حكاية الرسام الفلسطيني مع أرض الطفولة وتحوله إلى السوريالية
آخر تحديث GMT13:20:30
 العرب اليوم -

خلال معرض "إيقاعات زمن مختلف" هو الأول بعد 16 عامًا من رحيله

حكاية الرسام الفلسطيني مع أرض الطفولة وتحوله إلى "السوريالية"

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - حكاية الرسام الفلسطيني مع أرض الطفولة وتحوله إلى "السوريالية"

لوحة للفن التشكيلي
رام الله - العرب اليوم

نتذكر بكثير من الحنين اليوم، قامة من قامات الفن الفلسطيني توفيق عبدالعال من خلال المعرض الاستعادي الذي يقام له في دار نمر للفن والثقافة "كليمنصو- لغاية 31 يوليو/ تموز" بعنوان "إيقاعات زمن مختلف"، وهو الأول بعد رحيله في العام 2002، ويجمع تلاوين من مختلف مراحله الفنية التي جمعت بين الانطباعية والتجريد من جهة والتعبيرية والرمزية والسوريالية من جهة أخرى، وهو من أكثر الفنانين الفلسطينيين انخراطًا بالزمن الحداثي المحتدم في بيروت والأكثر انتماءًا لحراكها الثقافي المتشعب الاتجاهات ما بين الشرق والغرب.

ويحمل المعرض بطابعه المعاصر، إطلالة خاصة للفنان ناصر السومي، الذي قام بإعداده وتقديمه وفق تسلسل لتيمات الأعمال (رسوم ومنحوتات ولوحات وقصائد) مع شهادات من فنانين عرفوا توفيق عبدالعال وترددوا على محترفه، فضلًا عن شريط الفيديو الذي قام بتصويره لمدينة عكا الساحلية كي يعيدنا إلى أرض الأحلام والطفولة، حيث المؤثرات الأولى التي بدأت منها حكاية الفنان.

مولده وبداية موهبته

وُلد الفنان عبد العال في عكا "1938" عصاميّ بدأت موهبته الفنية بالظهور منذ طفولته، بعد نكبة العام 1948، انتقل إلى لبنان الذي أحبه وعاش فيه حتى آخر رمق، وشكّل العام 1958 مفترقًا في حياته المهنية والفنية حين شارك مع كل من إسماعيل شمّوط وتمام الأكحل، في معرض الربيع السنوي الذي تقيمه وزارة التربية اللبنانية في قصر الأونيسكو، وتعرّف حينها إلى الفنانين اللبنانيين في طليعتهم سعيد عقل "من رواد التجريد الأرابسكي" ويوسف غصوب ومعزز روضة وناظم إيراني "نحاتين" كما تعرف إلى عارف الريّس وأمين الباشا ومنير عيدو.

أقام معرضه الفردي الأول العام 1962، في مدينة عاليه، والثاني في قرية برمانا، قبل أن يقيم معرضه الأول في بيروت العام 1966، في صالة جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت لتجد بعدها أعماله انتشارها الواسع في مختلف العواصم العربية والأجنبية.

مكانة خاصة بين التشكيليين العرب

وتمكن توفيق عبدالعال أن يجد مكانته الخاصة بين التشكيليين العرب، بجماليه أسلوبه الحداثي المرتبط بالقضية الفلسطينية والمندمج مع المدارس التشكيلية في لبنان والاتجاهات التي ظهرت ما بين ستينات وسبعينات القرن العشرين.

تأثَّر أسلوبه بفناني التجمع الشرقي الذي عرف صعوده في بيروت منذ العام 1967 مع منير نجم وعادل الصغير وستيليو سكامنغا، فأضفى على مشاهده بساطة التقسيمات البقعيّة التي ميّزت فناني التجريد في مدرسة باريس التي زاولها العديد من التجريديين اللبنانيين.

واقتربت ريشته في تصوير الطبيعة من طريقة تبسيط هلن الخال في الإيجاز التجريدي الصافي لروح المنظر، غير أن الشفافية اللونية عرفت انقلاباتها منذ أوائل الثمانينات في طريقة التلطيخ اللوني الناتئ "الكامن في استخدام السكين بدلًا من الفرشاة" جسّد من خلالها موضوعات متصلة بمرارة الواقع الفلسطيني، كطائرات الورق التي بإمكانها وحدها أن تطير في سماء فلسطين، والأشجار التي تموت واقفة، وبوابة الحياة وصولًا إلى اللوحة الأخيرة التي رسمها بعدما فقد بصره بأسلوب تعبيري متكاثف لونيًا وتعود إلى العام 1990 مستذكرًا أحد الأزقة في عكا.

مرحلة السبعينات مع ريشة عبد العال

وتُعد مرحلة السبعينات هي من أحلى ما تركته ريشة توفيق عبدالعال من شوق وتداعيات حنين لطفولته، وهي مناظر بحرية مستوحاة من أزرق أمواج عكا وأشرعة مراكبها وشبِاك صياديها وأسوارها ولياليها البنفسجية الحالمة، التي أعاد من خلالها ذاكرة المكان، فقام بتحليل المفردات المستلهمة من الطبيعة البحرية، بلمسات لونية عريضة وإيقاعية نغمية تشبه الغناء في مقامات ألوانها وعلاقاتها وحرارة مناخاتها وتجريدات مساحاتها، استذكر فيها طاحونة جده (لوحة من عام 1967) وأمواج عكا وحقولها وربيعها وياسمينها، فقد كان منذ طفولته يعشق البحر ويبيع الياسمين خلسة لعشاق السهر ليقوم برحلته الممتعة في القطار بين عكا وحيفا.

المناخات التراثية والثورة الفلسطينية

ولئن كان توفيق عبدالعال قد انحاز إلى المناخات التراثية، فذلك عائد أيضًا إلى ترجيعات صدى ذكريات "مقهى الدلالين" حين كان يذهب مع والده لسماع سيرة عنترة والزير سالم وأبي زيد الهلالي، ومع ذلك الطقس احتلت صورة الفارس المغوار مخيلته لتظهر في أعماله، كما تأثر في طفولته برسام الزجاج المعشّق أحمد الهندي وقد أصبح لون الزجاج لاحقًا جزءًا من ذاكرة اللون، ومن تراثيات معالم عكا وفنونها الشعبية تأثر توفيق عبدالعال بمبنى حمام الباشا بقبابه المزينة بالزجاج وزخارفه ونقوشه وأباريقه النحاسية، التي تبدت أطيافها الزخرفية في موضوع الحمامات وحبور جلسات النسوة فضلًا عن لوحاته عن القدس ومساجدها الأبيّة.

ورسم انطباعاته عن فلسطين ولبنان، كما رسم الثورة الفلسطينية قبل انطلاقها فكتبت أعماله الملامح الأولى لوجوه الفدائيين وراياتهم ورقصة سلاحهم وأناشيدهم وأجراس العودة، لكنه سرعان ما استبدل الفدائي بالفارس إبان انطلاق الثورة. وفي العام 1975 انتسب إلى الجبهة الديمـــوقراطية لتحرير فلسطين وساهم فـــي إنشاء قسم الفنون التشكيلية ورسم العديد من الملصقات، وشارك في المعارض التي أقيمت في جامعة بيروت العربية وبعض الفنادق البيروتية.

الانطبـــاعية التجريدية والأسلوب السوريالي

وبدأت أعماله تتجه من الانطبـــاعية التجريدية نحو الأسلوب السوريالي الذي يعتمد على الدلالات الرموزية، فأخذت الشمس حيزًا في لوحاته وكذلك العصفور والحصان والديك، ولم تغب المرأة عن نتاجه التي حملت معاناة الشعب الفلسطيني كأحد أبرز رموزه الدالة على الحب والشغف والأمومة والفداء والحزن والتضحية، فربط بين المرأة والشمس والحصان، وحصان توفيق عبدالعال هو مفتاح علاقته بالثورة فكثيرًا ما ظهر منكسرًا وجامحًا ومنتفضًا ومهزومًا أو مقادًا إلى المقصلة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكاية الرسام الفلسطيني مع أرض الطفولة وتحوله إلى السوريالية حكاية الرسام الفلسطيني مع أرض الطفولة وتحوله إلى السوريالية



فساتين سهرة رائعة تألقت بها ريا أبي راشد في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:44 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة
 العرب اليوم - كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة

GMT 10:33 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض
 العرب اليوم - تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 08:59 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

خاسران في سورية... لكن لا تعويض لإيران

GMT 08:06 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«بنما لمن؟»

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

كريم عبد العزيز يفاجئ الجمهور في مسرحيته الجديدة

GMT 09:18 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 09:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 08:55 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

المشهد اللبناني والاستحقاقات المتكاثرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab