برويز تنافولي الفنَان الإيراني الذي صنع شيئَا من لا شيء
آخر تحديث GMT01:35:45
 العرب اليوم -

بعد صنعه تمثالًا يجسَد كلمة "لا شيء"

"برويز تنافولي" الفنَان الإيراني الذي صنع شيئَا من لا شيء

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "برويز تنافولي" الفنَان الإيراني الذي صنع شيئَا من لا شيء

برويز تنافولي الذى صنع شئ من لا شئ
طهران ـ مهدي موسوي

طلبت ملكة إيران في عام 1971 من الفنان الشاب حينها برويز تنافولي وهو في العقد الثالث من عمر، أن ينشئ تمثالًا برونزيًا من أجل قصر الشاه، وجاء التمثال ليجسد كلمة heech"" وتعني "لا شيء" باللغة الفارسية، في رسالة غامضة من الفنان غير واضحة المعنى، وتلقى تنافولي مكالمة هاتفية بعد وقت قصير من الشاه يطالبه بشرح ما يعنيه عمله الفني، إلا أن النحَات الذي درس الفنون الجميلة في ميلانو من خلال منحة دراسة من حكومة الشاه اعتقد أنه واقع في ورطة.

وذكر تنافولي "عندما وصلت إلى المنزل دخلت إلى غرفتي وكتبت بأسرع ما يمكن، وشرحت أن الأمر متعلق بذاتي الداخلية ولا يتعلق به"، وفى نهاية الأمر أصبح الشاه راضيا، وبعد بضعة أعوام، في حفل استقبال مع الرئيس الأميركي جيمي كارتر في قصر نيافاران في طهران أثنى كارتر على أعمال تنافولى الذي تعرَض للمساءلة ذات مرة بسبب أعماله.

وأصبح تنافولي منذ ذلك الحين الفنان الأكثر شهرة في إيران، وتباع أعماله الفنية بأغلى الأسعار في المزادات العلنية، وقدم تنافولي الكثير من أشكال كلمة heech ومنها ما يتكئ على كرسي أو تقف بجانب بعضها البعض، وزعم أحد أصدقاء الفنان أن هناك نادٍ لملاك تصميمات heech، وترتدى زوجة تنافولى قلادة ذهبية وخاتما من نفس الكلمات، وقدّم تنافولى بعض من تصميماته كهدايا أعياد ميلاد لأصدقائه.

وامتد أعمال الفنان تنافولى إلى أبعد من ذلك حيث يقيم أول معرض فني منفردا لأعمال هذا العام ويعرض فيه بعض من أعماله الأخرى في معرض The World Goes Pop ما يسلط الضوء على تأثير فن البوب خارج العالم الغربي، وعندما عاد تنافولى إلى إيران التي قضى فيها نصف عمره اكتشف أنه لم يُنسى على الرغم من ثورة القمع ضد الفن.

وتلقى تنافولى اتصالا هاتفيا من مدير متحف طهران للفن المعاصر في عام 2001 وكان حينها يعيش في كندا يسأل ما إذا كان يحب العودة إلى طهران وإقامة معرض فني، واندهش من دعوته ولم يستطع أن يصدق نفسه.

برويز تنافولي الفنَان الإيراني الذي صنع شيئَا من لا شيء

وغادر تنافولى إيران بعد 10 أعوام من قيام الثورة الإسلامية عام 1979، ولم يكن مسموحا له بالعمل أو إقامة معارض وكذلك لم يتمكن من مغادرة البلاد لفترة طويلة، إلا أن الفتح الثقافي الذي وصل البلاد في أواخر التسعينات تحت حكم الإصلاحيين غيّر الكثير من الأوضاع.

وأضاف تنافولي "قبلت الدعوة على الفور، لقد أرادوا إقامة عرض كبير من أعمال وتم ذلك بالفعل، وكان أكبر معرض في حياتي، اعتقد أنني نُسيت تماما لأن ظهور الجيل الجديد جعل أسمائنا وأعمالنا لا تذكر كثيرا، كيف لهم أن يتبعوني؟".

وأثبتت الدعوة التي تلقاها تنافولي خطأ اعتقاده بأنه أصبح منسيا، ومنذ ذلك الحين سافر ذهابا وإيابا إلى إيران جنبا إلى جنب مع الرسام بمن موهاسيس والمصور اردشير موهاسيس وحاليا توفي الاثنان، واختير تنافولي ضمن أهم ثلاثة فنانين إيرانيين في استطلاع للرأي أجرته إحدى الصحف.

وبدأ تنافولى تعليمه الفني في عام 1952 عندما فتحت أول مدرسة للنحت في طهران وكان من أوائل المنضمين إليها، وأكمل تنافولى تعليمه في إيطاليا وعندما عاد إلى وطنه ساعدته الحكومة في استئجار شقة في حي عباس أباد في طهران حتى تكون الأتيليه الخاص به والذى أسماه "كابود"، وأصبح الأتيليه الخاص به مركزًا للفنانين الشباب الآخرين وكان مهدًا لميلاد مدرسة "صكخانة" والتي تمثل حركة فنية للمحافظين الجدد.

وتعد مدرسة صكخانة أولى مظاهر الحداثة الإيرانية وتمثل مجموعة فنية ثقافية تأثرت بالفنون الشعبية الشيعية الإسلامية والفن ما قبل العهد الإسلامي فضلا عن الاستراتيجيات الرسمية الدولية وذلك حسبما أفادت جمعية آسيا التي عرضت أعمال تنافولي في نيويورك، واستخدم المصطلح لأول مرة بواسطة الباحث والناقد الإيراني البارز كريم إمامي في مقال صحافي في فترة الستينات.

وأشار تنافولى "كان الفنانون من قبل يفخترون بمتابعة بيكاسو أو سيزان ولكننا كنا نقدم فنا مختلفا وكان لدينا مدارسنا الخاصة، ولم أرياد اتباع الغربيين ولكننا أردنا أن نكون فارسيين بشكل أكبر ولذلك استخدمت كل الأدوات المحيطة بي مثل المشاوى والأقفال، وبالتدريج استطعت خلق مدرستي الخاصة من خلفية إسلامية".

وتميزت أعمال تنافولي بالاتساق في الشكل والتكوين والأفكار منذ محاولاته الجادة في ميلانو، واستحوى تنافولي بعض أعماله من الأسواق المحلية والأضرحة والعلامات الدينية، وبين تنافولى " كان الشعراء الفارسيين مثل حافظ أو الرومى قادرين على تغيير دورتي الدموية، كانت أشعارهم ملهمة جدا ولم أحتاج إلى الذهاب إلى مكان أخر، وكانت الأقفال الموجودة في المزارات الشيعية مصدرا كبيرا للإلهام بالنسبة لي، وعندما كنت كفلا كانت الأقفال لعبتي الوحيدة".

ويعتبر تنافولى جامعًا للأعمال الفنية أيضا، ولديه أكبر كمية من الأعمال الفنية القبلية في إيران مثل الصلب الفارسي والأقفال والمنسوجات القبلية والنسيج والحقائب القبلية وأغطية الخيل والأرضيات، وأوضح تنافولى أنه ليس رجل دين مضيفا "على الرغم من تحريم الإسلام للصور والأشكال المادية إلا أنه ترك كنزا كبيرا من الفنون الأخرى".

وجاءت فكرة عمل تصميمات من كلمة heech للمرة الأولى بعد فشل أول معرض رئيسي لتنافولي في عام 1965 حيث أغلق صاحب المعرض المكان بعد عدة أيام، وكان من بين الأعمال افنية في هذا المعرض سجادة فارسية يدوية الصنع بها قطع من المنتصف لإفساح مكان لإبريق المرحاض.

برويز تنافولي الفنَان الإيراني الذي صنع شيئَا من لا شيء

وكانت تصميمات Heech استجابة لهذا المعرض، وبيّن تنافولى "كنت أشعر بالإحباط وبأنه لا يمكنني الاستمرار بهذا الشكل، وفى هذه الأيام لم يحب أحد أعمالي ولا حتى المثقفين، لم أسمع حتى مجاملة واحدة، لأنم لم يرون أعمالا مشابهه، وتمثل كلمة heech العديد من المعاني والأشكال".

وعلى الرغم من أن السلطات الإيرانية صادرت بعض أعمال تنافولي في الأعوام الأخيرة أثناء نزاع على منزله في طهران إلا أنه أوضح أنه متفائل بشأن بلاده وأنه تأثر بشكل خاص بالفنانات، مضيفا " لقد شادت العديد من المواهب الفنية الرائعة وخاصة من الإناث، وتتصاعد المواهب النسائية في البلاد وهو ما يعد ظاهرة جديدة، ولم يكن لديهم فرصة كبيرة في الماضي ولكن اليوم،  يريدون التعبير عن أنفسهم والمشاكل التي يواجهونها في المجتمع، وهنا يعد الفن الوسيلة المثلى، وهناك شاعرات استطعن التعبير عن أنفسهم بشكل أفضل مثل فروغ فرخزاد وهى من أبرز الشاعرات الإيرانيات في القرن العشرين".

وبيَن تنافولى بعد نجاحه المقدر بمليون دولار في دار كريستيز وسوزيبى أن حياته لم تتغير مضيفا "أنا لا زلت نفس الشخص، نفس الرجل ولم يتغير أسلوب حياتي، ما زلت أرتدي نفس البدلة ونفس الحذاء ولا زلت أعيش في نفس المنزل ولدي نفس العائلة، وأحب أن أكون سفيرا للثقافة في بلدي، وأحيانا تركز وسائل الاعلام على جانب واحد فقط وتظهر الجانب السيء، ولكن هناك جانب جيد لكن الاعلام لم يغطيه جيدا، وأعتقد أنه يجب تغطية الجانب الجيد بنفس القدر حتى تستطيع الناس إصدار أحكام أكثر دقة".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

برويز تنافولي الفنَان الإيراني الذي صنع شيئَا من لا شيء برويز تنافولي الفنَان الإيراني الذي صنع شيئَا من لا شيء



GMT 02:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 02:58 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رحيل هاشم صديق شاعر الثورة وصوت الإبداع السوداني

فساتين سهرة رائعة تألقت بها ريا أبي راشد في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:44 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة
 العرب اليوم - كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة

GMT 10:33 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض
 العرب اليوم - تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض

GMT 02:31 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

زلزال قوي يضرب جزر الكوريل الروسية ولا أنباء عن خسائر

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 05:53 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أكبر معمرة في إيطاليا عمرها 114 عاما

GMT 08:49 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 05:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

محكمة روسية تصادر ممتلكات شركة لتجارة الحبوب

GMT 07:55 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي يودي بحياة 9 فلسطينيين بينهم 3 أطفال في غزة

GMT 05:29 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر في البرازيل لـ10 قتلى

GMT 12:22 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

مدير منظمة الصحة العالمية ينجو من استهداف مطار صنعاء

GMT 02:29 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب الفلبين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab