ستوكهولم ـ العرب اليوم
أصبح من المحتم الآن أن يكون عام 2023 الأكثر دفئا، الذي سجلته البشرية على الإطلاق، وربما الأكثر دفئا منذ 125000 عام على الأقل. وتم تحطيم سجلات درجات الحرارة المتعددة، حيث بلغ متوسط درجات الحرارة العالمية في بعض الفترات أعلى بكثير من 1.5 درجة مئوية. ويتسارع فقدان الجليد البحري في القطب الجنوبي بمعدلات مخيفة إلى جانب العديد من المؤشرات الأخرى للتغير المناخي السريع.
ويتوقع معظم الناس أنه إذا تعرض نظام ما، مثل جسم شخص ما، أو النظام البيئي، أو جزء من النظام المناخي، للضغط، فإنه سيستجيب بشكل متوقع إلى حد ما عبر مضاعفة الضغط والتأثير، وما إلى ذلك.
ولكن، في بعض الأحيان يتغير النظام تحت الضغط بشكل ثابت (أو "خطي") إلى حد ما، ولكن بعد ذلك يمكن أن تتم تغييرات أكبر أو مفاجئة.
ويحتوي النظام المناخي على العديد من نقاط التحول المحتملة، مثل اختفاء الصفائح الجليدية أو أن تصبح الغابات المطيرة الكثيفة أكثر جفافا وأكثر انفتاحا. وسيكون من الصعب جدا، بل من المستحيل فعليا، استعادة هذه الأنظمة بمجرد تجاوزها نقطة التحول.
ونشر نحو 200 عالم من جميع أنحاء العالم تقرير نقاط التحول العالمية الجديد في محادثات الأمم المتحدة للمناخ COP28 في دبي.
ويحدد التقرير الجوانب العلمية المتعلقة بنقاط التحول "السلبية" في نظام الأرض، والتي يمكن أن تضر بالطبيعة والناس على حد سواء، بالإضافة إلى نقاط التحول المجتمعية "الإيجابية" المحتملة التي يمكن أن تسرع إجراءات الاستدامة.
نقاط التحول في الجو والبر والبحر
بعد البحث في الأدلة العلمية عن التغيرات الماضية والحالية، ووضع توقعات نماذج الكمبيوتر في الاعتبار، تمكن الباحثون من تحديد أكثر من 25 نقطة تحول في نظام الأرض، ست نقاط منها تقع في الأجزاء المغطاة بالجليد من الكوكب (الغلاف الجليدي)، بما في ذلك انهيار الصفائح الجليدية الضخمة في غرينلاند وأجزاء مختلفة من القارة القطبية الجنوبية، بالإضافة إلى الانقلاب المحلي في الأنهار الجليدية وذوبان التربة الصقيعية.
وتقع ست عشرة نقطة في "المحيط الحيوي"، مجموع جميع النظم البيئية في العالم، بما في ذلك الأشجار التي تموت على نطاق واسع في أجزاء من الأمازون والغابات الشمالية، وتدهور السافانا والأراضي الجافة.
وحدد الباحثون أربع نقاط تحول محتملة في دوران المحيطات والغلاف الجوي، بما في ذلك انهيار اختلاط أعماق المحيطات في شمال المحيط الأطلسي وفي المحيط الجنوبي حول القارة القطبية الجنوبية، وتعطيل الرياح الموسمية في غرب إفريقيا.
وتدفع الأنشطة البشرية بالفعل بعض هذه الأمور إلى الاقتراب من نقاط التحول.
وقد يكون من الصعب فهم عواقب تجاوز نقاط التحول هذه. على سبيل المثال، إذا ماتت أجزاء من غابات الأمازون المطيرة، فسنفقد عددا لا يحصى من الأنواع، وسيتفاقم الانحباس الحراري العالمي مع وصول مليارات الأطنان من الكربون المحتجزة حاليا في الأشجار والتربة إلى الغلاف الجوي.
ويمكن أن يتسبب ذلك في آثار اقتصادية بتريليونات الدولارات، ويعرض ملايين الأشخاص للحرارة الشديدة.
وهناك أيضا احتمال حدوث انقلاب سلبي في المجتمعات البشرية، ما يتسبب في مزيد من عدم الاستقرار المالي أو النزوح أو الصراع. وهذا من شأنه أن يعيق جهودنا للحد من المزيد من نقاط التحول في نظام الأرض، بل ويمكن أن يؤدي إلى التحول إلى نظام اجتماعي يتميز بمزيد من الاستبداد والعداء والعزلة التي يمكن أن تعرقل تحولات الاستدامة تماما.
ويوضح تقرير نقاط التحول العالمية أن تغير المناخ يشكل محركا رئيسيا لأغلب نقاط التحول هذه، ومن الممكن الحد من خطر تجاوز هذه النقاط من خلال خفض انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري الكوكبي إلى الصفر على وجه السرعة.
وللمساعدة في منع نقاط التحول في المحيط الحيوي، سنحتاج أيضا إلى تقليل فقدان الموائل والتلوث بسرعة مع دعم استعادة البيئة وسبل العيش المستدامة.
التقرير من إعداد جيمس دايك، الأستاذ المشارك في علوم نظام الأرض، جامعة إكستر، وديفيد أرمسترونغ ماكاي، الباحث في مرونة نظام الأرض، جامعة ستوكهولم.
قد يهمك ايضا
الأمم المتحدة تحسم جدل ثقب الأوزون و"كورونا"
انخفاض غير مسبوق لطبقة الأوزون فوق القطب الشمالي
أرسل تعليقك