك حدائق إستوائية في صوبات من الزجاج.
ويمكن للزائر التحول إلى الأحداث والمعارض والمتاحف التي تقدمها لندن طوال العام، وتختص فصل الخريف ببرنامج حافل منها، ويختار الزائر ما يروق له من أنشطة فنية وثقافية ورياضية تجعل من زيارة لندن في الخريف تجربة لا تنسى، ومن أهم العروض المسرحية الجديدة التي تقدم هذا الخريف عرض كلاسيكيّ اسمه "هنري الخامس"، ويعرض على مسرح "نويل كاوارد" في شارع سان مارتن لين، ومسرحية "من هنا إلى المنتهى"، المقتبسة من فيلم كلاسيكيّ تقع أحداثه في الشرق الأقصى خلال الحرب العالمية الثانية، ويعرضها مسرح "شافتسبيري" الذي يقع في شارع يحمل الاسم ذاته.
ويعرض متحف فيكتوريا وألبرت، خلال فصل الخريف، لوحات خاصة عن اللؤلؤ، ويستمر حتى كانون الثاني/يناير من عام 2014، وتأتي زيارة هذا المتحف ضمن أولويات سياح الخريف، لما يضمه من معروضات متنوعة، سواء اللوحات الفنية أو التحف الثمينة التي تعرض الفنون البريطانية خلال العصر الفيكتوري، وتعود أقدم المعروضات في المتحف إلى عصر الملك هنري الثامن.
كما يقيم المتحف البريطانيّ، عرضًا خاصًا للفنون اليابانية القديمة، يستمر حتى السادس من كانون الثاني/يناير المقبل، ويقع المتحف في منطقة راسيل سكوير، ويمكن زيارة أقسام المتحف الأخرى التي تعرض للحضارات المصرية القديمة والإغريقية والرومانية.
ولعشاق اللوحات الكلاسيكية، تقدم "الأكاديمية الملكية للفنون" في منطقة بيكاديللي، معرضًا عن لوحات الفنان أونوريه دومييه، الذي يستمر حتى 26 من كانون الثاني/يناير 2014، فيما يعرض "المتحف البحري الوطني" في غرينيتش لوحات بحرية رائعة للفنان تيرنر، تحت عنوان "تيرنر والبحر"، ويستمر حتى 21 نيسان/أبريل المقبل.
وتنتشر الألعاب النارية في لندن، خلال تشرين الثاني/نوفمبرمن كل عام، فيما يُسمى "ليلة غاي فوكس"، حيث يمكن مشاهدة الألعاب النارية أو الحرائق التي تنظم في الأماكن العامة في الكثير من الأحياء خلال تلك الليلة، ولكن لمن يريد أن يشهد حدثًا على حجم كبير، فعليه التوجه في تلك الليلة إلى حدائق قصر "ألكسندرا بالاس"، حيث يُقام أكبر حفل ألعاب نارية بالقرب من القصر التاريخي ليلة السبت 2 من الشهر ذاته، حيث تبدأ أحداث الاحتفال من الثانية ظهرًا، ليشهد الزائر الكثير من الأنشطة، مثل التزلّج على مسطح من الجليد الاصطناعي، ومقاهي المشروبات والمأكولات التقليدية وعروض الأضواء بالليزر. وقد شهد عرض الألعاب النارية هذا العام حدثًا مشهودًا، نظرًا إلى أنه يتزامن مع مرور 150 عامًا على بناء قصر "ألكسندرا بالاس"، ويمكن حجز مقاعد لكبار الزوار في العرض، ويسمح بدخول الأطفال مجانًا، ويدفع الكبار رسومًا رمزية هي ستة جنيهات للفرد.
ومن أغرب النشاطات التي يمكن القيام بها في لندن أثناء فصل الخريف، مشاهدة معرض طبي لوسائل العلاج التي كانت سائدة في البحر أثناء عصر نيلسون، حيث يُقام هذا المعرض في نهاية تشرين الأول/أكتوبر في شرق لندن، في شارع اسمه "سان توماس ستريت".
ويقدم محل "بيا" المشهور في سوق بلومزبيري شرق لندن، عرضًا لتذوّق أنواع عدة من الشوكولاته، ويصاحب الحدث عرض لفيلم اسمه "أسبوع الشوكولاته"، أما الأطفال، فيمكن مشاهدة عرض المُهرّجين على الثلج، وهو عرض يأتي إلى لندن كل خريف بداية من 17 كانون الأول/ديسمبر وحتى نهاية العام، ويعرض في "رويال فيستيفال هول" تحت اسم "سلافا سنو شو"، وهو يناسب الأطفال من سن ثماني سنوات، وتتراوح أسعار التذاكر بين 20 و65 جنيهًا.
ويُقيم متحف التاريخ الطبيعي في غرب لندن، ساحة تزلج على الجليد، مساحتها ألف متر مربع، مع ساحة أصغر حجمًا للأطفال فقط، ويمكن حجز الساحة في بعض الأيام للمناسبات الخاصة، ويمكن شراء تذاكر خاصة بالعائلات بسعر 38 جنيهًا. وبدأت نشاطات هذه الساحة في تشرين الأول/أكتوبر وتستمر حتى شهر كانون الثاني/يناير 2014، وبدايةً من 22 تشرين الثاني/نوفمبر، يُقام في ساحة قصر "سيون بارك" غرب لندن، حدث سنويّ، هو مسار ليلي بالأضواء بين الأشجار، يستغرق قرابة الساعة، ويشمل الكثير من الملامح الشتوية مثل البحيرات المجمدة والأشجار الملونة، وهو حدث مخصص للعائلات، ولابد أن يُصاحب الكبار الأطفال في هذه الجولة، كما تمنع الكلاب والحيوانات من الحديقة، وتوجد منافذ لبيع المشروبات والمأكولات في أرجاء الموقع، ويستمر هذا الحدث حتى الثامن من كانون الأول/ديسمبر، ولا يزيد سعر التذكرة على سبعة جنيهات للكبار، وثلاثة جنيهات للأطفال.
أما أكبر أحداث التزلج على الجليد في لندن أثناء الخريف، فتقع سنويًا في "هايد بارك"، بداية من 22 تشرين الثاني/نوفمبر، ويُطلق على الحدث اسم "هايد بارك وندرلاند 2013"، ويستمر حتى الخامس من كانون الثاني/يناير 2014.
ويُعد الحدث بمثابة مدينة ملاهي شتوية، تُقام في حديقة "هايد بارك"، وتشمل عجلة دوارة وسيرك ومُسطّحًا للتزلج على الجليد، هو الأكبر مساحة في لندن، وتُضاء الحديقة بمائة ألف مصباح ملون، وهذا الحفل متاح مجانًا للزوار، حيث يقول منظموه، إن حجمه هذا العام سيكون ضعف ما كان عليه في العام الماضي.
ويمكن للزوّار المشاركة في الألعاب، ومشاهدة عمليات النحت في الجليد، ويدفع الزوّار للمشاركة في الألعاب المختلفة، ولكن الدخول إلى موقع الحدث مفتوح للجميع من دون رسوم، ولا يسمح للتزلج للأطفال من دون الثانية عشرة من العمر، إلا بمصاحبة شخص بالغ، وتُباع تذاكر التزلج في الموقع ذاته، وبأسعار تبدأ من تسعة جنيهات للفرد، وسبعة جنيهات للطفل الواحد، و28 جنيهًا للعائلة.
ومن المعارض الفنية المرموقة، لوحات يُسهم بها الكثير من الفنانين التشكيليين الدوليين تُعرض في متحف "فيكتوريا وألبرت"، بداية من 11 كانون الأول/ديسمبر، وحتى 21 نيسان/أبريل 2014، وهي أعمال تتسابق على الفوز بجائزة تُقدم كل سنتين، قدرها 25 ألف جنيه إسترليني (37.5 ألف دولار).
ومن بين اللوحات المعروضة، عمل من أعمال الفنانة بسكال زغبي، عن تصميمات للخط العربي باستخدام حرف "ه"، وآخر للفنان ناصر السالم باستخدام كلمة "كل"، وثالث للخط العربيّ الكلاسيكيّ من الفنان منير فاطمي، وهي أعمال جديرة بالمشاهدة وتُعدّ خير خاتمة لفصل الخريف في لندن.
أرسل تعليقك