لندن ـ ماريا طبراني
تحظى الهواتف الذكية بمزايا وعيوب مثل كل الأدوات التكنولوجية، ويرتبط ذلك بطريقة استخدامها، فربما تكون الهواتف وسيلة جيدة للبقاء على تواصل ومعرفة معلومات جديدة وتنسيق الأنشطة الاجتماعية، وعلى الجانب السئ تؤثر الهواتف سلبا على التركيز والتواصل والنوم، كما تزيد من خوف الفقد والتسويف والإجهاد، ويجب مراعاة هذه العواقب السلبية وخاصة بالنسبة للمراهقين حيث أن أدمغتهم تعمل بشكل مختلف عن أدمغة البالغين وهم أكثر عرضة للضغط من أقرانهم وأقل قدرة على ضبط أنفسهم.
وكشفت دراسة أجريت عن الإلهاء أنه فى كل مرة ينصرف العامل فى أحد المكاتب للرد على رسالة نصية فإنه يستغرق ما معدله 25 دقيقة لإعادة تركيزه على مهمته الأصلية، وهذا ما يزيد من إشكالية أن يقوم الطلاب بأداء واجباتهم المدرسية وهواتف بالقرب، ومن المعتقدات الخاطئة أن بعض الناس يمكنهم أداء العديد من المهام فى نفس الوقت، ويجب آلا تكون هواتف الطلاب بالقرب حتى لا يتعرضوا للتشتيت، ووجد الباحثون أنه فى المهام التى تتطلب اتمام واحتياجات معرفية يعد وجود الهاتف بالقرب سبب للتشتيت.
وخلصت إحدى الدراسات إلى أن الحديث عبر الهواتف النقالة يؤثر على التواصل وجها لوجه حتى إذا لم يكن المستخدمين على وعى بذلك، حيث أجريت دراسة على مجموعة من المشاركين الغرباء وطلب منهم التحدث إلى بعضهم البعض لمدة 10 دقائق، وتحدث نصف المشاركين عبر الهواتف النقالة بينم استخدم النصف الأخر دفتر للتواصل، وأوضح من تواصلوا معا عبر الهاتف على الرغم من جلوسهم معا أنهم أقل احتمالا لأن يصادقوا من تحدثوا معه عبر الهاتف النقال وأنهم لا يشعرون بالود تجاهه.
وتعد الهواتف الذكية خطيرة على المراقين المصابين ب "الفومو" ويقصد ب الخوف من فقد اللذة والمتعة التى يحظى بها الجميع، ويتعرض هؤلاء لمزاج سئ ويزيد قلقهم ويكونون أكثر عرضة للتحقق من هواتفهم وحساباتهم على وسائل الاعلام الاجتماعية حتى فى الفصل الدراسى، ويؤدى استخدام الهاتف الذكى كثيرا فى المساء إلى الذهاب للفراش متأخر ما يجعلك تحصل على ساعات نوم أقل فضلا عن انخفاض جودة النوم، ويرجع تأثير الهاتف على النوم إلى إفراز هرمون الميلاتونين، والذى يتم إفراز فى الساعة التاسعة مساء، ولكن مع وجود خلفية الهاتف المضيئة فربما ينخدع العقل ويشعر أن النهار ما زال ولا يفرز هرمون النوم، ويعنى أن استخدامك للهاتف حتى وقت متأخر يجعل عقلك واعيا ونشطا فى الوقت الذى يفترض أن تشعر فيه بالاسترخاء والنوم.
وتساعد الهواتف الذكية على زيادة التسويف لدى المراهقين، حتى أن 75% من طلاب الجامعات الأمريكية يعتبرون أنفسهم مسوفين، وإذا سأت الطلاب ماذا يفعلون بعد التسويف تجدهم يتجهون إلى هواتفهم النقالة ووسائل الاعلام الاجتماعية أو الرسائل النصية أو الألعاب أو التسوق، حقا إن الهواتف لا تحول الطلاب إلى مسوفين لكنها تعد من بين وسائلتهم للمماطلة، ويؤثر الإفراط فى استخدام الهاتف المحمول على الصحة النفسية للأشخاص، حيث يرتبط استخدامه بالقلق والتوتر ونفاذ الصبر، وأوضحت دراسة أن 60% من الشباب شعروا بالتوتر والقلق عندما لم يتمكنوا من الوصول إلى هواتفهم.
وأشارت دراسة حديثة إلى أن الطلاب الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 19 إلى 24 عامًا يقضون 95 دقيقة يوميًا فى الرسائل النصية و49 دقيقة فى البريد الإلكتروني و39 دقيقة على الفيسبوك، وأن الشابات أكثر عرضة لإدمان الهاتف النقال عن الشباب، فضلا عن شعور مدمني استخدام الهاتف بهزات وهمية أو مراجعة هواتفهم حتى فى حالة عدم وجود رسائل، وكشفت أبحاث معهد Pyschiatry عن البالغين الذين يتركون عملهم من أجل رسائل البريد الإلكتروني أو الهاتف يعانون من انخفاض درجات ذكائهم بمقدار 10 درجات.
وكشف تقرير صادر من مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسة عن تحسن الدرجات فى المدارس التى حظرت الهواتف المحمولة، إلا أن منع الهواتف يعد قضية مثيرة للجدل بين الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين، وتتداخل الهواتف فى حياتنا اليومية بشكل كبير وحتى إذا منعت فى المدارس فإن المراهقين يمكنهم استخدامها خارج المدرسة لوقت طويل، وهناك بعض النصائح التى تفيد المراهقين فى التحكم فى استخدامهم للهواتف النقالة.
ويمكنك أن تساعد الطلاب حتى يضعون الهواتف بعيدًا أثناء عمل الواجبات المنزلية للتحكم فى البيئة المحيطة بالطلاب فى المنزل من خلال الوالدين، ويمكنك أن تطلب من الطلاب أن يجعلوا إضاءة هواتفهم خافتة فى الفترة التى تسبق ذهابهم للفراش، وعلى مساعدة الطلاب حتى يستوعبوا أن الأشخاص ليسوا سعداء فى الحقيقة كما يبدوا على الفيس بوك وأنهم يرسمون صورة زائفة لأنفسهم عبر الأنترنت وتشجيعهم على عدم إضاعة الكثير من الوقت فى مقارنة أنفسهم بالأخرين.
ويجب عليك شرح خرافة القيام بمهام متعددة فى وقت واحد، حتى يتأكدوا أنه إذا حاول الشخص عمل شيئين فى نفس الوقت فإن أدائه حتما سينخفض فى إحداهما إما من حيث السرعة أو الدقة، وربما يؤدى هذا إلى مناقشة مثمرة عن الأشياء التى تشتت الطلاب أثناء عمل الواجبات.
أرسل تعليقك