جورج ستابس صاحب الفن الرومانسي والعاطفي في آن واحد
آخر تحديث GMT18:30:59
 العرب اليوم -

الفنان الرسام الذي صوَّر روح الحيوانات العميقة في لوحاته

جورج ستابس صاحب الفن الرومانسي والعاطفي في آن واحد

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - جورج ستابس صاحب الفن الرومانسي والعاطفي في آن واحد

أحدي لوحات الفنان الراحل جورج ستابس حيث تبين أهتمامه الكبير بالحيوانات
لندن - سليم كرم

على الرغم من أنه لم ينل الشهرة التي نالها معظم الرسامين الموهوبين في ذلك الوقت، إلا أن فن جورج ستابس كان مميزا للغاية، نابضًا بالحياة، حيث أنه كان يركز في لوحاته على الحيوانات، ولكن ليس كأي رسام آخر.

جورج ستابس صاحب الفن الرومانسي والعاطفي في آن واحد

وفي إحدى لوحاته تجد حصانًا أبيض يرتجف وعروقه نافرة وفمه مفتوح في حالة صدمة وترى الخوف في عينيه، حتى أنك يمكنك أن تسرح وتتخيل ما الذي يخيفه وتضع سيناريوهات لذلك الذي يرعب ذلك الكائن البديع.

الحيوانات ليست غبية في فن جورج ستابس، كما أنها ليست آلات كما ادعت رينيه ديكارت، ولا عينات محنطة في متحف، فالمخلوقات في هذا المعرض تنظر إليكم مباشرة في العين، عيونها غريبة ومقلقة، ليس كإنسان، ولكن واعية، وغريبة، حيث يمكنك أن ترى لبؤة متوهجة في تأهب، ليمور بعيون ضخمة، فأر ينتفض جسده الصغير بفارغ الصبر من القلق، أو قرد ينظر آسفا في الظلام مثل رامبرانت ولكن من نوع آخر.

جورج ستابس صاحب الفن الرومانسي والعاطفي في آن واحد

جورج ستابس، الذي ولد في "ليفربول" عام 1724 وتوفي في 1806، لوحاته عن الخيول هي الأكثر شهرة اليوم. بريطانيا في القرن ال18، كانت السباقات بها شعبية للغاية كما أنها كانت مادة للقمار، وكانت خيول السباقات في شعبية نجوم موسيقى "الروك"، وكان ستابس الرسام الخاص بمجتمعهم. نفس الأرستقراطيين الذين استأجروا جوشوا رينولدز لرسم زوجاتهم أو عشيقاتهم، دفعوا لستابس لرسم خيولهم، والذي لم يخيب ظنهم فقد صور تلك الحيوانات الرقيقة بدقة وحرفية، مما جعل من فنه تحفة تخلد جمال تلك الخيول في شبابها وزهوة قوتها، فستابس هو أكثر بكثير من مجرد رسام خيول، إذ لديه رؤية للعالم الطبيعي.
 
وحتى في أكثر أعماله التي كلف بها كان من الواضح أنه أحب الحيوانات أكثر بكثير من حبه لأصحابها من البشر. في صورة القس روبرت كارتر ثيلويل وأسرته، والتي رسمت في عام 1776، وهو عام الثورة الأميركية، يبدو فيها أفراد العائلة كأنهم دمى هامدة مربوطة ومكسوة بأفضل ملابسهم. كل الحياة في اللوحة كانت كامنة في الحصان البني لعائلة ثيلويل، مع ومضات من الطاقة الكامنة في حين ينتظر بصبر للعدو بهم.

ستابس أراد أن يرسم شيئا أكثر طموحا من صور، إنه يريد تحقيق طموح "لوحات التاريخ" التي تحكي قصصًا كبيرة ولها أهمية معنوية عظيمة. لوحته التي رسمها 1762 "فايتون يحاول قيادة الخيول نحو الشمس" هي أولى محاولاته لفعل ذلك، هنا ستابس يقتبس الموضوع من تحولات أوفيد ميتامورفوزيس من أمثال مايكل أنجلو وروبنز، وأضفى عليها  بنفسه تطور غريب الأطوار.

عندما رسم مايكل أنجلو "فايتون"، ركز في رسمه على جسم الشاب الموثوق الذي يعتقد أنه بحماقة ظن أن يمكنه قيادة عربة الشمس، ولكن الخيول فهمت خطأ. ستابس على النقيض من ذلك، فقد صوَّر الخيول بشكل رائع ولكن فايتون الذي رسمه بدا غير واقعي تماما.

ومن عجب خيله أنها دقيقة جدا، لأنه في 1750، بعد العودة إلى بريطانيا من إقامته في روما لتوسيع العقل، انغلق ستابس على نفسه بعيدا في كوخ "لينكولنشاير"  لتشريح الحصان، وقد رسم الخيل مسلوخا بنفس الخليط المقنع من الفضول والتعاطف الذي يضع التشريح البشري لليوناردو دا فينشي في أعظم أعماله. إن رسومات التشريح الأصلية لستابس، والتي صنع منها كتابه لتشريح الحصان في 1766، يثبت أنه ليوناردو الخيول.

فالعلوم والتعاطف يسيران جنبا إلى جنب مع ستابس، فنه دقيق وعاطفي في آن واحد. بالنظر إلى ذلك الحصان، ترى ان ستابس كما لو أنه حفر نفسه حرفيا داخل الطبيعة، كأنه يرى العالم من خلال عين الحصان، وهذا ما شكل له تكوين الحصان الخائف من قبل الأسد.

هذا هو الفن الرومانسي، الذي يفتح عالما جديدا تماما من الشعور. الطبيعة هنا مكان للعجب، والوحي، الرهبة والعمق العاطفي، فحين رسم ستابس هذه القصة التي تصور رعب الحيوان كان لديه طموح لموضوع عظيم، والمعرفة التشريحية، والمراقبة الحادة، مما أدى به إلى عوالم غريبة في البرية.

ستابس يمكن أن يضعك في عرين الأسد، حيث كان يصور هذه الحيوانات المفترسة تزمجر على بعضها البعض في التنافس المتبادل، أو في مكان لاختباء النمر، مثل لوحته العظيمة عام 1779 التي تصور اثنين من النمور في لقاء حميم، أجسادهما السوداوان المرقطان تملأن اللوحة الكبيرة مع ثراء مجرد.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جورج ستابس صاحب الفن الرومانسي والعاطفي في آن واحد جورج ستابس صاحب الفن الرومانسي والعاطفي في آن واحد



GMT 08:15 2024 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

شاعرات يتحدثن عن آخر أعمالهن في ضيافة دار الشعر بتطوان

GMT 01:31 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

غارة إسرائيلية قرب موقع بعلبك الأثري يعود لآلاف السنين

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 00:54 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025
 العرب اليوم - أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 02:43 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
 العرب اليوم - غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 01:10 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دليل مُساعد لإضافة لمسة جذابة إلى صالون المنزل
 العرب اليوم - دليل مُساعد لإضافة لمسة جذابة إلى صالون المنزل

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 08:56 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 17:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 31 شخصا على الأقل في هجمات إسرائيلية في قطاع غزة

GMT 03:11 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر

GMT 22:38 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر يضرب شمال اليونان

GMT 17:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة 32 جنديا بينهم 22 في معارك لبنان و10 في غزة خلال 24 ساعة

GMT 01:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الفلسطينية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab