أكدت مصممة الأزياء المغربية سعاد إسلام، أن القفطان المغربي بالرغم من أنَّه أصبح تلك القطعة التي تجمع بين اللمسة العصرية الحديثة والتقليدية العريقة، ما يزال محتفظا بجماله التاريخي وتفاصيله التقليدية، الأمر الذي جعله يصل إلى العالمية ويضاهي معظم الأزياء، لاسيما أنَّه يتميز بتفاصيل عدة تجعله قطعة مميزة وفريدة من نوعها في كل شيء، وتتطلب الكثير من الحيطة والحذر عند اختيار الأفكار والابتكارات في تصميمها.
وشددت إسلام في حديث خاص مع "العرب اليوم"، على أهمية الحفاظ على معالم القفطان المغربي التقليدية، وعدم حذفها حتى لا يتجرد من مغربيته وأصالته العريقة التي ورثها المغاربة أبًا عن جد، لاسيما أن هذه المعالم هي من جعلته يكون مختلفا ويحقق نسبة إقبال كبيرة من طرف الأجانب الذين أصبحوا يطلبونه من أجل ارتدائها في بعض المناسبات الخاصة بهم، مضيفة أنها لمست هذا الشيء وعاشته في فترة تكوينها، ولاحظته في مختلف العروض التي قدمتها في باريس ولندن والتي حققت نسبة نجاح كبيرة من طرف المغاربة والأجانب.
وأوضحت المصممة أن "مهنة تصميم الأزياء ورثتها من والدي الذي كان مصمم أزياء أيضًا، وهو بدوره ورثها من جدي الذي كان خياطا تقليديا، حيث كنت متعلقة جدًا بهذه المهنة منذ نعومة أظافري كلما أتيحت لي الفرصة إلا واستغلها للذهاب إلى ورشة أبي وأراقب كل من يعمل معه وهو يعمل وأجلس قرب أبي وألاحظ كيفية قصه للأقمشة وتصميمه لمختلف القطع والتفنن فيها".
وأضافت "كل هذا دفعني للتخصص في دراسة الأزياء بعد حصول على شهادة الباكلوريا، ثم الانتقال إلى باريس بمساعدة والدي من أجل صقل موهبتي، وكذلك خوض التجارب الحقيقية، إلا أن غرامي كان لصالح القفطان المغربي النسائي الذي أجد فيه نفسي كثيرا، إذ شرعت في تصميم مختلف القطع لنفسي أولا ثم لإفراد عائلتي، وبعدها أصبحت أتقن التصميم التقليدي وقدمت مجموعات عديدة لاقت استحسانا كبيرا من طرف متتبعي الموضة، رغم أني عرضتها في باريس لأول مرة، ورغم كل الصعوبات التي واجهتني في البداية، إلا أني استطعت أن أجد مكانا لي بين المصممين المميزين في باريس وحتى في المغرب".
وأكدت إسلام أن أكثر ما يميز تصاميمها هو اعتمادها على الحياكة التقليدية والخياطة باليد، وحتى الإضافات مثل التطريز البلدي وطرز الحساب، والإضافات مثل التعقيق و"زواق المعلم" التي تعتمدها بالطريقة التقليدية، وهي الخياطة والتركيب بواسطة اليد وابتعادها ما أمكن عن الحياكة بواسطة آلة الخياطة.
وأبرزت أنَّ "اليد تجعلني أثق بتصاميمي وأكون واثقة من أنها مميزة وغاية في الإتقان، ما جعل تصاميمي تلقى إعجاب الكثيرين وتحقق النجاح الكبير في مختلف الأماكن التي عرضت فيها المجموعات التي صممتها والتي وصل عددها حتى الآن إلى 12 عرضا مميزا لاقوا نجاحا وإقبالا كبيرا، ورغم إضافة بعض "الرتوشات" العصرية على القفطان المغربي إلا أني لم أكثر منها وذلك لأحافظ على العراقة التي تميزه واجعلها يبقى بالصورة المغربية التقليدية التي اعتدنا عليها منذ صغرنا".
ولفتت إلى أن "أهم الأشياء التي يجب أن يعتمدها المصمم في مختلف التصاميم التي يطرحها هي البساطة، فهي أساس الإبداع ومهما كان التصميم بسيطا إلا ويحقق نسبة إقبال وإعجاب الملايين، فضلا عن كونه يناسب مختلف الأذواق ويتماشى مع كل المناسبات، فضلا عن كون التصاميم البسيطة تمتاز بالدقة والأناقة والجمالية وهذا أكثر ما يحبه زبائنها في التصاميم التي تقدمها لهم والتي دوما ما تلقى إعجابهم".
واستطردت إسلام "حتى وإن تلقيت فكرة معينة من احدهم إلا وادخل عليها لمستي الخاصة لأجعلها مميزة ومختلفة عن كل شيء، أعتمد أفكار زبائني وأتجنب فكرة إهمالها حتى أرضي أذواقهم وامنحهم الثقة في أنفسهم بان لديهم ذوق رفيع في اختيار ما يعجبهم وما يناسبهم ، لاسيما أن التصميم البسيط يجعل جمال المرأة يظهر ويبرز بشكل مميز وأنيق".
وتابعت إنَّ "المواد التي أعتمد عليها في تصاميمي أنتقيها بعناية، فأنا أسعى دوما لأعطي الأجمل والأجود لصالح كل النساء من مختلف الجنسيات لذلك أوظف الألوان حسب الموضة الرائجة في كل موسم وأعتمد كثيرا على اللون الأسود الذي يوجد في كل المجموعات التي أصممها، لمكانته المرموقة في عالم الموضة، وهو اللون الملكي الذي لا يمكن الاستغناء عنه في كل فصول العام، فضلا عن دمج مختلف الألوان لأمنح الفرصة لكل امرأة أن تجد لدي ما تطمح إليها وفرصة لتختار ما يناسبها وينال إعجابها".
وبيّنت أنه فيما يخص الأقمشة فهي عادة ما تمزج بينها في القطعة الواحدة، ومعظمها التول والحرير في فصل الربيع والصيف، والموبرة الرقيقة والساتان الملكي في فصل الشتاء، إضافة إلى المزج بين الاورغانزا وقماش جوهرة الذي يعد من أروع الأقمشة المغربية والذي تعتمده كونه يحقق نسبة إقبال كبيرة من طرف النساء، واستكملت: "لا أتوانى في اعتماد مختلف الصيحات الجديدة بأفكار وابتكارات حديثة عصرية ممزوجة باللمسات التقليدية المغربية حتى تكون تصاميمي مواكبة للعصر وللموضة وتكون حلقة وصل بيني وبين عشاق الموضة الجديدة ومتتبعي آخر الصيحات، ولتفتح لي المجال للمشاركة في مختلف تظاهرات الموضة الوطنية والعالمية."
واختتمت المصممة سعاد إسلام بأن آخر أعمالها هي مجموعة من التصاميم الراقية للقفطان المغربي و"التشكيطة" المغربية ذات القطعتين، والتي تجهزها وتعمل عليها منذ أشهر، وتسعى للمشاركة بها في مجموعة من العروض التي ستنفذ في المغرب ودبي وفرنسا ولندن، والتي استخدمت فيها مجموعة من الأفكار والمستجدات التي استوحتها من مخيلتها ومن الطبيعة لتجعلها في المستوى المطلوب لتكون رمزا للمرأة المغربية تبرز جمالها وتظهرها في أجمل صورة وأروع حلة ، حتى تكون مفتخرة وهي ترتدي هذا الزي الذي تعدى الحدود المغربية ليصل إلى العالمية.
أرسل تعليقك