أفاد تربويون واختصاصيون، أن جائحة «كوفيد 19» فرضت على جميع القطاعات تسريع وتيرة الثورة الصناعية الرابعة، وألزمت المدارس بمواكبة هذا التغيير عبر سعيها إلى ابتكار حلول تعليمية ترتقي بقدرات المعلمين والطلبة وسبل استخدامهم لتقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات والطباعة الثلاثية الأبعاد والحوسبة وغيرها من التقنيات الإلكترونية.
وأكدوا أن مدارسنا دخلت متسارعة لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة، عبر تعزيز التقنيات الحديثة في التعليم، موضحين أن المدارس بدأت في دمج تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز ضمن الدروس، ودمج الروبوتات في المناهج وتسخير كل هذه التقنيات لما فيه مصلحة الطلبة.
وأوضحوا أن خيارات المعلمين من المواد التعليمية تسهم في توجيه دفة الثورة الصناعية الرابعة، متوقعين أنه في غضون بضعة عقود، سنعيش في عالم يرتكز على رؤيتنا لهذه التقنيات التعليمية الجديدة والمبتكرة، وكيفية استثمارنا فيها وطريقة تطبيقنا لها.
وذكروا أن مهن المستقبل تحتاج إلى بناء جيل قادر على مواكبة التغييرات المتسارعة، لذلك يستوجب فتح المجال لدعم الشركات الناشئة التي تستخدم الذكاء الصناعي في تعظيم القيمة المقدمة، ومن أبرز ما يميز الثورة الصناعية الرابعة هو التحول إلى استخدام التكنولوجيا ليس كعنصر مساعد بل كعنصر رئيسي.
دمج
وتفصيلاً، أوضح ماني جوهال، مدير التعلم الرقمي في المرحلة الأساسية الأولى والثانية في مدرسة جيمس متروبول، أن دمج تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز ضمن الدروس يوفر تجربة رقمية غامرة تحاكي عالمنا الحقيقي وتتيح للمعلمين فرصاً متنوعة، فمثلاً، يمكنهم اصطحاب الطلاب في رحلات افتراضية إلى المنطقة القطبية الشمالية أو تجربة لعبة الأفعوانية الشهيرة بسرعاتها الفائقة دون مغادرة مقاعدهم، وذلك باستخدام تقنية الواقع المعزز التي تجمع بين العالم الرقمي والعالم الحقيقي.
وأوضح أن دمج الروبوتات في المناهج يهدف إلى مساعدة المعلمين على تخطيط تصاميم الروبوتات واستخدامها في سيناريوهات واقعية ضمن مختلف المواد، ومساعدة طلابنا على اكتساب المهارات الرقمية في حل المشكلات والتعاون، إضافة إلى توفير فرص تتيح لهم تنمية مهاراتهم في التفكير النقدي والإبداع لمواكبة المستقبل الرقمي.
ونوه بأن استخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد يساعد الطلبة على تحويل ما يرونه على شاشات الكمبيوتر إلى مجسمات واقعية مطبوعة يمكنهم معاينتها وتحليلها. ومن الاستخدامات الأخرى، تمكين الطلاب من طباعة القطع الأثرية لمعاينتها ودراستها أثناء دروس التاريخ، أو طباعة نماذج ثلاثية الأبعاد للعناصر الكيميائية والجزيئات في دروس الكيمياء.
نجازات
من جهته، قال الخبير التقني وليد الظهوري: إن الثورة الصناعية الرابعة انطلقت من الإنجازات الكبيرة التي حققتها الثورة الثالثة، خصوصاً شبكة الإنترنت وطاقة المعالجة، والقدرة على تخزين المعلومات، والإمكانات غير المحدودة للوصول إلى المعرفة، مؤكداً أن تلك الإنجازات سوف تنعكس على كل القطاعات من خلال استخدام تكنولوجيات ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والمركبات ذاتية القيادة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وتكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية، وعلم المواد، والحوسبة الكمومية، وسلسلة الكتل (Blockchain)، وغيرها.
وقال الظهوري: إن الثورة الصناعية الرابعة هي واقع لا يمكننا تجاهله أو الهروب منه، وستدخل تطبيقاتها كل المجالات، وذلك الأمر سوف يخلق وظائف جديدة تتطلب مهارات تقنية توفرها الثورة الصناعية الرابعة، مؤكداً أن دولة الإمارات دخلت بقوة في إثبات جدارتها بتحقيق الريادة في مجالات الثورة الصناعية الرابعة، وأعدت استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة وركزت فيها على محاور أساسية عدة أبرزها تحسين مخرجات قطاع التعليم الذي يرتكز على التكنولوجيا والعلوم المتقدمة، ومنها الهندسة الحيوية، تكنولوجيا النانو، والذكاء الاصطناعي.
استثمار
من جانبه، قال عبد الرزاق حاج مواس مساعد مدير مدرسة الاتحاد الخاصة - الممزر: إن الاستثمار الأنجح هو الاستثمار في الإنسان من خلال التخطيط لإعداد جيل من مواهب المستقبل المبدع والمبتكر، ولا شك أن أولى أدوات هذا الاستثمار هو تطوير نظام تعليمي تربوي يركز على الجوانب التطبيقية والتكنولوجية.
وأكد أن الثورة الصناعية الرابعة تتطلب تعزيز التقنيات الحديثة في التعليم وتهيئة بيئة تعليمية محفزة تواكب متغيرات العصر، وكذلك يتطلب توفير منهج تعليمي مطور يركز على الإبداع والابتكار ويوفر خيارات متنوعة من علوم الروبوتات والعلوم التطبيقية ومختلف العلوم الأخرى، ولا يكفي فقط تعزيز البيئة التعليمية بالوسائل الحديثة والمختبرات المطورة بل ينبغي تدريب المعلمين على الاستخدام الأمثل لهذه الموارد.
وأشار إلى أن هناك تحولاً وتطوراً مستمراً في الاقتصاد، ولكن التسارع الذي نشهده باستخدام التكنولوجيا في الثورة الصناعية الرابعة يتسارع بشكل كبير، فمثلاً استخدام التكنولوجيا المالية في التحويلات سيغير من طبيعة التعاملات المالية عالمياً، موضحاً أن التحول الذي نشهده ينتقل بنا من التركيز على المعرفة إلى التركيز على الأدوات والخبرات، فالمعرفة موجودة ولكن الخبرات مكتسبة، وهذا ما يجب أن نركز عليه، كيف نبني الخبرات والأدوات لدى الجيل الجديد.
احتياجات
بدورها، قالت فيليسيا لتشار مدير الأمريكية الدولية في دبي: إن الثورة التكنولوجية ينبغي أن تقابلها ثورة شاملة في التعليم، من أجل بناء أجيال تواكب احتياجات سوق العمل المستقبلي الذي رسمت ملامحه تلك الثورة، وبذلك برزت أهمية استحداث البرامج والمناهج التي استهدفت صناعة أجيال الغد وترسم مستقبل التعليم في الإمارات لتطوير المعلم لمواكبة المستجدات التكنولوجية، والتعلم القائم على المشاريع، وتغيير منظومة الاختبارات لتكون مبنية على مهارات الطلبة، إلى جانب تفريد التعليم للتأكد من حصول كل طالب على مستوى الدعم والرعاية التي تلائم احتياجاته الفردية، مع التركيز على أهمية تطويع التشريعات والقوانين لتوفير أشكال متعددة من الخدمات التعليمية التي تساهم في تحقيق هذا التفرد.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
تلميذ يفجر قنبلة يدوية الصنع في أحد المدارس بولاية ميشيغان الأمريكية
الذكاء الاصطناعي يحل محل السبورة والطباشير في المدارس الصينية
أرسل تعليقك