لندن ـ كاتيا حداد
في عمق غابات "الأمازون" الغربيَّة المطيرة، تعيش فراشات تشرب من دموع السلاحف. مع أنّ الأمر يبدو وكأنه روايَّة من روايات الخيال، إلا أنه واقع يمثل بعضًا من عجائب وغرائب الطبيعة.
ففي مشهد غير عادي، تجتمع أسراب من الفراشات حول عيون السلاحف في النهر الأصفر، في محاولة للحصول على رشفة تروي بها عطشها. أما السلاحف المسكينة فتحاول جاهدة إبعادها، ولكن هذه الفراشات العنيدة لا تبتعد عنها وتستمر في عنادها حتى تشبع من دموع السلاحف.
الفراشات تنجذب إلى دموع السلاحف
ونقل موقع "لايف ساينس" عن فيل توريس، وهو عالم في مركز تامبوباتا للبحوث في بيرو، تأكيده أنّ الفراشات تنجذب إلى دموع السلاحف، لأن قطرات السائل تحتوي على الصوديوم والمعادن التي تندر في منطقة الأمازون الغربية. بينما تحصل السلاحف على الكثير من مادة الصوديوم من خلال نظامها الغذائي كونها من آكلة لحوم، والفراشات العشبيَّة تحتاج إلى مصادر معدنيَّة إضافيَّة.
وأوضح توريس أنّ غابات "الأمازون" الغربية المطيرة تقع على بعد أكثر من 1000 ميلاً من المحيط الأطلسي الذي يعتبر المصدر الرئيسي للأملاح. كما أن المنطقة بعيدة عن المصادر المعدنية المتوفرة في جبال "الإنديز". ومعظم هذه المعادن التي يحملها الهواء يقضي عليها المطر قبل أن تتاح لها الفرصة للوصول إلى غرب الأمازون.
وتؤدي هذه العوامل إلى انخفاض شديد في مستويات الصوديوم. وبالتالي فإن الفراشات توجهت إلى أفضل مصدر متاح أمامها وهو دموع السلاحف وبول الحيوانات، والوحل في ضفاف النهر والبرك، والملابس التي تفوح منها رائحة العرق.
ويشير توريس إلى أنه من غير الواضح حتى الآن، ما إذا كانت السلاحف تتضرر أو تتألم من هذه العملية. لكنه لا يتوقع أن هذا الأمر سيضر بهذه البرمائيات الكبيرة. ولكنها على الأرجح قد تعيق رؤيتها لدقائق مما يجعلها عرضة للفرائس.
والنحل أيضًا
ويؤكّد جيف جاليس، وهو طالب جامعي يتخصص في دراسة علم الحشرات في متحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي، أنّ السلاحف لديها ما يكفي من الدموع لتغذية الفراشات، وذلك ببساطة لأن الفراشات تأخذ القليل جدًا.
وذكر أنّ الفراشات ليست الحشرات الوحيدة التي تمتص دموع السلاحف، فالنحل أيضًا يتغذى من دموعها ليأخذ ما يحتاجه من الأملاح المعدنية والأحماض الأمينية، وهذه الحشرات هي الأكثر إزعاجًا بسبب الطنين الذي تصدره.
ولا تحدث هذه الظاهرة الطبيعية المدهشة في أي مكان آخر، وهي خاصة بمنطقة الأمازون الغربيَّة.
أرسل تعليقك