الطائف ــ محمد الغامدي
تنطلق فعاليات وأنشطة سوق عكاظ الترفيهية والثقافية في دورته الثامنة في الطائف، الخميس، وسط إقبال كبير من السائحين لمشاهدة السوق كمعلم تاريخي ضارب في جذور الماضي، ما زال يحتفظ بعبق التاريخ وبريق الحاضر.
ويجد زائر السوق مفارقة تجمع بين التقنيات الحديثة التي تم توفيرها في مكان المهرجان، مع جغرافية المكان وقيمته التاريخية الأصيلة التي تم تحديدها بعد دراسة الآثار المتاحة وتحديد الأودية والجبال وفق الوثائق المدروسة بعناية لتحديد موقع السوق بدقة وبكفاءة علمية.
وحظي سوق عكاظ باهتمام قادة هذا البلد بهدف دفع مسيرة الثقافة والوعي والأدب في السعودية، إيمانا منهم بالقيمة الثقافية الريادية لسوق عكاظ وما يمكن أن يمثله السوق للحركة الثقافية والأدبية في هذا الوطن.
وتأتي أهمية سوق عكاظ في كونه ملتقى يقصده المثقفون والمهتمون بشؤون الأدب والثقافة، مستمتعين بالعروض الشعبية الأصيلة، ومنصتين إلى الكلمة الشاعرية العذبة، ومستمتعين بالقيمة المعرفية والثقافية التي يقدمها السوق من خلال ندوات السوق ومحاضراته وفعالياته.
وتتنوع الأنشطة في سوق عكاظ لتقدم للزائر مهرجانا ثريا في محتواه، يعيد تأصيل القيم الأخلاقية والتاريخية والثقافية لدى العرب، باتصاله بسوق عكاظ التاريخي الذي مثّل هذا الدور لدى العرب وقبائلها.
كما يعيد سوق عكاظ إلى الأذهان أمجاد العرب وتراثهم الأصيل، ويستعرض ما حفظه ديوان العرب من عيون الشعر ومعلقاته، ويقدم في كل مهرجان احتفالا واحتفاء بأحد شعراء المعلقات لتؤكد اتصال التراث بالحاضر، وتجدد المحافظة على الماضي وما حفل به من تاريخ وأحداث وأمجاد.
ويقدم سوق عكاظ عددًا من الفعاليات والمنافسات والجوائز على مستوى الوطن العربي، حيث يغطي مساحة واسعة من الإبداع الفني ابتداء من الشعر مرورا بالفن التشكيلي والتصوير الضوئي والخط العربي وانتهاء بالفولكلور والحرف.
وأكد المشرف التنفيذي لسوق عكاظ في دورته الثامنة الدكتور راشد الغامدي جاهزية موقع سوق عكاظ بالعرفاء لاحتضان المناسبة الثقافية الكبرى التي يطلقها مشعل بن عبد الله أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية العليا للسوق في 24 من كانون الثاني/يناير.
وأشار الغامدي إلى أن اللجان والجهات المشاركة والمساندة أكملت جاهزيتها لإعادة أمجاد سوق عكاظ وإيصال إرثه الثقافي الذي يمتد لنحو قرن ونصف إلى الأجيال التي تتوق للتواصل مع جيل الرواد من الشعراء أصحاب المعلقات الذين أثروا المكتبات العربية بأدبهم وقصائدهم.
ونوه إلى أن الثقافة التاريخية للسوق نبعت من المكانة والدور التاريخي الذي اضطلع به، إذ لم يكن مجرد سوق تجاري فحسب بل كان مؤتمرا ضخما يجمع العرب ويلفهم حول الأدب والفروسية، مضيفا أن عكاظ أيضا كان له دور بارز في نواحي النشاط الإنساني في الجزيرة العربية.
وقال الغامدي "عكاظ كان مهدا لسيادة اللغة العربية كلغة نزل بها القرآن الكريم، ولذا حرص القائمون عليه على أن يستمر في أداء رسالته التاريخية المتمثلة في الحفاظ على الأدب العربي والثقافة المتجذرة في عمق التاريخ العربي". ونوّه إلى أن القائمين على سوق عكاظ أخذوا في الاعتبار المحافظة على الثقافة العربية بشتى أذرعها، فجاءت فعالياته مستمدة من أصالته المتمثلة في إلقاء الشعر ونظمه وعقد الندوات والمحاضرات والأمسيات الشعرية والفروسية وعرضها وسير قوافل الهجن، واستذكار المشاهد التاريخية، وتصوير الحياة الاجتماعية للعرب القدامى في سوقهم لنقلها للعرب في عصرهم الحالي وربط الماضي بالحاضر والمستقبل".
وذكر الدكتور الغامدي أن جادة عكاظ ترمي إلى نشر ثقافة التراث بين الأجيال من خلال قاعات لعرض المقتنيات الأثرية المستمدة لمكوناته من الطبيعة المحيطة والإمكانات البسيطة والمتاحة، ويهدف هذا التنوع إلى التعريف بأعمال المتفوقين من الحرفيين وخلق فرصة للتبادل المعرفي والثقافي بين الحرفيين، كذلك لتسخير المناسبة لإيجاد أرض خصبة لتلاقح الخبرات وإيجاد فرص عمل للمشاركين".
وفي جانب الثقافة العصرية، أوضح المشرف التنفيذي لسوق عكاظ أن محوره الأساس يرتكز على استحضار عكاظ المستقبل من خلال إقامة معارض عدة تشمل عكاظ المستقبل وتشترك فيه أكثر من 24 جامعة تحاكي فيه الإبداعات والابتكارات والاختراعات والأبحاث العلمية التي تنطلق من الحاضر وتنفتح على متطلبات المستقبل.
وأضاف أن وزارة الثقافة والإعلام تشارك في معرض الكتاب الإلكتروني، الذي يعتبر أول معرض عن الكتاب الإلكتروني على مستوى المملكة ويضم جناحين الأول مخصص للناشرين ويرمي لتسهيل مهمة إدخال بياناتهم والنسخ الإلكترونية لإصدارتهم، وثان لخدمة المستخدم والقراء ويمكنهم من البحث عن الأسماء والكتب والمطبوعات.
وذكر الدكتور الغامدي أن معرض مكتبة الملك عبد العزيز يهدف إلى إبراز الدور الثقافي والاجتماعي للمكتبة وإيصال رسالتها الثقافية لأكبر شريحة من المجتمع وعرض أكثر الصور ندرة لخادم الحرمين الشريفين ومهرجان مكتبة الطفل، كذلك تشارك مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وتسخر إمكاناتها للتواصل مع المجتمع ودعم التوجهات الوطنية والإسهام في المعرفة الإنسانية والتعريف بدور المدينة في "الخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار" وكذلك ركن الطفل والأجهزة العلمية والإصدارات.
ولفت إلى أن معرض وزارة التربية والتعليم يتولى التعريف بأهمية الخط العربي وتطور أساليبه على مر العصور وتقدم التربية جائزة قدرها 100 ألف ريال للفائزين الذين تتاح لهم المشاركة من داخل المملكة وخارجها، كذلك يهدف معرض التصوير الضوئي إلى تأكيد أهمية الصورة في نقل وتوثيق المنجزات الحضارية العربية وتأكيد أصالتها وتقدم المسابقة على المستوى المحلي العربي وتحكم ويحقق الفائزين فيها جوائز نقديه قيمتها 100 ألف ريال.
أرسل تعليقك